يتطلع المغرب إلى الارتقاء إلى مصاف الدول الصناعية الصاعدة بحلول عام 2015، مستفيداً من موقعه الجغرافي والوضع المتميز داخل الاتحاد الأوروبي، باستثمار نحو 50 بليون درهم (6 بلايين دولار) لإنشاء مناطق صناعية وخدمية عصرية، تستقطب الشركات الصناعية العالمية، والتخصص في 4 قطاعات واعدة تشمل صناعة السيارات، وقطعاً للطائرات المدنية، وأنظمة التكنولوجيات الحديثة، ومراكز تحويل الخدمات من بعد (الأوفشورينغ الإعلامي)، إضافة إلى الصناعات التقليدية والملابس الجاهزة. وترأس الملك محمد السادس في الدارالبيضاء المنتدى الوطني الأول للصناعة، في حضور أعضاء من الحكومة ورجال أعمال ومستثمرين وخبراء، للوقوف على حصيلة سنة من إطلاق «برنامج الإقلاع الاقتصادي 2009 - 2015»، بهدف تطوير الصناعة المغربية، وزيادة القدرات التنافسية، وتحسين مناخ الأعمال، وتدريب العاملين المقدر عددهم ب 220 ألفاً، ويشمل البرنامج نحو 111 إجراء قانونياً واقتصادياً ومالياً وتعليمياً. وتتمركز تلك الصناعات في الدارالبيضاء وطنجة وتطوان والرباط، وسلا والقنيطرة. ويتوقع ان تصل صادراتها إلى 14 بليون يورو بحلول عام 2015 . ولفت وزير الصناعة والتجارة والتكنولوجيا الحديثة احمد رضا الشامي، في عرض قدمه أمام الملك، الى «ان المغرب تجاوز تداعيات الأزمة العالمية، ويواصل «برنامج الإقلاع الصناعي» الذي يعتبر مشروعاً هيكلياً في المملكة... ويضعها في مصاف الدول الصناعية الصاعدة». وأضاف ان في وسع المغرب استقطاب شركات عالمية جديدة والتحول إلى بلد صناعي يصدر إلى أوروبا وآسيا وأفريقيا جنوب الصحراء. ويعتبر مشروع مصنع «رينو - نيسان» في المنطقة الحرة في طنجة، أحد اكبر برامج «الإقلاع الصناعي»، وتقدر كلفته بنحو 1.1 بليون يورو، وهو استثمار مالي وتقني مغربي - فرنسي - ياباني، وقد تنضم إليه ألمانيا عبر شركة «دايملر بنز» لاحقاً، وسيكون بإمكانه انتاج 400 ألف سيارة، وتصدير ثلاثة أرباعها ( خصوصاً طراز لوغان)، إلى أسواق الاتحاد الأوروبي، ودول إعلان أغادير العربية ( مصر، تونس والأردن) والقارة السمراء، ودول في الخليج العربي وآسيا وتركيا. وتعمل في طنجة أيضاً شركات عالمية منها «دلفي» الأميركية و «يازاكي» اليابانية التي تصنع قطع الغيار والأسلاك الكهربائية، وتشغل 11 ألف عامل وتقني، وانضمت شركة «فولكسفاكن بوردنيتز» الألمانية إلى بقية الشركات الدولية لتصنيع قطع غيار السيارات في طنجة. وتتوقع «رينو» ان تكون مصانعها في المغرب الأكبر خارج أوروبا، ولا تمانع في انتاج طرازات جديدة، مثل السيارة الكهربائية بشراكة مع مصنعين آخرين. وتضع الرباط نصب أعينها قطاعاً حجمه 54 بليون يورو، تتنافس فيه مع إسبانيا والبرتغال، اللتين كانتا إلى حين المصنع الجنوبي لأوروبا في مجال العربات المختلفة، وقد لعبت الأزمة العالمية لمصلحة دول جنوب البحر المتوسط، التي باتت تتنافس بدورها على صناعة السيارات الصغيرة والمتوسطة، على غرار تجارب الهند والصين وقبلهما كوريا مع اليابان. وفي الدارالبيضاء، تعمل 90 شركة في تصنيع أجزاء الطائرات التجارية، وتمكنت السنة الماضية من تصدير 750 مليون يورو من قطع الغيار والمعدات مثل الأسلاك الكهربائية، والأنظمة الألكترونية، من خلال التعاقد مع الشركات الكبرى لصناعة الطائرات، مثل «آرباص» الأوروبية و «بوينغ» الأميركية، وحصل المغرب على شهادة «آي إس أو 145» الخاصة بالجودة العالمية في مجال الطيران المدني، حيث تقوم ناقلات من دول عربية وأفريقية وأوروبية بصيانة محركات طائراتها في الدارالبيضاء. واستقطب المغرب خلال السنوات الثلاث الماضية شركات عملاقة في قطاع التكنولوجيا الحديثة، في مناطق أعدت لهذا الغرض في «كازا نير شور» في الدارالبيضاء و «كنوبوليس» شمال الرباط، وسيعمل فيها نحو 100 ألف شخص بحلول عام 2015، وتقدر عائداتها ب 1.3 بليون يورو سنوياً. وسيحتاج المغرب إلى 10 آلاف مهندس بخبرات عالية سنوياً، وهو تحدٍّ علمي للاستفادة من التدفقات الاستثمارية في مجال الخدمات من بعد (الأوفشورينغ الاتصالي) الذي تتبوأ فيه الرباط المرتبة الثانية في الفضاء الفرانكفوني بعد فرنسا، ويجرى بناء مدن تكنولوجية أخرى في فاس ووجدة وتطوان. وتراهن الرباط على نقل عدد من الأنشطة الصناعية والتقنية من أوروبا إلى المغرب مستفيدة من قربه الجغرافي والوضع المتقدم الذي حصل عليه من بروكسيل، واتساع استعمال اللغتين الفرنسية والأسبانية، وخفض كلفة اليد العاملة، والحوافز المالية والضريبية. وأفادت مصادر بأن الصناعات الحديثة وغير الملوثة، تمثل رهان التنمية السريعة في دول المتوسط، اذا توافرت لها الشروط الضرورية لاستقطاب الرساميل والخبرات الأجنبية، خصوصاً الأوروبية. ويمثل المغرب نموذجاً لهذا التوجه في مرحلة ما بعد الأزمة الاقتصادية العالمية.