بات الرئيس المصري السابق حسني مبارك حرّاً طليقاً للمرة الأولى منذ نيسان (أبريل) من العام 2011، حين صدر قرار بتوقيفه على ذمة تحقيقات فُتحت في أعقاب تنحيه في 11 شباط (فبراير) من العام ذاته، إثر تظاهرات عارمة ضد حكمه. وذُكر أن أفطاره الأول في الحرية كان «فول وطعمية»! وكان مبارك قضى أياماً موقوفاً في مستشفى شرم الشيخ الدولي مع بدء التحقيقات معه، ثم نُقل إلى المركز الطبي العالمي التابع للقوات المسلحة على طريق القاهرة- الإسماعيلية، ومنه إلى مستشفى سجن طرة في جنوبالقاهرة، لما صدر ضده حكم بالسجن المؤبد لإدانته في قضية قتل المتظاهرين، قبل تبرئته من محكمة النقض. ومع تدهور حاله الصحية، نُقل إلى مستشفى المعادي العسكري جنوبالقاهرة، وإبان حكم الرئيس المعزول محمد مرسي عاد مُجدداً إلى مستشفى السجن، وغادرها بعد إقصاء «الإخوان المسلمين» من الحُكم إلى مستشفى المعادي، التي تركها أمس وبات ليلته الأولى في فيلته في حي مصر الجديدة. وجاء الإفراج عن مبارك بعدما نال حكماً نهائياً بالبراءة في قضية قتل المتظاهرين، وأوضحت السلطات القضائية أنه قضى فترة العقوبة المقضي بها ضده لمدة 3 سنوات لإدانته ونجليه بحكم باتّ ونهائي في قضية فساد عُرفت باسم «القصور الرئاسية»، بخاصة استغلال السلطة للحصول على منافع وتجهيزات لقصورهم ودفع تكاليفها من مؤسسة الرئاسة إبان فترة حكمه. وقال محامي أسرة الرئيس السابق فريد الديب ل «الحياة»، إن مبارك غادر صباح أمس المستشفى إلى منزله في حي مصر الجديدة، حيث تناول الإفطار مع أسرته وأصهاره، وأبدى سعادة بتنفيذ قرار إطلاقه. وعن خططه المستقبلية، قال: «لا شيء. الرجل يريد أن يرتاح». أما صحيفة «المصري اليوم» فنقلت عن الديب أن وجبة الإفطار التي تناولها مبارك مع أسرته وعدد من الأصدقاء كانت عبارة عن «فول وطعمية». ويُنتظر أن يُسمح لمبارك باستقبال المهنئين من المصريين والعرب والأجانب في منزله في شارع حليم أبوسيف المُطل على قصر الاتحادية الرئاسي، ويقع ضمن الدائرة الأمنية الضيقة لمقر الحكم الرسمي للرئيس المصري. وحرص مبارك طوال سنوات محاكمته على النأي بنفسه عن التقلبات السياسية العاصفة التي مرت ببلاده، ولم يسع نجلاه، علاء وجمال، اللذان أطلقا العام الماضي إلى ظهور إعلامي أو إحداث جدل سياسي، وإن طاردهما فضول الإعلام أينما حلا. مبارك الذي ظل قريباً من صناعة القرار في بلاده منذ سبعينات القرن الماضي إلى أن اعتلى الحكم في مطلع الثمانينات، سيتبع قطعاً المعادلة التي حكمت على مدى عقود التعاطي مع كبار المسؤولين السابقين: «الحرية مقابل التواري»، والتي طبّقها هو نفسه مع مسؤولين نافذين رسموا بقراراتهم مصير الدولة، قبل أن يحتجبوا طواعية بعد ترك مناصبهم. لكن الرئيس السابق ما زال هو وقرينته ونجلاه وزوجتاهما تحت ضغط التحقيقات القضائية في قضية تلقيهم هدايا من مؤسسة «الأهرام» الحكومية، وهي القضية التي قررت محكمة قبل ساعات من السماح لمبارك بمغادرة المستشفى إلى منزله، إعادة التحقيقات فيها بمعرفة النيابة العامة، بعد أن كان قاضي تحقيق قرر عدم تحريك دعوى جنائية بخصوصها، لاعتباره أن تفاصيلها لا تحمل شبهة إهدار مال عام، وبذلك يظل الرئيس السابق وأسرته عُرضة لمحاكمة جديدة في حال وجهت إليهم النيابة العامة اتهامات جنائية، ليُطل مبارك مُجدداً شاغلاً الرأي العام.