يبدأ الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي اليوم (الأحد) زيارة رسمية الى واشنطن، هي الأولى من نوعها إلى العاصمة الأميركية، يلتقي خلالها الرئيس الأميركي دونالد ترامب في البيت الأبيض غداً (الاثنين)، في قمة استبقها غزل متبادل، ورغبة مشتركة في إعادة الدفء الى العلاقات بين البلدين، لكن الزيارة فتحت تساؤلات حول مستقبل جماعة «الإخوان المسلمين»، وإمكانية أن تلبي واشنطن رغبة القاهرة في تصنيفها جماعة إرهابية، على رغم ان دوائر مصرية تستبعد ان «تُقدم إدارة ترامب على تلك الخطوة على رغم تأييد ترامب نفسه لها». ويوضح مراقبون أن الإدارة الأميركية تلقت تحذيرات من مراكز بحثية ودوائر صناعة القرار من ان المضي في «تصنيف الإخوان جماعة إرهابية سيضع علاقة واشنطن على المحك مع دول يقودها الإخوان، وأخرى في المنطقة العربية تشارك الجماعة في الحكم ولها نفوذ في صناعة القرار». لكن الأوساط المصرية ترجح أن تمضي واشنطن في تصنيف «بعض الأفرع التابعة للجماعة والشخصيات المحسوبة عليها والتي تورطت بالفعل في قضايا إرهاب، وسيجري تعاون أمني بين القاهرةوواشنطن في هذا المجال». وكانت القاهرة وعدد من العواصم العربية صنفت «الإخوان المسلمين» جماعة إرهابية عام 2013، وحلت ذراعها السياسية (حزب الحرية والعدالة)، كما أنها طلبت من الإنتربول الدولي تسليم عدد من أبرز قادتها والفارين في الخارج والمتورطين في قضايا إرهاب وعنف. وفيما توجه الرئيس المصري أمس إلى الولاياتالمتحدة، التي يصلها اليوم (السبت)، تلبية لدعوة الرئيس الأميركي، أوضح الناطق باسم الرئاسة المصرية السفير علاء يوسف بأن الزيارة «تأتي في إطار حرص الجانبين على تنمية العلاقات الإستراتيجية التي تجمع بين البلدين، وبحث سبل تعزيزها خلال الفترة المقبلة، وزيادة التنسيق مع الإدارة الأميركية لإعادة الزخم إلى تلك العلاقات وتطويرها في مختلف المجالات». وأشار إلى أن الزيارة، وهي الأولى للسيسي منذ تولي ترامب مهمات منصبه في البيت الأبيض، «ستتناول عدداً من الملفات ذات الصلة بالعلاقات الثنائية فضلاً عن الموضوعات المطروحة على الساحتين الإقليمية والدولية»، وأضاف أن برنامج الزيارة يشمل لقاءات للرئيس المصري مع عدد من الوزراء الأميركيين وممثلين لدوائر صنع القرار في الولاياتالمتحدة، فضلاً عن لقاءات متعددة مع أعضاء الكونغرس الأميركي من الحزبين الجمهوري والديموقراطي ورؤساء عدد من اللجان في مجلسي النواب والشيوخ، ل «عرض الرؤية المصرية للأزمات الإقليمية وكيفية التعامل معها، ولبحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية، بما يساهم إيجاباً في زيادة التعاون المشترك بين البلدين في مختلف المجالات». وتابع يوسف أن الشأن الاقتصادي سيكون حاضراً، إذ يجتمع السيسي ب «قيادات غرفة التجارة الأميركية ورؤساء كبرى الشركات الأميركية لبحث فرص الاستثمار في مصر، على ضوء التقدم المحرز على صعيد الإصلاح الاقتصادي في مصر، والإجراءات التي تتبناها لتشجيع الاستثمارات الأجنبية وتنفيذها عدداً من المشروعات القومية. ومن المقرر أن يتضمن برنامج السيسي لقاء كل من رئيس البنك الدولي ومديرة صندوق النقد الدولي، لبحث فرص تعزيز التعاون القائم بين مصر والمؤسستين الدوليتين في مختلف المجالات الاقتصادية». وكان مسؤول كبير في البيت الأبيض أكد أن الرئيس الأميركي «سيسعى إلى إعادة بناء العلاقات مع مصر خلال اجتماعه الاثنين مع السيسي، مع التركيز على القضايا الأمنية والمساعدات العسكرية»، وأضاف ان ترامب «يريد استغلال زيارة السيسي لتأسيس بداية جديدة للعلاقات الثنائية وتعزيز الصلات القوية التي أقامها الرئيسان عندما اجتمعا أول مرة في نيويورك في أيلول (سبتمبر) الماضي». وكانت العلاقات بين البلدين توترت خلال العقد الأخير ووصلت الخلافات أوجها في أعقاب عزل الرئيس السابق محمد مرسي عام 2013، والتي تبعها تجميد الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما المساعدات العسكرية. وأشار المسؤول الأميركي للصحافيين إلى أن علاقة ترامب مع السيسي «شهدت بداية جيدة قبل انتخابات الرئاسة الأميركية أثناء اجتماع في نيويورك في أيلول (سبتمبر) الماضي