مركز التنمية الاجتماعية في جازان ينفذ ورشة عمل بعنوان "تحديات المنصات التمويلية"    بيان مشترك في ختام زيارة رئيس وزراء جمهورية الهند للسعودية    أمير منطقة جازان: فرص سياحية واعدة تنتظر المستثمرين في جزر فرسان    مدير عام التعليم بالطائف يلتقي بفريق مشروع التحول بالوزارة    الرئيس التونسي يستقبل المشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة    اوقية الذهب تنخفض الى 3357.11 دولارًا    ترند اليوم لا تتذكره غدا في هيئة الصحفيين بمكة    رياح نشطة على أجزاء من عدة مناطق بالمملكة    رئيس وزراء جمهورية الهند يغادر جدة    الاحتلال يُدمر آليات الإنقاذ استهدافًا للأمل في النجاة.. مقترح جديد لوقف الحرب في غزة وسط تصعيد متواصل    الأردن يستعد لكشف تفاصيل جديدة عن "خلية الإخوان"    عودة رائد الفضاء دون بيتيت بعد 220 يوما    تدريب الطلبة على اختراق تطبيقات الويب    عقدا جلسة مباحثات وترأسا مجلس الشراكة الإستراتيجية السعودي- الهندي.. ولي العهد ورئيس وزراء الهند يستعرضان تطوير العلاقات الثنائية    فريق عمل مشروع توثيق تاريخ كرة القدم السعودية ينهي أعماله    إعلاميون ل"البلاد": خبرة الهلال سلاحه الأول في نخبة آسيا    105 تراخيص جديدة .. ارتفاع الاستثمارات والوظائف الصناعية في السعودية    بديل "إكس" تستعير واحدة من أبرز ميزاتها على منصتها    ألم يملّ مختصو التوظيف من عبارة: "مؤهلاتك فوق المطلوب"؟    استمرار تحمل الدولة رسم تأشيرة عمالة مشروع «الهدي».. مجلس الوزراء: إنشاء غرفة عمليات لاستقبال ومعالجة بلاغات الاحتيال المالي    السجن والغرامة لمستخدمي ملصقات الوجه على WhatsApp    وفاة إبراهيم علوان رئيس نادي الاتحاد الأسبق    ضربات تُسقط مهربي ومروجي السموم في عدة مناطق    إطلاق أكثر من 30 كائنًا فطريًا في محمية الملك خالد الملكية    سفراء الوطن يحصدون الجوائز العالمية    مؤتمر مكة للدراسات الإسلامية.. فكر يبني وانسانية تخدم    أمانة الشرقية تنظم معرضًا للابتكار والإبداع    أمير الرياض يستقبل السفير الإندونيسي    أمير تبوك يستقبل قنصليْ أفغانستان وكينيا    أمانة مكة تعلن ضوابط الشهادات الصحية للحج    مباحثات سعودية - عراقية لتعزيز مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية    السفير الرشيدان يلتقي رئيس مجلس النواب الطاجيكي    دول آسيوية تدرس مضاعفة مشتريات الطاقة الأميركية لتعويض اختلال الميزان التجاري    «التواصل الحضاري» يدرّب 89 طالبًا من 23 جامعة    جامعة الملك سعود تحتفي باليوم العالمي للغة الصينية    معرّفات ظلامية    أمير المدينة المنورة يطلع على جهود "الأمر بالمعروف"    دليل الرعاية الصحية المنزلية.. خارطة طريق لكفاءة الخدمات    «صحي نجران» يُدشن عيادات لعلاج السمنة    المملكة تستعرض تجربتها في تنظيم الطب التكميلي    أسباب الصداع الصباحي وآلام الفك    "هيئة الأدب" تدشن جناح مدينة الرياض في معرض بوينس آيرس الدولي للكتاب    عالم خلف العدسات نعرض حياتنا لا نعيشها    بائع البوظة يؤكد تهافت الرواية التاريخية    نائب أمير الرياض يُشرف حفل السفارة الأمريكية بمناسبة ذكرى اليوم الوطني    7.7 مليار ريال أثر مالي لكفاءة الإنفاق بهيئة تطوير المنطقة الشرقية    ما الأقوى: الشريعة أم القانون    "جامعة جدة" تحتفي بأبطال المبارزة في بطولة المملكة للمبارزة SFC    بنزيما يحظى بإشادة عالمية بعد فوز الاتحاد على الاتفاق    المصادقة على مشروع توثيق تاريخ كرة القدم السعودية    7 مليارات ريال تمويل القروض الزراعية    موجبات الولادة القيصرية وعلاقتها بالحكم الروماني    أمير الشرقية يرعى حفل تخريج الدفعة ال 46 من طلاب جامعة الإمام عبد الرحمن    رئيس المالديف يستقبل البدير    أمير تبوك يستقبل القنصل العام لجمهورية أفغانستان لدى المملكة    نائب وزير الخارجية يستقبل مساعد وزير الخارجية مدير عام إدارة الشرق الأوسط وأفريقيا بوزارة خارجية اليابان    الرئيس العام للهيئات يلتقي منسوبي فرع المدينة المنورة    قوميز: مواجهة الرياض "نهائي جديد".. ونركز على التفاصيل والخروج بأفضل نتيجة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خيم الخصام في الصحراء
نشر في الحياة يوم 21 - 11 - 2010

أبعد من ضبط النفس، تعكس الصورة مظهراً آخر في الاستسلام لمشاعر أحقاد تنامت على ضفاف نزاع الصحراء. وبالقدر الذي ركنت القوات المغربية الى لجم أي تصرف انفعالي، وهي بصدد تفكيك خيام نازحين صحراويين، نصبت تحت شعار مطالب اجتماعية في السكن والعمل، بالقدر الذي لم يكن مقبولاً أن يلجأ محتجون غاضبون الى نحر ضحاياهم.
