ألقى مسؤولون دوليون وإقليميون كلمات في الجلسة الافتتاحية للقمة العربية التي اختتمت أعمالها في منتجع البحر الميت في الأردن أمس، أكدوا خلالها ضرورة التنسيق بين الدول والكيانات الإقليمية المختلفة لمواجهة خطر الإرهاب، وشددوا على التمسك بحل الدولتين كإطار لتسوية الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي. وتحدث أمام المؤتمر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، والممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية نائب رئيس المفوضية الأوروبية فيديريكا موغيريني، ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي، والأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي يوسف بن أحمد العثيمين، ورئيس البرلمان العربي مشعل بن فهم السلمي. وشدد غوتيريش أمام القادة العرب على رسالة التسامح التي أرساها الإسلام، بما في ذلك بالنسبة إلى اللاجئين، مستشهداً بالقرآن الكريم، الذي اعتبر أنه ألهم القوانين الحديثة المتعلقة بإغاثة اللاجئين. وأضاف في أول حضور له أمام القادة العرب بوصفه أميناً عاماً للأمم المتحدة إن الوقت حان لإنهاء القتال في سورية، آملاً أن يؤدي مسار آستانة إلى «تحقيق وقف فعال لإطلاق النار»، مؤكداً أنه سيفعل كل ما في وسعه كي تؤدي محادثات جنيف إلى «مفاوضات فعلية». وشدد على أن محاربة الإرهاب وحدها، على أهميتها، «ستحقق نتائج سريعة الزوال من دون التوصل إلى حل سياسي يسمح للشعب السوري بأن يحدد مصيره بحرية». كذلك أكد أنه «مؤمن بأن العمل معاً سيمكننا من الخروج من دائرة العنف والنزاع في اليمن وليبيا العام الحالي». وشدد على أن وضع الشعب الفلسطيني يبقى «الجرح المفتوح» في المنطقة حيث «فشل المجتمع الدولي لوقت طويل جداً في تأمين الطرق والدعم لحل عادل ودائم لقضية فلسطين». وقال إن «من يظن أن الوضع يمكن إدارته مخطئ لأن الإسرائيليين والفلسطينيين لا يحتاجون إلى إدارة النزاع، بل حله»، مشدداً على أن حل الدولتين هو «الطريق الوحيد لضمان أن يحقق الجانبان تطلعاتهما الوطنية والعيش بسلام وكرامة، وما من خطة بديلة». ودعا إلى وقف «كل الخطوات الآحادية التي قد تقوض حل الدولتين، وهو ما ينطبق تحديداً على الأنشطة الاستيطانية غير القانونية». واعتبر أن «الانقسامات في العالم العربي فتحت الباب أمام التدخلات الخارجية وزعزعة الاستقرار والانقسامات الطائفية والإرهاب»، مشدداً على ضرورة «الوحدة في هذه الأوقات الحاسمة». وأكد أن الشراكة مع جامعة الدول العربية هي «واحدة من الأولويات» التي حددها لنفسه على رأس الأمانة العامة للأمم المتحدة. من جانبها، قالت موغيريني إن هناك حاجة لسلام دائم وشامل بين الفلسطينيين والإسرائيليين، مؤكدة أن هذا الهدف «سيبقى أولوية قصوى للاتحاد الأوروبي». وأضافت: «نؤمن بشكل عميق أن حل الدولتين هو الطريقة الواقعية لإنهاء الصراع بالمنطقة وندرك أن أي تغييرات في حدود العام 1967 يجب أن تتم بالتفاوض خصوصاً في ما يتعلق بالقدس... نؤمن أيضاً أن مبادرة السلام العربية لا تزال حية ولها دور مركزي تلعبه، وأن تتم ترجمتها إلى أفعال». وقالت إن المنطقة تعاني الكثير من الصعاب، لكن السلام والمصالحة يمكن أن يتما من خلال منهجية وتشاركية وتعاون. وأشارت إلى أن الاتحاد الأوروبي سيجتمع الشهر المقبل في مؤتمر دولي لدعم مستقبل سورية والمنطقة، معبّرة عن أملها بالبناء على ما تحقق في مؤتمر لندن لدعم السوريين. ودعت إلى «انتقال سياسي حقيقي في سورية» ما يتطلب تضافر الجهود من أجل الوصول إلى حل سياسي وإعادة بناء الثقة بين الأطراف للمضي قدماً في المفاوضات. وأكدت أن إعادة الاستقرار في العراق ممكنة وهزيمة «داعش» ممكنة أيضاً، مشيرة إلى أن الاتحاد الأوروبي سيظل ملتزماً بدعم الأصدقاء في العراق، ومساعدة اليمن وتحقيق حل سلمي سياسي فيه. من جانبه، قال فكي إن الاتحاد يدعم باستمرار القضية الفلسطينية التي «تحتل الصدارة في أولوياتنا»، إضافة إلى أن «محاربة الجماعات الإرهابية أياً كانت مسمياتها، تمثل التحدي الأول الذي يواجهنا في الظرف الراهن». وعبّر عن الأسف لأن الشراكة العربية - الأفريقية على رغم ما لديها من أسباب القوة لم تصل إلى المستوى المناسب. وأشار العثيمين إلى أن انعقاد القمة العربية يأتي في توقيت بالغ الأهمية وفي فترة مفصلية تعيشها المنطقة في خضم متغيرات سياسية واقتصادية غير مسبوقة. وقال إن القضية الفلسطينية وقضية القدس تأتيان على رأس قضايا الأمة، إذ تستمر الانتهاكات الإسرائيلية غير المسبوقة وتصاعد سياسة الاستيطان وشرعنتها ما يتطلب إرادة جادة لتحريك عملية السلام عبر المبادرة العربية وحل الدولتين. وشدد على رفض المنظمة المطلق للإرهاب والتطرف، مؤكداً أهمية القضاء على «خوارج العصر الذين شوهوا صورة الإسلام». وثمّن دور دول منظمة التعاون الإسلامي في التصدي للإرهاب ونبذه مهما كان مصدره أو شريعته. وأكد حرص المنظمة على مجابهة أي استهداف طائفي يؤدي إلى التشرذم، مشدداً على ضرورة احترام سيادة الدول الأعضاء في المنظمة وعدم التدخل في شؤونها الداخلية واحترام حسن الجوار «قولاً وعملاً». من جانبه، قال السلمي إن المؤسسة التشريعية لمنظومة الجامعة العربية أصبح دورها أكثر فاعلية وقوة، داعياً إلى دعم البرلمان لتفعيل الدور التشريعي المهم الذي يقوم به، ما يعزز العمل العربي المشترك ويحقق التكامل الاقتصادي والتكافل الاجتماعي والتنمية المستدامة والعمل على ترسيخ البعد الشعبي ودوره في مسيرة العمل العربي المشترك. وأوضح أن البرلمان العربي يعمل على دعم السياسات والمواقف تجاه القضايا والمصالح العربية في المحافل الإقليمية، لافتاً إلى دور البرلمان في درس الأوضاع والتحديات التي تواجه العرب وتقديم رؤية موحدة تعالج القضايا والتحديات. وأكد أن العالم العربي «ما زال محط أنظار وأطماع واستهداف» من قوى إقليمية عالمية، لكنه «ظل شامخاً وعصياً على الانكسار»، داعياً إلى تنقية الأجواء العربية وتحقيق التضامن العربي من أجل الارتقاء بالعمل العربي المشترك إلى مستوى المسؤولية التاريخية.