وعدت وارسو اليوم (الخميس) بأن «تفعل كل شيء» لمنع إعادة انتخاب دونالد توسك رئيساً للمجلس الأوروبي، مهددة بذلك بتسميم قمة في بروكسيل تهدف أساساً إلى تعزيز الاتحاد الأوروبي في مرحلة ما بعد «بريكزيت». وقبل ساعات من بدء هذا الاجتماع الذي يستمر يومين، قال وزير الخارجية البولندي فيتولد فاشيكوفسكي «سنبلغ شركاءنا بأن القمة ستكون مهددة إذا عملوا على التصويت عليه». ورد رئيس الوزراء المالطي جوزف موسكات المكلف إجراء مشاورات بين الدول الأعضاء حول هذه المسألة، في تصريحات لصحافيين اليوم، إن الانتخاب «مدرج على جدول الأعمال وعلينا اتخاذ قرار». وفي برلين، صرحت المستشارة الألمانية أنغيلا مركل أن إعادة انتخاب توسك على رأس المجلس الأوروبي سيكون «مؤشراً على الاستقرار في الاتحاد الأوروبي بأسره». وقالت في خطاب أمام النواب الألمان «اليوم سنتخذ قراراً يتعلق بإعادة انتخاب دونالد توسك لولاية جديدة من سنتين ونصف السنة رئيساً للمجلس الأوروبي». وأضافت «اعتبر إعادة انتخابه مؤشراً على الاستقرار في الاتحاد الأوروبي بأسره». ويمكن أن يخل تصميم وارسو بالمناقشات حول مستقبل أوروبا بين الدول ال 27 الأعضاء التي يفترض أن تُجرى غداً من دون بريطانيا وتتركز حالياً على مفهوم أوروبا «بسرعات متفاوتة» الذي يسبب انقساماً. وإعادة انتخاب توسك هي أول موضوع قرر قادة دول الاتحاد الأوروبي بحثه بعد ظهر اليوم. ويشغل رئيس الوزراء البولندي الليبرالي الأسبق منذ نهاية 2014 رئاسة هذه المؤسسة الأوروبية التي يتلخص دورها في تنسيق القمم الدورية التي يحضرها رؤساء الدول والحكومات لتحديد الأولويات السياسية للاتحاد الأوروبي. وهو يتمتع بدعم واسع من قادة الدول لكن وفي حدث غير مسبوق، تعترض عليه بلاده التي اقترحت مرشحاً منافساً له هو النائب الأوروبي ياتسيك ساريوش-فولسكي. وقال وزير الخارجية البولندي «سنفعل ما بوسعنا حتى لا يجري التصويت اليوم»، ملمحاً إلى أن وارسو يمكن أن تعترض على كل نتائج القمة إذا لم يتم الإصغاء لطلبها. وأوضحت رئيسة الوزراء البولندية بياتا شيدلو في رسالة وجهتها إلى نظرائها الأوروبيين أمس، أن توسك «انتهك بشكل خطر» قاعدة «الحياد السياسي» الضروري لمنصبه. وهي تأخذ عليه «التدخل شخصياً» في الحياة السياسية في بلده حيث واجهت بعض الإصلاحات التي قامت بها السلطة الممثلة حالياً بحزب «القانون والعدالة» القومي المحافظ، انتقادات من المفوضية الأوروبية التي اعتبرت أنها تمس بدولة القانون. وأكد توسك مدافعاً عن نفسه أمام الصحافيين أمس «إنني غير منحاز وحيادي سياسياً»، مؤكداً أنه «جاهز للحكم عليه». ودان ديبلوماسي من بلد أوروبي «الرغبة في تصدير مشكلة داخلية» من قبل وارسو التي لا تلقى حتى الآن سوى دعم المجر التي يرئس فيكتور أوربان حكومتها. وفي الواقع، لا تمنع معارضة وارسو ترشح توسك. وقال مسؤول حكومي ألماني أمس طالباً عدم كشف هويته «هناك تأييد ساحق» لتوسك، بينما يفترض أن يحصل المرشح على غالبية موصوفة من 21 بلداً على الأقل، تمثل 65 في المئة من سكان الاتحاد الأوروبي. وحتى رئيس الوزراء السلوفاكي روبرت فيكو الذي تقف بلده عادة مع بولندا والدولتين الأخريين في مجموعة «فيزيغراد» (الجمهورية التشيكية والمجر) ضد «المفوضية الأوروبية»، قدم دعمه لتوسك. وبعد حل مشكلة توسك، يفترض أن ينتقل القادة الأوروبيون ال28 اليوم إلى مناقشة السياسة التجارية للاتحاد الأوروبي وأزمة الهجرة ومشاريعهم في مجال الدفاع. وسيناقشون أيضاً الوضع في غرب البلقان حيث يثير تصاعد التوتر وتدهور الوضع السياسي قلقهم. والجمعة وفي غياب تيريزا ماي، سيخصصون اجتماع الصباح للإعداد «لإعلان روما» الذي ينوون نشره بمناسبة الذكرى ال 60 لتوقيع المعاهدة التأسيسية للاتحاد التي سيتم الاحتفال بها في العاصمة الإيطالية في 25 آذار (مارس) الجاري. ويفترض أن يؤكد هذا النص الرسمي أن الاتحاد الأوروبي سيبقى موحداً بعد «بريكزيت». لكن المفهوم المسبب للانقسام حول مستقبل «بسرعات متفاوتة» لأوروبا هو الذي يثير الجدل، مع دعم قوي من باريسوبرلين اللتين ترغبان خصوصاً في تعزيز الدفاع الأوروبي من دون أن تعرقل الدول المتحفظة على ذلك مشاريعهما. ولكن دولاً أخرى تشعر بالقلق من أن تصبح أعضاء من الدرجة الثانية في الاتحاد مثل «مجموعة فيزيغراد» (المجر وبولندا والجمهورية التشيكية وسلوفاكيا) التي عبرت في الأشهر الأخيرة عن معارضتها الشديدة لسياسة الهجرة التي يتبعها الاتحاد الأوروبي. وقال ديبلوماسي من إحدى هذه الدول محذراً «يجب التزام الحذر. إذا بالغنا في الأمر يمكن أن نصل إلى تفكك» للاتحاد.