غاب كل شيء في نزاع الصحراء، وحضرت الصورة قوية، كما لم تقدر أي بلاغة سياسية أن تختزل حقيقة ما حدث. بعض الصحافة الإسبانية استعار مشاهد أطفال فلسطينيين داستهم عربات القتل الإسرائيلي وقدمتهم على أساس أنهم ضحايا تدخل القوات المغربية، وأشلاء ضحايا جريمة أخلاقية في الدار البيضاء احتلت مواقع الصدارة على أعمدة صحافة زعمت أنها من فعل «عدوان» مغربي في الصحراء.
خجلت بعض الصحافة الإسبانية واعتذرت، فيما علقت بالأذهان صورة ناشطة صحراوية كانت تذرف الدموع، وادعت أنها تعرف أسر أولئك الأطفال الفلسطينيين، لكن مع سبق الإصرار في ارتكاب خطأ في العنوان، حين ادعت أنهم كانوا من بين ضحايا مخيمات العيون، غير أن أعضاء مجلس الأمن الدولي، وهم يرصدون وقائع شريط مصور لوقائع أحداث العيون، خلصوا الى إدانة العنف، ورفضوا تشكيل لجنة تحقيق. فكانت رسالتهم درساً بليغاً لناحية تأثير الصورة، إذ تقدم الحقائق كما هي على الأرض، وليس من خلال تحميلها أبعاداً سياسية الفائدة لهذا الطرف أو ذاك.
طغى الجانب الإعلامي في إدارة حرب نفسية بكل المواصفات والدوافع. ومع أن كثيراً من أنماط الخديعة لا تغير من هكذا حروب، فإن الخاسر الأكبر في ما حدث، هو تقديم ذلك الوجه القبيح للصراع، وليس لأي طرف مهما كانت القضية التي يدافع عنها أن يلجأ الى مثل هذا السلوك الوحشي الذي ابتدعته تنظيمات متطرفة خارجة عن القانون.
في مقابل الاستسلام الى المشاعر وتركيب الصور غير الحقيقية لإقناع الرأي العام الإسباني بشيء لم يحدث في الواقع، حرص المغاربة هذه المرة على توثيق ما جرى بالصوت والصورة. ومع أن الرأي العام المغربي لم يتقبل معنى أن يُنحر بعض أفراد قواته بتلك الطريقة الوحشية، فقد ترسخ اعتقاد بأن القوة تتحول الى ضعف، إذ يتعلق الأمر بالحرص على أرواح غاضبين، ردد المغاربة قبل تدخلهم أنهم ليسوا في وضع الاختيار الحر لاستمرار الحوار الذي كاد يحقق أهدافه.
كافة الاستقراءات تدل على أن نزاع الصحراء دخل مرحلة جديدة. ولم يكن وارداً أن ينتقل الى درجة الغليان والتشنج والاستخدام المفرط للمشاعر، لو أن أمده لم يطل الى حد استشراء اليأس والتذمر، ولأنه ليس من قبيل النزاعات الواضحة المعالم والأهداف، فقد كان طبيعياً أن ينحدر الى مستوى فقدان السيطرة، فلا المفاوضات رسخت قناعات الأمل، ولا الحوار الإقليمي استوعب تداعيات المشكل، ولا مواقع المتصارعين بقيت عند مربعها الأصلي.
بيد أن انتقال أي صراع حول أي قضية من مرحلة الى أخرى يكون مطلوباً ومقبولاً، بخاصة في ضوء التحكم بخيوط اللعبة، فدائماً تكون هناك أهداف سياسية تحتم إدارة الصراع، بما يكفل للفرقاء أو لأحدهم على الأقل قياس درجات التسخين والتصعيد. إلا أنه حين تختلط الأوراق وتندس ممارسات خارج سياق ما يمكن تحمله تضيع معالم القضية الجوهرية.
تجنب المغاربة كثيراً أن يصفوا شركاءهم في مفاوضات الحل السياسي لنزاع الصحراء، غير أنهم يجب أن يكونوا معنيين باستتباب الأمن والسلام والاستقرار في المنطقة برمتها. فهم في واقع الأمر يحاورونهم الى جانب باقي الأطراف المعنية بالصراع الإقليمي، وأكثر ما تكون الخشية من أن أسلوب المفاوضات لم يعد في إمكانه أن يستوعب كل التناقضات.
أخطر من التهديد بمعاودة حمل السلاح، أن تكون ثمة حرب من نوع آخر قد بدأت، فليس جديداً على أطراف نزاع الصحراء أن يضغطوا على زناد البنادق. فعلوا ذلك حين لم تكن هناك بوادر حل. أما اليوم فلا أسهل من إشعال حرائق، لن يصبح مجدياً السؤال عمّن تسبب فيها، وإنما البحث في أسرع الطرق والوسائل لإطفائها. لكن أحداث العيون تبقى نوعاً من الجراح التي تحدث شرخاً عميقاً في الأفكار والمفاهيم والرهانات، والأصل في ذلك أن أهل الصحراء لا يميلون الى العنف، ونصب الخيم عندهم تقليد متوارث ينبع من الوئام وليس الخصام الذي يترك الهوة عميقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.