عندما تعزف سيمفونية الإبداع فالأكيد أن هناك عملاً عظيماً وراءه فريق أعظم يقدم هذا العمل بأسلوب إبداعي شيق، ترفع له القبعات. لم تكف الأيدي عن التصفيق والتفاعل، ولم تتوقف الأجساد عن التمايل، وتوقفت اللحظة عند إعجاب الجمهور الذي أنبهر بالأداء الرائع لمجموعة من الشباب الذين قدموا أداء موسيقياً رائعاً، التقى فيه فريقان من الشرق والغرب جمع بينهما نبض الشباب وحب الموسيقى والإيقاعات الحارة الصاخبة أحياناً والهادئة أحياناً أخرى بحرفية عالية وأداء تقني راق. إنهما فرقتا «فيشينغ وذ غانز» Fishing with guns و «أبو شادي» Abou shady اللتان قدمتا أمسية فنية تنوعت فيها الأشكال الموسيقية الحداثية من Southern Rock وMetal وHard rock وPop وموسيقى تقليدية... في حفلة أقامها مركز الإبداع الفني في الإسكندرية. تحول الأداء الموسيقي مبارزة عجيبة وغريبة بين الفريقين وبين موسيقى حداثية ذات تأثيرات متعددة، والموسيقى التقليدية للفرقة المصرية، في محاولة لمواجهة الحديث التقليدي ومزج الإيقاعات والأنغام ودمج التقاليد والمستقبل مع الإبقاء على الهوية الثقافية لهاتين الفرقتين ذات الأصول المختلفة والآفاق التي تبدو متباعدة للوهلة الأولى. أهم ما ميز العرض هو قدرة الفنانين الشباب العرب والأجانب على الانصهار في نغمة واحدة لم تحمل أي نوع من النشاز، ما أثار الحاضرين وانفعالهم. «فيشينغ وذ غانز» فرقة فرنسية تأسست عام 2005 وتتكون من خمسة أشخاص هم: جون مغني الفريق، ريمي وكريستوف على الغيتار، ماكس تريبار على الدرامز، وجيكس الذي يلعب «بيس». يقول جون: «نحن خمسة أصدقاء وخمسة مشاعر موسيقية مختلفة، جمع بيننا حب الموسيقى والولع بالإيقاعات الشبابية، وأردنا أن نعبر عن أحلامنا وآمالنا ونحكي عنها للآخرين فكونّا هذا الفريق». ويوضح ان «الميتال كشكل موسيقي غير متعارف عليه في الشرق الأوسط وغير محبوب في كثير من الدول العربية، وجئنا اليوم لنقول إن ال «ميتال» موسيقى ليست عنيفة، وهناك لاعبو «ميتال» غربيون يقدمون فناً (غير قبيح)، وجئنا لنتعرف الى ثقافة الآخر، فالتمازج والتلاقح بين مختلف الحضارات وكل أنماط الإبداع الإنساني هما لمصلحة إثراء الحضارة الإنسانية الكونية. فالفن لغة عالمية لا يقف أمامها عائق لجهة التأثير والانتشار نظراً إلى قدرتها على إذابة الحدود بين الدول والفوارق بين البشر». يقول جون: «أهم ما يميز فريقنا هو التفاني ورغبة كل منا في تقديم أفضل ما لديه، ونحن نعتقد أن لدينا دوراً مهماً في إسعاد الإنسان وإحداث التوافق النفسي الذي ينشده الجميع، ولذلك نحاول إزالة المعوقات التي تحد من استمتاع الناس وفرحهم بالموسيقى، ما جعلنا ننافس وبقوة عروض الفرق الكبرى في أوروبا». وعن مدى تفاعل الشباب المصري مع موسيقاهم، عبر أعضاء الفرقة عن انبهارهم الشديد، لما لاقوه من تحية كبيرة وإشادة من جمهور العرض فاقا توقعاتهم، مشيرين الى أنها ليست المرة الأولى في مصر، إذ زاروها في شباط (فبراير) 2009 ووجدوا تفاعلاً كبيراً من الشباب المصري والجاليات العربية، كما شعروا بحب المصريين لهم حتى وإن لم يفهموا موسيقاهم، وكان الاستقبال «مدهشاً». وهم وجدوا أن الجمهور الإسكندري كان سعيداً بهم للمرة الثانية ومنتظراً للجديد الذي يقدمونه. إلى ذلك، تقدم فرقة «أبوشادي» المصرية موسيقى مصرية أصيلة في شكل عصري تتمازج فيه إيقاعات «الميتال» مع الإيقاعات الشرقية، وتتكون من أربعة أعضاء. يقول محمد الهرواي عن الفرقة: «أردنا من خلال تشكيل الفرقة أن ننقل حبنا وتمسكنا بالفن العربي المعروف بنكهته الأصيلة وحاولنا إضفاء تيمة عصرية على كل ما نقدمه تتلاءم وروح الشباب». وعن لقائهم بالفرقة الفرنسية، أعرب الهرواي عن سعادته باللقاء والذي كان أشبه بمعركة فنية سليمة «اصررنا على الخروج منها فائزين». وأكد الهرواي أن هذا اللقاء يحمل في طياته رسالة هدفها التواصل والحوار بين أنواع الثقافة ومن بينها الفن بين الشرق والغرب.