أنهت بعثة استثمارية صينية جولة استطلاعية على بعض المدن المغربية، للتعرف إلى فرص الاستثمار المتاحة في عدد من القطاعات، وتحديداً صناعة السيارات وقطع الطائرات والملابس والعقار والطاقات المتجددة والتكنولوجيات الحديثة والخدمات والسياحة. وتنسحب الاستفادة على الموقع الجغرافي للمغرب للتوسع في البحر الأبيض المتوسط وأفريقيا جنوب الصحراء والشرق الأوسط. وقررت البعثة التي قادها مسؤولون في «مجموعة هايت» الصينية، بناء قرية صناعية خاصة جنوب مدينة طنجة في منطقة عين الدالية، لتشييد وحدات للإنتاج الصناعي المتعدد الهدف، ومراكز لتجميع قطاع غيار السيارات والطائرات، ومخازن لإعادة التصدير ومختبرات للبحث العلمي. ويشمل المشروع بناء أحياء سكنية ومكتبية وترفيهية للعمال والمستخدمين الذين سيُستقدمون من الصين على غرار تجربة «تشاينا تاون» في عدد من المدن الأميركية. ويقع المشروع على الطريق بين مصانع «رينو- نيسان» على البحر الأبيض المتوسط شمالاً، ومصانع «بيجو- ستروين» للسيارات في القنيطرة على المحيط الأطلسي جنوباً. وقدّر رئيس جهة محافظة طنجةتطوان إلياس العمارين الكلفة الاستثمارية لمشروع القرية الصناعية الصينية ب «عشرة بلايين دولار». وقال: «يمكن أن يعمل فيه نحو 300 ألف من المهندسين والتقنيين والعمال من المغرب والصين. ويشارك في المشروع «المصرف المغربي للتجارة الخارجية» ومجموعة «بنك الصين للصناعة والتجارة»، اللذين قررا تأسيس صندوق استثماري بقيمة بليون دولار وتوسيع فروعهما في شنغان والدار البيضاء. ويستفيد الموقع البالغة مساحته ألفي هكتار من قربه من مطار ابن بطوطة الدولي الواقع جنوب ميناء طنجة والأكبر في جنوب البحر الأبيض المتوسط، بسعة 12 مليون حاوية سنوياً. ويُربط المشروع بشبكة من الطرق، وخط السكة الحديد الفائق السرعة لوصله بالدار البيضاء والرباط. وأعلن وزير الصناعة والتجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمي المغربي مولاي حفيظ العلمي، أن الصين «ستعمل على نقل نحو 85 مليون وظيفة إلى مناطق عدة من العالم خلال السنوات المقبلة». وأشار إلى أن المغرب «مرشح ليصبح مصنعاً للإنتاج الصيني في إطار من نقل الخبرة والتجربة واستفادة الرباط من انتقال الاقتصاد الصيني من الإنتاجي إلى الاستهلاكي، فضلاً عن تحويل بعض المصانع والصناعات إلى الأسواق الناشئة الأكثر تنافسية على مستوى الكلفة والقوانين ومناخ الأعمال واليد العاملة». وأكد «استفادة بكين من القرب الجغرافي للمغرب من أوروبا وأفريقيا، ما يجعل منتجاتها أكثر تنافسية». وقال رئيس «مجموعة هايت» لي بياوو، إن مدينة طنجة «مكان مثالي لإنشاء مصانع صينية في المغرب في ملتقى البحار والحضارات، البحر المتوسط والمحيط الأطلسي وجبل طارق». وأمل في أن «نتمكن من إنشاء مدينة صناعية تشمل مصانع ومساكن لمساعدة الاقتصاد المغربي والتغلب على مشكل بطالة الشباب». وكان المغرب والصين وقعا اتفاقات للتعاون الاستراتيجي والتكامل الاقتصادي، على هامش زيارة الملك محمد السادس بكين بين 11 و13 أيار (مايو) الماضي، واجتماعه بالرئيس الصيني، وإلغاء تأشيرة دخول الرعايا الصينيين لتسهيل السياحة، وتنقل رجال الأعمال والفاعلين الاقتصاديين والدبلوماسيين في الاتجاهين. ورأى محللون أن الانفتاح المغربي على التجربة الصناعية الصينية، تساعده على تطوير صناعته المبتدئة، التي يراهن عليها لتصل مساهمتها إلى 23 في المئة من الناتج في أفق عام 2020، وتؤهله ليكون ضمن الدول الصاعدة. وتضع الصين عينها على السوق الأوروبية القريبة، التي تضم 450 مليون شخص، والتي عقد معها المغرب اتفاقات للإعفاء الجمركي في إطار الوضع المتقدم وقواعد المنشأ. وقد تجعل السلع المصنعة في طنجة تحمل علامة «صُنع في المغرب» بما يمنحها وضعاً تجارياً وجمركياً أكثر تنافسية، بعد رفض ألمانيا منح الصين صفة اقتصاد السوق.