ينتظر صانع الفخار زكي الغراش زوار جناحه في مهرجان «الساحل الشرقي» في نسخته الخامسة، ليبوح لهم أسرار مهنته التي تتوارثها أسرته، ومنها اكتسبت اسمها. وتعد صناعة الفخار من الحرف التقليدية التي تبرز تراث منطقة الخليج العربي، واهتم بها أبناء المنطقة منذ القدم، لاحتياج الناس إلى استخدام الأدوات والأواني الفخارية في طهي الطعام وحفظه وتبريد الماء، ولا تزال هذه الحرفة موجودة في المنطقة، لوجود من يطلب ويستخدم الفخاريات. ويمارس الغراش مهنته في المهرجان الذي ينظمه مجلس التنمية السياحية في المنطقة الشرقية حالياً، في منتزه الملك عبدالله بالواجهة البحرية في كورنيش الدمام، بحرفية ودقة وإتقان؛ ما جعل زوار المهرجان يتوقفون عنده ليتعرفوا إلى هذه الحرفة القديمة وكيفية صناعتها، وخصوصاً جيل الصغار الذين لا يعرفونها، فيما يستعيد الكبار ذكريات الماضي. وأوضح الغراش، وفقاً لما نقلته وكالة الأنباء السعودية (واس)، أن صناعته تعد من الحرف القديمة التي مارسها الحرفيون في الماضي لطلب الرزق، مشيراً إلى سبب تمسكه بهذه الحرفة ليس بهدف العائد المادي فقط، وإنما لعشقه لهذه الحرفة على رغم مشقة ممارستها، وكذلك لأنها حرفة آبائه وأجداده، لافتاً إلى أنه تعلمها على يد والده من صغره، منذ 26 عاماً، وقام بتعليمها إلى من يصغره سناً من إخوته، والآن يسعى لتعليمها أولاده، متمنيا أن تبقى هذه الحرفة التراثية القديمة وتستمر ويتعلمها الأجيال المقبلة جيلاً بعد آخر. وتمر صناعة القطع الفخارية بأربع مراحل؛ الأولى هي اختيار التربة الخاصة المسماة ب«الطين» الذي يحضره من بلدات الخويلدية والقديح والجارودية في محافظة القطيف، والثانية تتمثل في وضع الطين في أحواض ماء لتتم فيها تصفيته، ومن ثم يداس عليه بالأقدام ويترك لمدة نصف نهار كي يتخمر، ويصبح بالإمكان بعدها تصفيته من طريق مكنة خاصة. أما المرحلة الثالثة فيتم فيها أخذ جزء من الطين بمقدار الحاجة لتصنيع القطعة المراد صنعها، حيث يتم تشكيلها وتفريغها من الهواء، ثم توضع في مكان ظل مناسب إلى حين جفافها. وتتمثل المرحلة الأخيرة في إدخال الأواني بعد جفافها في الأفران الخاصة بعملية الحرق التي تتراوح مدتها من 18 إلى 24 ساعة للقطع الفخارية الكبيرة ومن خمس إلى ست ساعات للقطع الفخارية الصغير، وبعد الانتهاء من عملية الحرق تصبح القطع جاهزة وتعرض للبيع. وقال الغراش: «إن أكبر الصعوبات التي تواجهني في هذه المهنة تتمثل في قلة اليد العاملة، وعدم وجود مكان لتخزين الطين»، مشيراً إلى أن زبائنه من مختلف الفئات، كل بحسب حاجته ونظرته، فمنهم من يقتنيها قطعاً تراثية، ومنهم من يقتنيها تحفاً للزينة، ومن يقتنيها للطعام والطبخ فلقناعته أنها أكثر صحية من الأواني المنزلية المعدنية. ويسعى زكي الغراش لتطوير هذه الحرفة من خلال تصميم أشكال جديدة وابتكارات حديثة، مثل الزخارف والرسم على المشغولات الفخارية، وتلوين بعضها الآخر، لافتاً إلى أن أكثر الفخاريات مبيعاً هي المبخر، والحب، والقدر، والحصالة، وتحف الزينة.