عندما كان ترامب مرشح الحزب الجمهوري، وأن ترامب يؤيد نهج السيسي في مكافحة الإرهاب الذي يشمل الجهود العسكرية والسياسية إضافة الى مساعيه لإصلاح اقتصاد مصر ودعواته إلى إصلاح وتجديد الخطاب الديني». وسئل المسؤول عما إذا كانت الولاياتالمتحدة ستصنف «الإخوان المسلمين» جماعة إرهابية، مثلما فعلت مصر، فقال إن ترامب مهتم بسماع آراء السيسي، وأضاف «نحن، إلى جانب عدد من الدول، لدينا بعض المخاوف في شأن نشاطات متعددة مارستها جماعة الإخوان في المنطقة». وكان السيسي التقى أمس في القاهرة قبل مغادرته الى واشنطن، رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة بيتر طومسون، بحضور وزير الخارجية سامح شكري، حيث أكد الرئيس المصري اهتمام بلاده ب «منظمة الأممالمتحدة والعمل الدولي المتعدد الأطراف، وحرصها على الاضطلاع بمسؤولياتها تجاه تطوير دور المنظمة بما يساهم في مواجهة التحديات الدولية الراهنة»، وأشار إلى حرص مصر على «إرساء دعائم السلم والأمن والاستقرار العالمي، والاستمرار في المشاركة بفعّالية في مهمات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة مساهمة منها في مساندة جهود المنظمة في مجال حفظ السلم والأمن الدولي». ونقل بيان رئاسي مصري إشادة طومسون ب «دور مصر المحوري في منطقة الشرق الأوسط باعتبارها ركيزة أساسية للأمن والاستقرار، وحرصها على التوصل إلى تسويات سياسية لمختلف الأزمات التي تمر بها المنطقة». وأكد الناطق باسم الرئاسة السفير علاء يوسف أن اللقاء شهد استعراضاً لآخر التطورات الإقليمية، حيث أكد السيسي أهمية تضافر جهود المجتمع الدولي للتوصل إلى تسويات سياسية للأزمات التي تمر بها المنطقة، بما يساهم في الحفاظ على وحدة دولها وسلامة أراضيها وصون مقدرات شعوبها. كما تطرق اللقاء إلى سبل تعزيز الجهود الدولية المبذولة في سبيل تحقيق أجندة التنمية المستدامة 2030، حيث أوضح السيسي ضرورة قيام الأممالمتحدة بحشد الإمكانات كافة لتوفير التمويل اللازم، لاسيما للدول الإفريقية لتمكينها من تفعيل أجنداتها الوطنية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة. وزار طومسون مشيخة الأزهر حيث كان في استقباله شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، حيث أعرب عن إعجابه بجهود شيخ الأزهر، التي ترسخ للسلام والحوار ليس فقط بين الإسلام والمسيحية بل وبين كل الأديان. وأوضح طومسون أن مجابهة الإرهاب «تكون عبر طرق عدة أولها قطع الإمدادات المادية والعسكرية عن الإرهابيين، وثانيها خلق تنمية للمجتمعات الفقيرة، وثالثها الحوار بين الأديان، وهو ما يؤكد أهمية رسالة الأزهر ودوره في مواجهة الفكر المتطرف، موجهاً الشكر باسم الأممالمتحدة للإمام الأكبر على ما يقوم به من إرساء للسلام العالمي، آملاً بأن يسمع العالم صوت شيخ الأزهر من خلال الأممالمتحدة». وأعرب الطيب عن تقديره رؤية رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة حول طرق مواجهة الإرهاب، مؤكداً أن الحوار الديني «لا يمكن أن يؤثر في إيقاف هذا الوحش الذي يسمى الإرهاب، ما لم تكن هناك سياسة عالمية تعمل بعدل مطلق، وما لم يتوقف استغلال دماء الفقراء». وأضاف أن المؤسسات الدولية التي أنشئت من أجل ترسيخ السلام والعدل، «يقع على عاتقها جزء كبير من المسؤولية للتأثير في أصحاب القرار في العالم»، مبيناً أن الأزهر «قام بجهود كبيرة لمد جسور الحوار مع قادة الأديان، حيث التقى قادة كنيسة كانتربري ومجلس الكنائس العالمي وبابا الفاتيكان، وفي كل اللقاءات أكد براءة الإسلام وكل الأديان من الممارسات الإرهابية». ووفقاً للبيان جال طومسون، فى مرصد الأزهر العالمي باللغات الأجنبية، وتعرف على آلياته لرصد ما تبثه التنظيمات الإرهابية باللغات المختلفة والرد عليها بالطرق والوسائل نفسها التي تستخدمها هذه التنظيمات؛ كما تفقد مركز الفتوى الإلكترونية في مرحلته التجريبية، الذي يجيب عن الاستفسارات التي ترد إليه من كل أنحاء العالم؛ للقضاء على فوضى الفتاوى من قبل غير المتخصصين، وأكد أنه «إذا كنا نتحدث عن مكافحة الإرهاب فإن الطريقة المثلى لمواجهته هي ما يقوم به الأزهر من خلال مرصده العالمي باللغات الأجنبية».