هدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بإلغاء اتفاق مُبرم مع الاتحاد الأوروبي لكبح الهجرة غير الشرعية إلى القارة العجوز، معتبراً أن رئيس الوزراء الهولندي مارك روتي خسر صداقة أنقرة. وجمّدت أنقرة علاقات ديبلوماسية مع أمستردام، بعد حظرها مشاركة وزيرَين تركيَين في تجمّعات لمهاجرين أتراك في هولندا، تؤيّد تحويل النظام رئاسياً في تركيا، ما يعزّز صلاحيات أردوغان الذي اتهم هولندا بالتصرّف مثل «فلول النازيين». وقال أردوغان إن على الاتحاد الأوروبي «نسيان» الاتفاق لكبح المهاجرين غير الشرعيين، المُبرم عام 2013 والذي أُحيي العام الماضي، متهماً الاتحاد بالامتناع عن التزام تعهده استثناء المواطنين الأتراك من تأشيرة الدخول في أوروبا. واعتبر الرئيس التركي أن روتي خسر صداقة بلاده، منتقداً الاتحاد الأوروبي أيضاً بعد إصدار محكمة العدل الأوروبية حكماً يتيح للشركات الخاصة حظر ارتداء موظفيها الحجاب ورموز دينية واضحة أخرى، في ظروف معيّنة، معتبرة أن «أي قواعد داخلية بحظر أي رمز سياسي أو فلسفي أو ديني، لا تشكّل تمييزاً مباشراً». لكن أردوغان علّق على الحكم قائلاً: «عار على الاتحاد. لتسقط مبادئكم وقيمكم وعدالتكم الأوروبية. بدأ (الأوروبيون) صداماً بين الصليب والهلال، لا تفسير آخر» لذلك. واعتبر رئيس الوزراء التركي بن علي يلدرم أن الأحداث الأخيرة «كشفت حقيقة دولٍ تدّعي حماية القيم الأوروبية والحريات وحقوق الإنسان في كل مناسبة». وحذر حكومات أوروبية من «خطر انتهاج سياسات معادية للإسلام وللأتراك»، معتبراً أن «دولاً أوروبية، بينها ألمانياوهولندا وسويسرا، تصبح ديكتاتورية وقمعية بين ليلة وضحاها، وتُظهِر انحيازاً صريحاً عندما يتعلّق الأمر بتركيا». في بروكسيل، قالت ناطقة باسم بعثة أنقرة لدى الحلف الأطلسي إن وقف تركيا لتعاون مع دول شريكة في الحلف «يستهدف النمسا فقط»، متحدثاً عن «توتر» في العلاقات معها، علماً أن فيينا قادت العام الماضي دعوات لكي يوقف الاتحاد الأوروبي مفاوضات عضوية تركيا، بعدما شنّت حملة لتصفية أنصار الداعية المعارض فتح الله غولن، إثر محاولة الانقلاب الفاشلة في تموز (يوليو) الماضي. كما ألغت النمسا تجمّعات تركية مؤيّدة للنظام الرئاسي. لكن مسؤولين في «الأطلسي» أشاروا إلى أن قرار تركيا، والذي يستهدف غالباً التدريب العسكري، لن يمسّ النمسا فحسب، بل يطاول دولاً أخرى ليست أعضاء في الحلف، لكنها تتعاون معه. وأسِف مسؤول في الحلف لموقف أنقرة لافتاً إلى أنه «يؤثّر في كل برامجنا للتعاون مع الشركاء». وأضاف: «نعوّل على حليفتنا تركيا وعلى شريكتنا النمسا، لتسوية خلافهما سريعاً». وأعلنت وزارة الدفاع النمسوية أن المهمات الحالية للحلف لم تتأثر، مستدركة أن مشكلات قد تحدث على المدى الطويل «مثلاً في ما يتعلّق بالاستعداد لبعثات في كوسوفو، بسبب وجود برامج تدريب مشتركة». وأكد مسؤول في «الأطلسي» إلغاء نشاطات، واستدرك: «المشكلة سياسية، ونأمل بأن يهدأ الوضع بعد الاستفتاء» المرتقب في تركيا في شأن تحويل النظام رئاسياً. وقد يمسّ الإجراء التركي الدول الشريكة ال22 للحلف، بينها السويد وجورجيا، وبعضها يشارك بقوات في مهمات ل «الأطلسي» في دول، مثل أفغانستان وكوسوفو. وقال ديبلوماسي بارز من دولة ليست عضواً في الحلف: «كلما استمر هذا الأمر، زاد حجم النشاطات الملغاة والمؤجلة بين أعضاء الأطلسي والشركاء، وكلما بات الوضع أكثر صعوبة». إلى ذلك، اعتبر الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند والمستشارة الألمانية أنغيلا مركل أن اتهام أردوغان برلين وعواصم أخرى ب «ممارسات نازية»، ليس مقبولاً. وأعرب هولاند عن تضامنه مع ألمانيا ودول أخرى طاولتها انتقادات الرئيس التركي، مشيراً إلى أنه اتفق مع مركل على إمكان تنظيم تجمّعات في شأن الاستفتاء التركي، شرط التزامها القوانين الفرنسية والألمانية. في السياق ذاته، حضّ الأمين العام ل «الأطلسي» ينس ستولتنبرغ أعضاء الحلف ال28 على «تخفيف مستوى النزاع» في ما بينها. واعتبر أن قوة الحلف تكمن في إتاحة نقاش قوي ومفتوح، مستدركاً بوجوب وقف تراشق الاتهامات.