«الحياة حق»، هو عنوان المبادرة التي ترعاها مؤسسة «قيادات» ومنتدى «شارك» الشبابي في فلسطين، بهدف «العمل على تغيير المفاهيم والتصورات المتعلقة بعقوبة الإعدام على الصعيدين الرسمي والمجتمعي»، كخطوة باتجاه الهدف الأكبر للمبادرة، وهو تفعيل مساهمة الشباب في إلغاء عقوبة الإعدام في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة. وسيتم العمل على تحقيق هذين الهدفين من خلال ثلاثة محاور هي: تعبئة وبناء شبكات محلية من الشباب الناشطين، ونشر وإتاحة المعرفة المتعلقة بإلغاء عقوبة الإعدام، وتنفيذ مجموعة من النشاطات لكسب التأييد والمناصرة بمشاركة شخصيات رسمية، بالإضافة إلى جموع المواطنين. ومع بداية تنفيذ المشروع، سيتم العمل على بناء شبكات محلية من الناشطين تتألف من مجموعة صغيرة من الشبان والشابات الذين يعارضون استخدام عقوبة الإعدام والذين لديهم التزام تام من خلال مجموعة من النشاطات لحشد التأييد والدعم لمناهضة استخدام هذه العقوبة. ومن أجل تعبئة هذه الشبكات بطريقة مهنية، يؤكد بدر زماعرة، المدير التنفيذي لمنتدى «شارك»، أن المؤسسات الشريكة «ستعمل على تقديم برنامج تدريبي في مجالات عدة لبناء قدرات المشاركين في مهارات الدعم والمناصرة، والمهارات البحثية، والمهارات القيادية، بالإضافة إلى المعرفة المتعلقة بتاريخ عقوبة الإعدام والحجج التي تساق ضد استخدام هذه العقوبة». ويضيف زماعرة: «بالتزامن مع بناء الشبكات، يجري العمل على إحداث برنامج تعليمي لتثقيف الجمهور حول عقوبة الإعدام، يهدف بدوره إلى إلغاء هذه العقوبة». ويعترف القائمون على المشروع بأن واحدة من العقبات الرئيسية التي تواجه التقدم نحو إلغاء عقوبة الإعدام هي رأي الجمهور بشأن استخدام هذه العقوبة، ففي حين أن هناك ثروة من الأدب المتعلق بإلغاء عقوبة الإعدام في بلدان أخرى حول العالم، يعاني الوطن العربي، وفلسطين بطبيعة الحال، من شح في هذه الأدبيات، إضافة إلى أن المصادر المتوافرة حول عقوبة الإعدام في الوطن العربي ليست متوافرة باللغة العربية، وموجهة للمهنيين، ولا يمكن الوصول إليها بسهولة. وفي هذا الإطار سيتم العمل على توفير معلومات حول حالات فردية من الممكن أن يتم استخدام عقوبة الإعدام فيها، بالإضافة إلى تجميع وإتاحة المعلومات المتعلقة باستخدام هذه العقوبة على المستوى المحلي والعالمي. وسيعتمد تحقيق هذه النتيجة بشكل أساسي على نشر مجلة فصلية، وإنشاء صفحة إلكترونية، بالإضافة إلى نشر التقارير والمنشورات المختلفة. بدوره يقول المدير التنفيذي لمؤسسة «قيادات» شادي العطشان، إن «تنفيذ مجموعة من النشاطات لكسب التأييد والمناصرة، بمشاركة شخصيات رسمية، بالإضافة إلى جموع المواطنين، ترتبط على وجه التحديد بالنشاطات التي ستنفذ في إطار هذا المشروع لكسب الدعم والتأييد لمناهضة استخدام عقوبة الإعدام». ويبين العطشان أن هذه النشاطات «تهدف على وجه التحديد إلى إثارة مسألة إلغاء عقوبة الإعدام بين صانعي القرار وكبار المسؤولين الحكوميين في النظام القضائي في فلسطين»، لافتاً إلى أنه «سيتم تنفيذ هذه النتيجة على مسارين، بحيث يركز المسار الأول