تترقب الأوساط الاقتصادية في المملكة تمديداً جديداً لقرار دعم أسعار الوقود (البنزين والديزل)، التي صدرت بمرسوم ملكي العام 2006، وتم تمديدها، وانتهت مدة المهلة أمس، وسط تباين في الآراء حول أهمية بقاء الأسعار، واستبعاد عدم التمديد، نظراً لأن القرار يأتي في المقام الأول في خدمة المواطن. وأكد الخبير والمحلل الاقتصادي الدكتور إحسان بوحليقة في تصريح ل«الحياة»، أن دعم أسعار البنزين في المملكة له مبررات، نظراً لأنها متسعة الرقعة وتفتقر إلى نظام للنقل العام ضمن المدن، إضافة إلى أن وسائل المواصلات تعتمد بشكل أساسي على البنزين، وفي حال رفع الأسعار سيؤثر بشكل كبير في الأسر. وأكد أن الخيار الأمثل هو «الترشيد»، من خلال رفع كفاءة الاستخدام، موضحاً أنه تم خلال شهر كانون الأول (ديسمبر) الماضي قيام المملكة بتوقيع عدد من مذكرات التفاهم مع مصنعي السيارات في العالم في حفلة أقيمت في الرياض، وهذا الإعلان يهدف إلى أن المملكة لديها معيار في ترشيد استخدام كفاءة البنزين في السيارات، لافتاً إلى أنه سيتم الإعلان عنه خلال الشهر الجاري، وسيتم تنفيذه خلال كانون الثاني (يناير) من العام المقبل. وأوضح أن الخيار المتاح هو عدم رفع الأسعار لعدم وجود منظومة نقل متكاملة في المملكة، وهناك هدر واضح ولذلك هناك توجه لدى الحكومة وهو الترشيد، مبيناً أن ما يتم استهلاكه يومياً من النفط هو 3 ملايين برميل نفط مكافئ، وأن قضية رفع الدعم عن البنزين ليست أولوية في الوقت الحاضر، وإن حدث رفع عن الدعم سيكون على مراحل وبشكل تدريجي، وستكون أولى المراحل ترشيد ورفع كفاءة، وأيضاً ستكون بالتدريج، تفادياً لعدم التأثير المباشر في الأسر. وذكر بوحليقة أن ترشيد الدعم مهم، ولا بد من طرح سؤال وهو هل الجميع يستفيد من هذا الدعم؟ وماذا عن شراء وافد براتب متدنٍ لسيارة متهالكة تستهلك الكثير من الوقود، وهذا السؤال يقود إلى إجابة واحدة وهي ضرورة أن تكون هناك موازنة في عملية الدعم، فيما كشف أن الدعم العام تستفيد منه بشكل كبير الطبقة الغنية، والحل أن يكون هناك دعم موجه من خلال دعم المستفيدين المحتاجين من الدعم بشكل واضح. وتجاوز حجم الدعم السنوي لقطاع الطاقة في المملكة خلال العام الماضي 300 بليون ريال، وفق أرقام الوكالة الدولية للطاقة التي تقول إن استهلاك الفرد في السعودية للنفط يبلغ 35 برميلاً سنوياً، بما يعادل 13125 ريالاً (3500 دولار)، وهو رقم كبير مقارنة بحجم الاستهلاك العالمي. وأشار الاقتصادي نظير العبدالله إلى أن رفع أسعار الوقود ليس بالقرار السهل الذي يمكن أن يتخذ من دون قراءة صحيحة ومستقبلية لكثير من النواحي الاقتصادية والاجتماعية، مشيراً إلى أن ارتفاع أسعار النفط خلال الأعوام الماضية أثر في معظم دول العالم إما إيجاباً أو سلباً، ولا يمكن أن تكون دولة في منأى عن ذلك. وأوضح أن أسعار النفط المنخفضة في المملكة تركت آثاراً واضحة على حركة النمو الاقتصادي في المملكة خلال فترة الأزمة العالمية، كما أنها حدت بصور مختلفة من التضخم، وارتفاع في أسعار قطاع كبير من السلع الاقتصادية والاستهلاكية، خصوصاً في القطاعات المرتبطة بصورة مباشرة بالوقود. واستبعد أن يتم في الوقت المنظور رفع الأسعار في المملكة، لأنه ينخفض في مختلف دول العالم، ولن يكون من المقبول ارتفاعه في البلد الأكثر تصديراً له، إضافة إلى أن الوضع المالي للمملكة مطمئن، ولن تحتاج فيه إلى رفع الدعم عن السلع، أو فرض ضرائب جديدة. يذكر أنه صدر في العام 2006 قرار ملكي بخفض أسعار الوقود في المملكة، ليكون سعر لتر البنزين للمستهلك 60هللة للتر الواحد بدلاً من 90 هللة، وخفض سعر لتر الديزل إلى 25 هللة للتر بدلاً من 37 هللة، وجاء القرار بهدف تحسين المستوى المعيشي للمواطنين. ونص القرار على تعديل سعر لتر البنزين «أوكتين 95» للمستهلك ليكون 60 هللة للتر الواحد بدلاً من 82 هللة للتر.