أعلنت الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية نائب رئيس المفوضية الأوروبية فيديريكا موغيريني من بيروت العمل على «إيجاد حلول سياسية أولاً للأزمة في سورية بمشاركة السلطة ويشمل الجميع ويمكن التوصل إليه، ويفتح الطريق لعهد جديد ليس فقط لسورية والسوريين والنازحين، وإنما أيضا للدول المحيطة والمجاورة في المنطقة». وأملت في «أن يكون مؤتمر بروكسل في نيسان (أبريل) المقبل اللحظة المناسبة للمضي قدماً والتطلع إلى الأمام ولرؤية أنه ربما على أساس مرحلة انتقالية سياسية وتشكيل حكومة جديدة، يمكن أن يبدأ المجتمع الدولي العمل لإعادة البناء»، مؤكدة الحاجة «إلى الشروط السياسية المناسبة ولكنني آمل في أن يشاركنا جميع اللاعبين في المنطقة والمجتمع الدولي هذه الرؤية، رؤية الحاجة إلى الوصول لحل سياسي وأن يتمكن كل سوري خارج سورية من العودة إلى بلاده ويشعر بأنه بلده ومكانه، وأن يكون الحل سورياً ولا يستند إلى أي معطيات يتم فرضها من الخارج، والقرار للشعب السوري ومن ضمنه كل النازحين، فدورنا هو دور المسهل وتأمين الدعم وعلى السوريين إيجاد الطريقة للمشاركة والعيش في بلدهم بطريقة تناسب الجميع». لقاء عون وكان رئيس الجمهورية ميشال عون التقى موغيريني في إطار جولتها على المسؤولين اللبنانيين (التقت رئيس الحكومة سعد الحريري ليل أول من أمس). وطمأنها إلى أن لبنان «بدأ عملية نهوض في مختلف القطاعات تواكب الاستقرار الأمني الذي ينعم به منذ انتظام عمل المؤسسات الدستورية». وإذ أبلغها «امتنان لبنان للدعم الذي يقدمه الاتحاد الأوروبي»، أكد أمامها «أن الانتخابات النيابية ستجرى في موعدها وفق قانون يتجاوب وتطلعات اللبنانيين في تمثيل يحقق التوازن بين مختلف مكونات المجتمع ولا يقصي أحداً»، وأنه سيكون «أميناً ووفياً لما التزمت به في خطاب القسم أمام اللبنانيين والعالم». وأعربت موغيريني، التي وصلت جواً إلى بيروت ليل أول من أمس، عن سعادتها ل «عودة المؤسسات الدستورية إلى العمل مع انتخاب عون رئيساً». واعتبرت، بحسب المكتب الإعلامي في القصر الجمهوري، أن هذا الانتخاب «ترك ارتياحاً لدى الدول الاعضاء في الاتحاد الأوروبي التي ابدت استعداداً ثابتاً للاستمرار في دعم لبنان في المجالات التي يراها ضرورية». وأشارت إلى أن «الاتحاد الأوروبي يقدر التضحيات التي قدمها لبنان من أجل مساعدة النازحين السوريين، وسيعمل على توفير الدعم المناسب للمؤسسات الرسمية اللبنانية التي ترعى شؤون النازحين والمجتمعات المضيفة». ووجهت موغيريني دعوة إلى عون «لزيارة مقر الاتحاد الأوروبي في بروكسل ولقاء كبار المسؤولين فيه. وحضر اللقاء رئيسة بعثة الاتحاد الأوروبي لدى لبنان السفيرة كريستينا لاسن. وأمل عون في مواصلة «الدعم للمشاريع الانمائية والاقتصادية»، مشدداً على «أن لبنان يرى أن الحل السياسي والسلمي للأزمة في سورية هو المدخل الصحيح لأي تسوية تنهي الحرب وتضع حداً لمعاناة النازحين السوريين التي تركت تداعيات سلبية كثيرة على لبنان». بري والخارجية والتقت موغيريني رئيس المجلس النيابي نبيه بري في مقر المجلس. وأكدت بعد لقاء وزير الخارجية جبران باسيل «المصلحة الاستراتيجية الموجودة لدى أوروبا لدعم لبنان ومؤسساته وكل شعبه. وهذا الدعم سيستمر. إنه دعم سياسي للمؤسسات العاملة التي تضمن التوزان الدقيق الصامد لهذا البلد الجميل ونتطلع لمتابعة الانتخابات النيابية المقبلة، وسننظر بقوة إلى ما يتعلق بالنقاش والبحث القائم في شأن الإصلاحات وعمل المؤسسات والبرلمان من أجل العمل بشكل فاعل أكثر». ولفتت إلى مشروعين رئيسيين «التعاون في موضوع مكافحة الارهاب والأمن، والعمل على الاتفاقات التجارية. ولبنان كان الدولة الأولى في المنطقة لعقد اتفاق مع الاتحاد الأوروبي حول أولويات الشراكة». وعن «الأزمة الفلسطينية»، شددت على أنه «في أولوياتنا ويجب الوصول إلى طريقة