على الدعوة إلى إلغاء عقوبة الإعدام بين عامة الناس، أما المسار الثاني، فيركز بشكل أساسي على صانعي القرار القادرين على التغيير على الصعيد الرسمي». ويوضح العطشان أن الناشطين الشباب في المسار الأول «سيعملون على تخطيط وتنفيذ سلسلة من الندوات العامة، التي تهدف بدورها إلى خلق دعم جماهيري لإلغاء عقوبة الإعدام، في حين سيتم استهداف الأفراد ذوي النفوذ والموظفين العموميين الذين يمكن لهم التأثير على استخدام عقوبة الإعدام، كالقضاة في المحاكم العليا وفي غيرها، النواب، وأعضاء البرلمان، فضلاً عن كبار المسؤولين في وزارة العدل، على المسار الثاني». ويضيف العطشان: «في هذا الإطار، سيتم تحديد طبيعة كل اجتماع مع هؤلاء المسؤولين بناء على ثقل كل واحد منهم وطبيعة الدور الذي يمكن أن يضطلع به للحد من استخدام عقوبة الإعدام في كل دولة من الدول المشاركة، كما سيتم تنفيذ مجموعة من النشاطات الإقليمية بمشاركة جميع الشركاء الذين سيقومون بلعب دور رئيسي لتنفيذ المشروع في بلدانهم، وسيكون كل واحد منهم مسؤولا عن التنسيق مع الجهات المعنية التي تم تحديدها في تصميم هذا المشروع لتنفيذ الأنشطة المنطوية عليه». ومع الإعلان عن رغبة المشروع باستقطاب متطوعين من الشبان والفتيات، بدأت الطلبات تتوافد على الموقع الإلكتروني المخصص لذلك. وحول مستوى الإقبال يقول زماعرة انه جيد، «ولا يمكن الحكم الآن، إذ إن الإعلان عن طلب متطوعين للحملة لا يزال حديثاً... هناك شروط قد لا تكون سهلة للموافقة على المتطوعين لهذا المشروع، أولها إيمانهم بأهمية إلغاء عقوبة الإعدام، إضافة إلى كونهم يتمتعون بقدرة عالية على الإقناع، وسبق لهم المشاركة في مشاريع حقوقية، وبالتالي نحن نركز على النوع وليس على الكم». ويضيف زماعرة: «تفاعلت المبادرة بعد قيام الحكومة المقالة في غزة بإصدار أحكام بالإعدام على من وصفتهم بالعملاء ثم تبين أن بعضهم بريء، ونرى في ائتلاف «الحياة حق»، أن ليس من حق أي كان إنهاء حياة شخص آخر، بمن فيهم الجواسيس، الذين يمكن ردعهم عبر السجن لسنوات طويلة... في الفترة الأخيرة صدرت أحكام إعدام مكثفة في غزة، وتوقفت من دون منهجية واضحة أو قانون يحرمها في الضفة... كل ما نسعى إليه هو تجنيد شباب مؤمنين بالحق في الحياة تحت أي ظرف من الظروف». وحول المخاوف من احتجاجات ذات بعد ديني قد يثيرها المشروع، يقول العطشان: «المشروع لا يزال في بدايته، وبالتالي لم يناقَش مع أي من المرجعيات الدينية الفلسطينية، ولكن تم الاطلاع على العديد من الدراسات والبحوث التي أعدتها شخصيات سياسية وأكاديمية ودينية عربية تصب في مصلحة المشروع». والجدير ذكره أن المشروع يتم بالشراكة مع عدد من المؤسسات العربية، كمؤسسة «نماء» الأردنية، و«المؤسسة اللبنانية للتعليم والتدريب»، ومركز «أندلس» المصري لدراسات التسامح ومناهضة العنف، بتمويل من المفوضية الاوروبية، من خلال الأداة الأوروبية للديموقراطية وحقوق الإنسان، بهدف تعزيز مساهمة الشباب في تغيير المفاهيم المتعلقة بعقوبة الإعدام على الصعيدين الرسمي والمجتمعي في كل من الأراضي الفلسطينيةالمحتلة، لبنان، الأردن ومصر.