انتخابات برلمانية صاخبة شهدتها مصر خلال الأيام القليلة الماضية صاحبتها تغطية إعلامية مصرية وعربية خصبة ومكثفة، رصدتها لجنة متابعة وتصحيح الدعاية الإعلامية والإعلانية لانتخابات مجلس الشعب، التابعة لاتحاد الإذاعة والتلفزيون المصري، للوقوف على أي تجاوزات من القنوات فضائية. ومن القنوات التي تصادمت مع وزارة الإعلام المصرية بسبب التغطية الانتخابية قناة «الحرة» إذ تقدم وزير الإعلام أنس الفقي ببلاغ ضد القناة إلى النائب العام للتحقيق في ما اعتبرته الوزارة اختراقاً للحظر الإعلامي في يوم الصمت لاستضافة القناة لمرشحتين رغم قرار اللجنة العليا للانتخابات الملزمة بوقف أي دعاية انتخابية لمدة 24 ساعة قبل موعد بدء الاقتراع. وعلى رغم إشادة رئيس «الحرة» براين كونيف بالتسهيلات التي وفرتها الحكومة المصرية لتغطية الانتخابات البرلمانية، ومن بينها نافذة إعلامية ووسائل الاتصالات عبر الأقمار الإصطناعية وتمكن فريق العمل الخاص ب «الحرة» من دخول مراكز الاقتراع ونقل الأحداث على الأرض في محافظات عدة، إلا أن ذلك لم يشفع للقناة. عين الريبة من جانبه، أوضح طارق الشامي مدير مكتب «الحرة» في القاهرة ومقدم برنامج «حوار القاهرة»، أن ما عرض يوم السبت على القناة كان فجراً، وهو عبارة عن إعادة لحلقة يوم الجمعة التي دار محورها حول «كوتا» المرأة. منذ عام تقريباً طرحت إدارة «الحرة» فكرة البرنامج حيث كانت مناقشة الموضوع ودراسته بين الشامي ومدير القناة، ولأن فترة الصيف لا تحظى بنسبة مشاهدة مرتفعة كان الانتظار لحين انتهاء شهر رمضان كي ينطلق البرنامج بعد عيد الفطر مباشرة، ليحدث البرنامج جدلاً وصدى رغم عمره القصير. ويوضح الشامي «للحياة» أنه ليس هناك ثمة صعوبات حتى الآن باستثناء عدم السماح بتصوير البرنامج على الهواء مباشرة، معتبراً أن إشكالية النظر إلى «الحرة» بعين الريبة كونها قناة أميركية، أمر تم تجاوزه منذ فترة طويلة؛ فالقناة اكتسبت ثقة المشاهدين بعد حملة تشكيك مغرضة واجهتها قبل أن تنطلق. ويؤكد الشامي أن ما تتناوله القناة خلال الفترات الحساسة في مصر مرهون بالأحداث، «شأننا شأن أي وسيلة إعلام أخرى مهمتها متابعة وتغطية الأحداث وليس صنعها». وعن تغطية «حوار القاهرة» للانتخابات البرلمانية المصرية، يسترسل الشامي قائلاً: «يخوض «حوار القاهرة» في كل القضايا محل اهتمام وجدل في الشارع السياسي المصري، لكن تزامن انطلاق البرنامج قبيل الانتخابات التشريعية فرض علينا التعرض للاستعدادات الخاصة بالانتخابات والجدل الدائر حولها، ولهذا حرصنا على استضافة ومناقشة القوى السياسية الفاعلة في مصر فبدأنا بحزب الوفد واستضفنا الأمين العام للحزب الدكتور منير فخرى عبد النور مع المتحدث باسم حزب الجبهة الديموقراطية الدكتور إبراهيم نوار والدكتور عمرو الشوبكي الخبير بمركز الدراسات السياسية بالأهرام، حيث دار النقاش حول حظوظ حزب الوفد في الانتخابات والانتقادات الموجهة إليه. وفي الحلقة الثانية استضفنا أمين الإعلام في الحزب الوطني الحاكم الدكتور علي الدين هلال والذي خصنا بتصريح خاص نقلته عنا وكالات الأنباء الدولية ومعظم الصحف ووسائل الإعلام العربية والأجنبية، حين أعلن للمرة الأولى ومن دون أي لبس أن الرئيس مبارك سيرشح نفسه للانتخابات الرئاسية العام المقبل. في الحلقة الثالثة استضفنا المتحدث باسم جماعة «الإخوان المسلمين» الدكتور محمد مرسي. والدكتور عمرو حمزاوي من معهد كارنجي الأميركي للسلام الدولي؛ حيث ناقشنا الجدل حول شعار «الإسلام هو الحل» وفرص الجماعة في الانتخابات، وفي الحلقة الرابعة استضفنا أميني حزب التجمع والحزب العربي الناصري في حلقة خصصت لبحث وضعية أحزاب اليسار وأسباب تراجع نفوذها لدى الناخبين. وفي الحلقة الخامسة استضفنا الدكتور مصطفى علوي والدكتورة شيرين أحمد فؤاد من الحزب الوطني الحاكم والمرشح المستقل الدكتور جمال زهران للخوض في الانقسامات التي شهدها الحزب الوطني بعد الإعلان عن أسماء مرشحيه. أما الحلقة السادسة فخصصناها لمناقشة متعمقة مع وزير المال الدكتور يوسف بطرس غالي بعد مقال له مثير للجدل نشره في صحيفة واشنطن بوست الأميركية حول الأوضاع السياسية في مصر وحديث الانتخابات، بينما كانت الحلقة الأخيرة عن أهمية وجدوى كوتة المرأة في الانتخابات، وهكذا فإن جميع الحلقات ركزت على القضايا الانتخابية وحرصت على التوازن بين كل أطياف اللون السياسي في مصر». هموم مصر ومن الملاحظ في الدورة البرامجية الجديدة «للحرة» التركيز المتزايد على الشأن المصري أكثر من ذي قبل، وهو ما يراه الشامي أمراً عادياً كون مصر دولة محورية في الشرق الأوسط بحكم موقعها وتاريخها وسكانها، وما يجري فيها من أحداث وتطورات يسترعي انتباه الجميع سواء كان ذلك شأناً سياسياً أو اقتصادياً أو اجتماعياً أو فنياً، فكل هذه القضايا متوافرة في مصر، موضحاً أن مصر بلد منفتح يتمتع بنبض الحياة وتتعدد فيه الآراء والأطياف والأشكال. لذا، يرى الشامي أنه ليس من الغريب أن أكبر عدد للمراسلين العرب والأجانب في المنطقة موجود في القاهرة، حيث يزداد اهتمام جميع وسائل الإعلام بمصر حينما يحين موعد استحقاقات انتخابية برلمانية أو رئاسية. ويرفض الشامي جملة وتفصيلاً الاتهام بسعي البرامج التي تتناول الشأن المصري على الفضائيات العربية لإلقاء الضوء على الجانب المظلم فقط .