أوصل رئيس مجلس النواب الأردني عاطف الطراونة، في زيارته الأخيرة طهران، جملة مواقف عربية مناوئة للسياسات الإيرانية، وتحدث أمام المؤتمر السادس لدعم صمود الشعب الفلسطيني الذي اختتمت أعماله نهاية الأسبوع الماضي، وفي لقاءاته كبار المسؤولين الإيرانيين، بخطاب سياسي معبأ برفض التدخلات الإيرانية في دول المنطقة. ووفق مصدر برلماني مطلع تحدث ل»الحياة»، فإن الطراونة، و «إن استأذن العاهل الأردني عبدالله الثاني بالزيارة، فإنه لم يتلق تعليمات عن بنود خطابه، أو حتى وزن الشخصيات السياسية التي عليه أن يلتقي بها»، لكنه دخل من «بوابة الديبلوماسية البرلمانية ليجري لقاءات سياسية عدة تحت عنوان الموقف الرسمي الأردني ومضامينه». وإن كان خطاب المرشد العام للجمهورية الإسلامية الإيرانية علي خامنئي الذي شن فيه هجوماً على محور دول الاعتدال العربي الذي يعتبر الأردن أحد أقطابه، وعبأ فيه تيارات المقاومة الفلسطينية المشاركة في المؤتمر باتجاه استئناف انتفاضة جديدة ضد الاحتلال الإسرائيلي، فإن خطاب الطراونة تضمن موقفاً أردنياً يؤكد خيار الحل السلمي للقضية الفلسطينية، وهو الخيار الذي لا يعترف بأقل من حل الدولتيْن، وإعلان قيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس. واعتبر مشاركون في المؤتمر أن خطاب المرشد واختيار موعد عقد المؤتمر جاءا في سياق مسلسل المناكفات الإيرانية - الإسرائيلية، وفي مضمار تسابق الدول الإقليمية ل «دس أنفها في المنطقة، ومن بوابة الإجماع العربي على أولوية القضية الفلسطينية»، خصوصاً بعد تزامن مؤتمر طهران في شأن دعم صمود الشعب الفلسطيني، ومؤتمر اسطنبول الذي تناول موضوع الشتات الفلسطيني. وذكرت مصادر برلمانية مطلعة ل «الحياة» أن الفرق في العنوان بين الدعوة التي وصلت إلى وزارة الخارجية الأردنية، وكانت تحت عنوان «المؤتمر الدولي السادس لدعم صمود الشعب الفلسطيني»، والعنوان الذي تفاجأ الوفد البرلماني الأردني برفعه داخل قاعات المؤتمر وحمل عنوان «المؤتمر الدولي السادس لدعم المقاومة الفلسطينية»، كاد يتسبب بحرج للوفد الأردني المشارك، إلا أن الطراونة قصر حضوره على افتتاح أعمال المؤتمر، وموعد إلقاء خطابه، ولحظة اختتام أعمال المؤتمر. ووفق المصادر، فإن الطراونة استثمر وجوده في طهران للقاء الرئيس حسن روحاني ورئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني، وأبلغهم بأولوية التقارب في وجهات النظر بين إيران ودول فاعلة في المنطقة. وضمن انتقاد مبطن، ذكر الطراونة لروحاني ولاريجاني أن «دعم القضية الفلسطينية يتطلب موقف إيرانياً معتدلاً من قضايا المنطقة، ودعم جهود المصالحة الفلسطينية الفلسطينية، وأن دعم الأشقاء الفلسطينيين لا يتأتى من خلال إذكاء الأزمات العربية في كل من سورية والعراق واليمن». ورد الإيرانيون على موقف الطراونة بوجود «سوء فهم عربي للمواقف الإيرانية»، مؤكدين رغبتهم في «تقريب وجهات النظر بين إيران والسعودية تحديداً، من خلال منظومة مفاوضات قد توصل بالنتيجة الى إلغاء سوء الفهم بين البلدين، خصوصاً في ملفات التفرقة المذهبية». وذهب الوفد الأردني البرلماني الذي تعامل بحذر من تصريحات القادة الإيرانيين التي تحمل في طياتها أسلمة للخطاب السياسي من بوابة «التقية»، مباشرة لعقد لقاء مغلق بين الطراونة ورئيس مجلس النواب نبيه بري، وهو اللقاء الذي اتفق فيه الرئيسان على «تنشيط الديبلوماسية البرلمانية العربية، ومساندة جهود الدول العربية في التصدي للتدخل السلبي لدول الإقليم في الأزمات العربية»، وفق مصدر برلماني حضر اللقاء، مشيراً الى أن كلاً من بري والطراونة سيبدأ مشاورات مع رؤساء برلمانات عربية لتشكيل خط سياسي مواز لخط الحكومات العربية من شأنه تقريب وجهات النظر المتباينة حيال ملفات المنطقة بين دول عربية فاعلة ودول إقليمية مؤثرة. على أن زيارة رئيس مجلس النواب الأردني، وإن نزعت «تماماً» عن سياق الموقف الرسمي الأردني من طهران، إلا أنها أحدثت اختراقاً في العلاقة بين البلدين، وتركت الباب «موارباً» للحوار والتفاهم وتقريب وجهات النظر من البوابة البرلمانية. ووفق مصدر نيابي أردني، فإن الطراونة سيضع تقريراً يحمل في طياته تقدير موقف للزيارة، وتفاصيل عن اللقاء المغلق الذي أجري بين الطراونة وبري الذي يزور المملكة خلال الفترة المقبلة، خصوصاً بعد تسريب مقصود لأنباء عن عقد قمة عربية برلمانية في عمان تلي القمة العربية على مستوى الزعماء والقادة، والتي ستعقد في منطقة البحر الميت نهاية آذار (مارس) المقبل.