بوتيرة متسارعة سجل سعوديون خلال الأسابيع الماضية أسماءهم في بوابة «حساب المواطن»، التي استقبلت بيانات 11 مليوناً من المواطنين، ما يؤهلهم للحصول على الدعم المالي من الحكومة، والتي في المقابل تعتزم رفع الدعم عن بعض السلع الرئيسة، ومنها الوقود. وتوقعت مصادر في قطاع الطاقة أمس (الثلثاء) أن تكون الزيادة بنسبة 30 في المئة بعد أربعة أشهر، اعتباراً من تموز (يوليو) المقبل، في خطوة لمواكبة أسعار النفط العالمية. ونقلت وكالة «رويترز» عن مصدر في قطاع الطاقة السعودي قوله: «بشكل أساس فإن الجميع يتحدثون عن (زيادة) 30 في المئة». وفي حال أقرت هذه الزيادة ستصبح أسعار البنزين 117 هللة لنوع 95، و90 هللة ل91. وأضاف مصدران آخران أنه يجرى النظر في الزيادة على أنها ستبلغ 30 في المئة. وقال مصدر ثالث: «القرار لم يتخذ بعد في شأن المقدار الدقيق للزيادة وآلية تطبيقها». وذكر أحد المصادر: «قد يكون هناك تغيير في الموعد أو النسبة المئوية للزيادة بما يتماشى مع العبء المالي الذي قد يتحمله المواطنون». وتعد السعودية أكبر مُصدّر للنفط في العالم، وإحدى ثلاث دول تبيع البنزين بأرخص الأسعار على مستوى العالم، بعد فنزويلا وليبيا، فيما كانت تعتمد عليه مصدراً رئيساً لاقتصادها. ونجحت جارتها الخليجية الإمارات في ربط أسعار النفط المحلية بالأسعار العالمية منذ مطلع العام 2016، وظلت تتابع تحديثها شهرياً. وتخطط المملكة حالياً للتحول إلى الاقتصاد متعدد المصادر، مع رفع الدعم عن بعض السلع والخدمات، مراعية في ذلك الطبقة ذات الدخل المنخفض والمتوسط التي ستدعمها من خلال «حساب المواطن». وقال وزير العمل والتنمية الاجتماعية الدكتور علي الغفيص في وقت سابق إن مبالغ الدعم في برنامج «حساب المواطن» سيتم تحديثها كل ربع عام تبعاً لتغير أسعار النفط، صعوداً أو هبوطاً، كذلك أسعار الخدمات التي تخضع للأسعار العالمية. وتواصل المملكة حالياً تطوير وسائل النقل العام، سواء في داخل المدن أم وسائل النقل العام السفرية، خصوصاً شبكات النقل الحديد، لتخلق بديلاً للسكان في حال ارتفعت أسعار الطاقة، وأيضاً لتقليل الاستهلاك. والمتتبع لأسعار البنزين في المملكة خلال العقود الثلاثة الماضية، يلمس تبايناً فيها بين فترة وأخرى. وعلى رغم تراجع أسعار النفط العالمية فإن سعر البنزين يرتفع محلياً مع خفض الدعم الرسمي له، إلا أن اقتصاديين سعوديين يفاخرون بأن المملكة ما زالت تُعد الدولة الثالثة الأقل على مستوى العالم في أسعار البنزين، بعد فنزويلا وليبيا. حتى العام 1994 كان سعر ليتر البنزين في المملكة 33 هللة، ولكنه ارتفع في ذلك العام إلى 60، أما في العام التالي تم رفع الأسعار في إطار موازنة «متقشفة». وحدد مجلس الوزراء السعودي آنذاك أسعاراً جديدة للبنزين بقيمة 82 هللة لليتر. وتضمن القرار الجديد تحديد زيادة هامش الربح لأصحاب المحطات ليصبح تسع هللات، بدلاً من سبع هللات وربع الهللة. ثم تبعه رفع ثانٍ في 5 أيار (مايو) 1999 وأصبح سعر الليتر الواحد 90 هللة، في خطوة قال الاقتصاديون إنها «تدابير لخفض العجز في الموازنة بعد انخفاض أسعار النفط وتراجع الصادرات». بعد ذلك، وتحديداً عام 2003 طرح نوعان من البنزين في محطات الوقود هما: أوكتان 91، وأوكتان 95، الأول بسعر 82 هللة، والثاني ب1.2 ريال لليتر الواحد. غير أن أمراً ملكياً قضى بخفض تلك الأسعار، ليصبح سعر الأول 60 هللة، والثاني 75 هللة لليتر الواحد. وواصل مجلس الوزراء الخفض، ففي عام 2006 انخفض سعر 91 إلى 45 هللة، وال95 إلى 90 هللة. إلا أنه عاد في نهاية العام الماضي 2015 ورفع أسعار الوقود، ليكون سعر بنزين 91، 75 هللة لليتر الواحد، وارتفع بنزين 95 إلى 90 هللة. وأعلن المجلس أيضاً رفع أسعار الغاز والديزل والكيروسين، وعُدلت تعرفة استهلاك الكهرباء لكل القطاعات: السكني، والتجاري، والصناعي، والزراعي، والحكومي، وكذلك تسعيرة بيع المياه. ودرست السعودية ربط أسعار البنزين المحلية بالأسعار العالمية بعدما أقر مجلس الوزراء موازنة العام 2016 بعجز بلغ 326 بليون ريال (87 بليون دولار)، متأثرة بالهبوط الحاد في أسعار النفط العالمية. وضمن إجراءات الحكومة لمواجهة تراجع أسعار النفط والعجز المتوقع في موازنتها، خفضت في أيلول (سبتمبر) الماضي مزايا موظفي الدولة، عبر إلغاء علاوات وبدلات ومكافآت، وخفضت رواتب الوزراء بنسبة 20 في المئة، إضافة إلى خفض مكافآت أعضاء مجلس الشورى 15 في المئة. وطبقت المملكة موازنة توسعية في 2017، بعيداً عن توقعات الانكماش والتقشف، مركزة على الاستثمارات ذات الأولوية بهدف «تنمية الاقتصاد وتوفير الخدمات للمواطنين». وارتفعت قيمة الإنفاق في موازنة 2017 إلى 890 بليوناً، مقارنة ب825 بليون ريال في 2016. وستتابع الحكومة السعودية الإصلاح الاقتصادي في العديد من القطاعات، تطبيقاً ل«برنامج التحول الوطني 2020»، و«رؤية المملكة 2030».