لإعادة إطلاق المفاوضات والوصول إلى حل مستدام حول مبدأ الدولتين، ونعمل على ذلك بشكل دائم. وأقر هنا بالدور المهم الذي تستطيع أن تلعبه المبادرة العربية في أي حل مستقبلي، وأشير دائماً إلى هذه المبادرة كعنصر أساسي إلى جانب العمل الذي نقوم به مع اللجنة الرباعية». وشددت على أن المستوطنات الإسرائيلية التي يتم بناؤها «غير شرعية ولا نوافق عليها والمجتمع الدولي موحد حول هذا الموضوع استناداً إلى عدد من قرارات مجلس الأمن». وقالت: «يجري الاتحاد الأوروبي اتصالات مباشرة ودائمة مع الفلسطينيين والإسرائيليين ويلتقي مسؤولين ووزراء من كلتا الجهتين، ومن المهم جداً مع أميركا وروسيا والأمم المتحدة، ونحن كاتحاد أوروبي، القيام بمحاولة توسيع هذا الإجماع الدولي لأننا مقتنعون بأن الوضع الأمني في المنطقة يضع المسألة الفلسطينية في أسفل الاولويات، لكن يجب أن تكون من الأولويات». وأعلن باسيل عن «استضافتنا خلال الشهر المقبل ندوة حول مواجهة الإرهاب بهدف صياغة استراتيجية وطنية لبنانية في هذا الصدد، وإطلاق فريق عمل مشترك بين لبنان والاتحاد الأوروبي في المجال الاقتصادي في الأيام المقبلة، للاستجابة إلى تطلعات منتجي الخدمات والصناعيين اللبنانيين والذين يسعون إلى تجاوز العقبات التي تحول دون التصدير إلى دول الاتحاد الأوروبي». وأكد التزام لبنان «مسار الحكم الرشيد واحترام الحقوق وهذه الورشة تكتمل بإجراء انتخابات نيابية وفقاً لقانون يعكس التمثيل الصحيح لجميع الفئات، ويكون أساساً لمجلس نيابي يتساوى فيه المسيحيون والمسلمون». وطالب «بحل سياسي سريع لكل النزاعات والصراعات، بما في ذلك النزاع في سورية. وندعم المبادرة التي أطلقتموها في ما يتعلق باستشارة الدول المتصلة بالأزمة السورية ونطالب بدمج كامل للمبادرات في مقاربة موحدة ومتطابقة هدفها جمع الأطراف السورية الملتزمة والمشاركة في هذه الأزمة للوصول إلى حل لها وألا يكون هذا الحل منزلاً من الخارج. وهناك عنصر ضروري لضمان السلام في سورية، هو عودة النازحين إلى بلادهم، وهذا ما اتفقنا عليه خلال شراكتنا معكم، ما يسمح بإعادة الثقة تدريجاً، ويكون عنصراً يضمن استمرارية عملية السلام». وجدد التمسك بالمبادرة العربية كخطة طريق للحل العادل والشامل للقضية الفلسطينية وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم. ورداً على سؤال، شددت موغيريني على أن «الطريقة الأفضل لمنع أولاد اللاجئين السوريين من ارتكاب أي نوع من الجرائم هو الاستثمار في نوعية حياتهم وثقافتهم وتربيتهم، وإعطاؤهم فرصة إمكان العودة إلى سورية في وقت قريب». مع تلامذة مدرسة رسمية والتقت المسؤولة الأوروبية تلامذة من متوسطة بر الياس الرسمية (البقاع) بينهم عدد من الأطفال السوريين اللاجئين، في مقر البعثة في بيروت، في حضور وزير التربية والتعليم العالي مروان حمادة ولاسن. وسلمت المدرسة جائزة «بون الدولية للديموقراطية» التي نالتها عام 2016 والبالغ قيمتها 10 آلاف يورو «تقديراً لكرم لبنان في استضافة اللاجئين السوريين وتفاني وزارة التربية في تأمين وصول جميع الأطفال إلى التعليم». وخاطبت التلامذة مؤكدة: «أنتم لن تبقوا لاجئين في لبنان بل نأمل أن تعودوا إلى سورية لتساهموا بإعمارها كما ترغبون ولبناء حياتكم ومجتمعكم ويكون لديكم حياة كريمة. ونعمل لإيجاد طريقة للتوصل إلى السلام في سورية كي يعود أبناؤها بأمان إلى بلادهم ويتولون أمرها». وشدد حماده على «الحاجة نحن وأوروبا والعالم إلى التكاتف من أجل مواجهة القضايا الكبرى الناتجة عن الصراع في سورية وأبرزها استبدال ثقافة القتل بثقافة الحياة التي نتقنها نحن وأشقاؤنا العرب وجيراننا في أوروبا وفي العالم المتحضر». ونوه بمبادرة موغيريني «ليفيد من الجائزة العالمية تلامذة مدرسة بر الياس الرسمية من الأطفال النازحين». كما شكر لاسن «على متابعتها ملف تعليم النازحين واللبنانيين».