وقعت الصين والمغرب بروتوكولات تعاون استثماري لبناء أكبر مدينة صناعية ذكية في طنجة بكلفة 10 بلايين دولار، ما يجعل منها أكبر تجمع صناعي وتكنولوجي في أفريقيا وجنوب البحر الأبيض المتوسط وشرقه. وترأس العاهل المغربي الملك محمد السادس في حضور رئيس مجموعة «هيتي» الصينية لي بياو، وشخصيات صينية ومغربية وأجنبية مراسم تقديم تفاصيل مشروع «مدينة محمد السادس طنجة تيك»، التي ستُبنى على مساحة ألفي هكتار. وتستقبل عشرات الشركات الدولية العالمة في مجالات صناعة السيارات والطائرات والاتصالات والتكنولوجيات الحديثة والرقمية والطاقات المتجددة وصناعة الألبسة والكمبيوتر وغيرها. وأعلن وزير الصناعة والتجارة والاستثمار المغربي مولاي حفيظ العلمي، أن المدينة الصناعية «ستكون نموذجية ومستقبلية في آن»، لافتاً إلى أنها «تضم مصانع إنتاجية ووحدات سكنية ومرافق اجتماعية وتربوية وترفيهية». وأوضح أنها «ستجمع بين الابتكار والإنتاج واحترام البيئة، والتطلع إلى المستقبل والاستجابة للمعايير الدولية الجديدة للشركات الصناعية المتقدمة». وأشار إلى أنها «ستجسد جسراً للتعاون الاقتصادي الرفيع المستوى بين دول الجنوبوالصين يستفيد منه جميع الأطراف». واعتبر أن بناء هذه المدينة الصناعية المندمجة هو «ثمرة تعاون استراتيجي بين الرباطوبكين سبق التوقيع عليها خلال زيارة الملك محمد السادس للصين في أيار (مايو) عام 2016». وقال لي إن الصين «تراهن على المغرب لتوسيع نشاطها في المنطقة، باعتباره دولة صاعدة اقتصادياً وإقليمياً، وتملك إمكانات كبيرة وتنعم بالاستقرار وباقتصاد منفتح ومندمج بكيفية جيدة في سلاسل القيم الدولية للإنتاج». وأوضح أن «خيار طنجة ليس محض صدفة بل يعزى إلى موقعها الجغرافي القريب من أوروبا وبنيتها التحتية المتقدمة، وصيتها العالمي ومينائها المتوسطي الأكبر في جنوب البحر الأبيض المتوسط». وأعلن رئيس «مجموعة المصرف المغربي للتجارة الخارجية» عثمان بن جلون، التي ستموّل جزءاً من كلفة المدينة إلى جانب «اندستريال أند كوميرشيال بنك أوف تشاينا»، أن المشروع «سينهض بطريق الحرير الجديدة عبر طنجة نحو بقية دول القارة الأفريقية وأوروبا وأميركا، وتكون الانطلاقة من هذه الأرض الواقعة على مشارف أوروبا، وفي موقع تواجد اكبر ميناء للشحن البحري». ولفت رئيس جهة محافظة طنجةتطوان الياس العماري، إلى أن المدينة الصناعية الجديدة «ستُحدث آلاف فرص العمل ونقل التكنولوجيا الدقيقة وتعزيز تنافسية الاقتصاد المغربي، وجعل طنجة أرضية اقتصادية قارية ودولية». وأوضح انها «ترتبط بأكبر شبكة للطرق السريعة وفيها قطار فائق السرعة ومرافق وبنى تحتية من مستوى عالمي». ويُتوقع انتقال نحو 200 شركة صينية للعمل في شمال المغرب وجعله بوابة نحو أسواق الاتحاد الأوروبي بعد استكمال البناء. وكان الملك محمد السادس رفع التأشيرة على دخول الرعايا الصينيين إلى المغرب، ما سيجعل المدينة الصناعية الجديدة تضم جالية صينية على غرار تشاينا تاون في الولاياتالمتحدة. وتوقعت المصادر أن يقيم آلاف العمال والتقنيين الصينيين والآسيويين والأفارقة وغيرهم في «مدينة محمد السادس الصناعية»، التي ستشكل أكبر تجمع صناعي في شمال أفريقيا. وربما تنتقل شركات أوروبية للعمل في طنجة على غرار شركات صناعة الطائرات الكندية التي نقلت بعض مصانعها من بريطانيا نحو المغرب استعداداً ل «بريكزيت». وتضم طنجة حالياً ثاني أكبر تجمع لصناعة السيارات الفرنسية خارج أوروبا، وتزود الأسواق الأوروبية والأميركية لوازم قطاع السيارات والطائرات. وتراهن بكين على الاستفادة من موقع المغرب الجغرافي وخبرته الإنتاجية في صناعة السيارات والطائرات، وعلاقاته التجارية الدولية مع الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة وتوسعه الاستثماري الأفريقي، لتعزيز حضورها في المنطقة واستخدامها لزيادة النمو الاقتصادي في العقد المقبل، والتحول إلى اكبر اقتصاد عالمي يفوق الولاياتالمتحدة بنحو 7 إلى ثمانية تريليونات دولار عام 2025، أي 33 تريليون دولار للصين في مقابل 25 تريليوناً لأميركا. وتسعى المملكة إلى أن تصبح اكبر دولة صناعية في شمال أفريقيا بنسبة 23 في المئة من الناتج الإجمالي.