أكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز: «حرص المملكة على أن تقدم نموذجاً يقتدى لحماية الحقوق والحريات المشروعة، وتحقيق الرفاه والتنمية الشاملة للمجتمع، بما يتوافق مع القيم الإسلامية، ويحافظ على الأمن المجتمعي والتآلف بين أفراده، ويعزز التمسك بدينه، والثقة والوئام بين المواطن والمسؤول». وقال الملك سلمان، في كلمة ألقاها نيابة عنه مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكةالمكرمة خالد الفيصل، في افتتاح المؤتمر الدولي الذي تنظمه رابطة العالم الإسلامي في عنوان: «الاتجاهات الفكرية بين حرية التعبير ومُحْكَمَات الشريعة» أمس، إن «حرية التعبير التي يناقشها المؤتمر، إنما هي - كما هو معلوم بالضرورة - فرع أصيل من المفهوم الكلي للحرية (المشروطة) في الإسلام، إذ خلق الله الناس أحراراً، وتفضل عليهم بنعمه فأكرمهم، قال تعالى :وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا. [الإسراء:70]، ولا شك في أن من كرامة الإنسان أن يكون، من حيث الأصل، حراً في التصرف والاختيار، كما أن شريعتنا الإسلامية الغراء قضت بحفظ دم الإنسان وماله وعرضه، فحررته من كل عبودية عدا عبوديته لخالقه، شريطة التزام الإنسان بالضوابط التي شرعها الله، بما يحقق صلاح حاله في دنياه وأخراه». وأضاف مخاطباً الحضور : «حسناً فعل مجمعكم الفقهي الإسلامي في دورته التاسعة، قبل نحو ثماني سنوات، إذ أكد أن التعبير عن الرأي حق مُصان في الإسلام، وفقاً لضوابط الشريعة، ومن أهمها: «أن تكون الغاية مرضاة الله تعالى، وخدمة مصالح المسلمين». وتابع «صدرت عن المجمع أربع توصيات تحمي ما تقدم. ولكننا في الآونة الأخيرة شهدنا عدداً من السجالات والتجاذبات واللغط حول حرية التعبير، وبخاصة في الفضاء الفكري المفتوح بلا ضوابط، ونحن، إذ نؤمن بسعة الشريعة الإسلامية وحفظها الحقوق والحريات (المشروعة) يتحتم علينا الالتزام بهديها الحكيم في مواجهة المحاذير الخطرة التي يعج بها هذا الفضاء، ضماناً لسلامة منهج أمتنا بما لها من خصوصية دينية وحضارية تميزها عن الأمم الأخرى، فمن حقنا، بل من واجبنا أن نراعي هذه المقومات والخصوصيات في المعايير المعرفة لحقوق الإنسان في الأنظمة الأساسية (أو الدساتير) التي تحكم الدول الأخرى، والأنظمة الفرعية التي تنظم وتكفل الحقوق والحريات فيها، بحيث نأخذ منها ما يلائم هذه الخصوصية، ولا ننجرف إلى ما يخالف شرعنا الحنيف. لذلك فقد حالف التوفيق مجمعكم المبارك، وهو يعيد اليوم طرق الموضوع ذاته مجدداً، لمواجهة ما نعيشه من تحديات صعبة، يلعب فيها الفكر دوراً خطراً - سلباً وإيجاباً - وتتطلع الأمة إليكم لوضع الخطط والبرامج المتنوعة لقراءة المشاهد الفكرية قراءة معمقة، وفحص أطروحاتها المنهجية، والأخذ بالجوانب الإيجابية فيها، وتوظيف تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات في خدمة ديننا وتنمية أوطاننا ورفاهية شعوبنا، على أن يتم ذلك كله بما يتفق وخصوصيتنا الإسلامية، وكذا يؤمل من هذا المؤتمر أن يساهم بإضاءات مميزة تتعلق بموضوعه، تزيل الشبهات حول منهجنا الإسلامي التي تنشأ غالباً عن فهم قاصر أو تصور خاطئ لحقائق الإسلام، أو اندفاع غير متوازن في الرؤى والتصورات، جهلاً أو عمداً».