عاد الإرهاب ليضرب القطاع السياحي في تونس، التي يعاني اقتصادها من بطء في النمو. وبعد الهجومين الإرهابيين على متحف باردو في العاصمة والمنتجع البحري في سوسة، شنّ ارهابيون هجوماً على نقطة تفتيش في منطقة جنعورة التابعة لمحافظة قبلي أمس، فقتلوا شرطياً وجرحوا آخر، ما دفع وحدات الأمن إلى الرد فقتلت مسلحَين منهم واعتقلت آخر، في ضربة قد تُؤثر سلباً في سياحة المنطقة الصحراوية التي تُعدّ وجهةً مهمة في هذا الوقت من السنة. وذكر بيان لوزارة الداخلية التونسية، أن دورية أمنية تمكنت من «صد هجوم أسفر عن استشهاد عنصر أمن وإصابة آخر بجروح خضع على أثرها لعملية جراحية، والقضاء على إرهابيَين وجرح ثالث نُقل إلى المستشفى، بينما تمكن الإرهابي الرابع من الفرار». وتعرضت النقطة الأمنية في جنعورة للهجوم عند الواحدة بعد منتصف ليل السبت - الأحد، على يد مجموعة من 4 مسلحين على متن دراجتين ناريتين تحتوي كل واحدة منهما على عبوة ناسفة تقليدية الصنع، وفق بيان الداخلية. وتُعد محافظة قبلي أحد أهم المواقع السياحية في تونس، بخاصة أنها تحتضن سنوياً «مهرجان دوز الصحراوي الدولي»، أحد أبرز المهرجانات الصحراوية في العالم، ويستقطب آلاف السياح الأجانب، إضافة إلى مهرجان «ذبذبات الصحراء» الذي أُقيم نهاية الشهر الماضي. وأتت هذه العملية المسلحة في المدينة القريبة من الحدود مع الجزائر، والتي يرتادها السياح الأجانب بكثرة، لطبيعتها الصحراوية، بعد أيام من معلومات نشرتها وزارة الخارجية الأسترالية تفيد بأن عملية إرهابية وشيكة تستهدف مواقع يرتادها سياح أجانب في تونس بلغ إعدادها مراحل متقدمة». وطالبت الخارجية الأسترالية مواطنيها، قبل نحو أسبوع، بعدم السفر إلى جنوبتونس، بخاصة محافظات قبلي وتطاوين ومدنين، وعدم الاقتراب من الحدود مع ليبيا والجزائر «بسبب التهديد بحصول هجوم إرهابي أو حالات خطف». وقال وزير الداخلية التونسي الهادي مجدوب، رداً على هذه المعلومات، إن «الوضع الأمني مستقر إجمالاً، وتونس لا تتعرض لتهديدات إرهابية»، مؤكداً أن الوحدات الأمنية متيقظة ومستعدة للتصدي لكل مَن يحاول المساس بأمن البلاد وحرمتها. ويُعتبر هذا الهجوم الأول من نوعه في منطقة سكنية بعد هجوم «بن قردان» العام الماضي الذي نفذه عشرات المسلحين من تنظيم «داعش» الإرهابي، قدموا من ليبيا واستهدفوا مقار أمنية وعسكرية في المدينة الحدودية، إلا أن قوات الشرطة والجيش تمكنت من صدهم وقتل العشرات منهم. وتراجعت إيرادات السياحة في تونس بفعل الضربات الإرهابية التي استهدفت متحف باردو في العاصمة ومنتجعاً ساحلياً في محافظة سوسة، ما أسفر عن مقتل عشرات السياح الأجانب وتدهور كبير في القطاع السياحي الذي يُعد من أهم أعمدة الاقتصاد التونسي. ومن شأن هذه العملية أن تُؤثر على جهود حكومة يوسف الشاهد في إقناع الدول الأوروبية برفع قيود على السفر إلى تونس، فرضتها بعد هجمات سقط ضحيتها سياح أجانب، وأبرزها بريطانيا، التي فقدت 30 من مواطنيها في هجوم سوسة صيف 2015. في سياق متصل، قال وزير الداخلية الألماني توماس دو ميزيير أمس، بأن تونسياً مطلوباً في بلاده، لاحتمال تورطه في الهجوم على باردو، يمكن ترحيله. وكان الرجل اعتُقل الشهر الماضي للاشتباه في تخطيطه لشن هجوم إرهابي في ألمانيا. وأضاف دو ميزيير: «أستطيع أن أؤكد أن المحادثات بيننا وبين الجانب التونسي تمت بنجاح. الإرهابي يقبع في السجن وأتوقع ترحيله قريباً». وذكر مدعون ألمان أن الرجل الذي عرّفته وسائل إعلام ألمانية باسم هيكل س. اعتُقل الشهر الماضي، ويُعتقد أنه جنّد عناصر لمصلحة «داعش» في ألمانيا. وأضافوا أن المتهم عاش في ألمانيا قرابة عقد من الزمن قبل أن يغادر في العام 2013 ثم ما لبث أن عاد طالباً اللجوء في آب (أغسطس) من العام 2015، بعد 5 أشهر على هجوم باردو، الذي يشتبه المحققون الألمان بتورطه فيه.