تشهد عمان نشاطاً سياسياً لاستيعاب الغضبة النيابية على وزير الداخلية سلامة حماد بعد أن قرر أكثر من 47 نائباً توقيع مذكرة برلمانية تعهدت تأمين نصاب حجب الثقة عن الوزير وإخضاعها للتصويت. واجتهد رئيس مجلس النواب عاطف الطراونة على مدى الأسبوع الماضي في تقريب وجهات النظر بين السلطتين، وحاول تأخير عرض المذكرة على جدول أعمال المجلس، إلا أنه في ضوء إصرار الموقعين على المذكرة، سعى الى تأخير عرضها من خلال إلحاقها بجدول أعمال الجلسة التي عُقدت صباح الثلثاء الماضي. وأكمل الطراونة مساعيه في دعوته رئيس الحكومة هاني الملقي الى لقاء رؤساء الكتل النيابية الخميس الماضي، وهو اللقاء الذي تعهد فيه الملقي «مواربة» بإجراء تعديل حكومي يشمل وزير الداخلية الذي يتهمه نواب ب «التقصير خلال أحداث خلية الكرك الأخيرة التي أسفرت عن مقتل 14 من رجال الأمن ومدنيين وسائحة». وخلال الساعات ال 72 الماضية، التقى الرئيسان أكثر من مرة، فيما حضر الهاتف بين الرجلين في ماراثون مفاوضات يسعى الى التوافق بين السلطتين على صفقة تضمن إجراء التعديل الوزاري في مقابل تهدئة الأجواء السياسية قبيل مناقشة قانون الموازنة العامة للعام الجديد وإقراره. وعلمت «الحياة» أن نقاشاً ساخناً دار بين الطراونة وحماد صباح الثلثاء الماضي، بعد أن أصر حماد على التصويت على المذكرة خلال الجلسة، إلا أن الطراونة رفض طلبه بسبب وجود العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني خارج البلاد، وعدم التسرع في اتخاذ قرارات المؤسسات الدستورية بعيد أزمة الكرك. وكان حماد يريد من الخطوة مفاجأة مجلس النواب، والخروج بالثقة لبقائه وزيراً، مخالفاً بذلك رغبة رئيس الحكومة. وعلمت «الحياة» أن الرئيس الطراونة طلب لقاء الملك عبدالله الثاني فور عودته في الثالث من الشهر المقبل لوضع الملك بصورة الأزمة السياسية بين السلطتين، وتوضيح الموقف النيابي من الحكومة بعيد الأداء الرسمي المرتبك بعد أحداث الكرك، وسط حديث عن رسالة نيابية حاشدة قد يسلمها الطراونة للملك تنتقد اداء السلطة التنفيذية اقتصادياً وأمنياً. وفيما استبعدت مصادر سياسية أن يأذن الملك للملقي بإجراء تعديل وزاري قبيل انعقاد القمة العربية في عمان في 29 آذار (مارس) المقبل، أفادت مصادر سياسية بأن «الخيارات مفتوحة حتى يعود الملك ويحسم في الأمر». في غضون ذلك، أكد مقربون من رئيس مجلس النواب ل «الحياة» أن الرئيس سيمضي إلى خيار تصويت مجلس النواب على مذكرة طرح الثقة بحماد متى ما استحق عرضها على جدول الأعمال، وبعد أن يستخدم رئيس الحكومة حقه الدستوري بإرجاء التصويت عليها لمدة لا تتجاوز عشرة أيام، الا اذا سبق رئيس الحكومة بإجراء تعديله الوزاري. وفيما ينتظر المراقبون اانعقاد جلسة مجلس النواب صباح الثلثاء المقبل، فإن خيارات التصعيد لا تزال قائمة بين السلطتين، خصوصاً بعد أن اجتمع الطراونة بأعضاء كتلته النيابية، وأبلغهم بضرورة حجب الثقة إذا ما أصرت الحكومة على التصويت عليها. ويريد الطراونة بهذا الاستعداد ألاّ يبدو المجلس ضعيفاً، حتى لو تسبب الأمر بخطوة من حجم حجب الثقة عن الوزير، الذي ما زال مصيره معلقاً، وفق نواب. وكان حماد الذي اتقن لعبة مراكز القوى، خسر حليفاً رئيساً بمغادرة رئيس هيئة الأركان المشتركة السابق الفريق مشعل الزبن أخيراً، فيما لا يجد له حلفاء اليوم في مؤسسة صنع القرار، خصوصاً بعد سلسلة الارتباكات الأمنية التي رافقت عملية الكرك الأخيرة، وغمزِ مسؤولين من قناة مسؤولية جهاز الأمن العام التابع لحماد. يأتي ذلك في وقت تكهنت صالونات عمان السياسية بأن يقوم الملك عبدالله بتغييرات واسعة تشمل عدداً من المواقع الأمنية والرسمية عقب انتقادات شعبية وجهت الى قيادات أمنية وحكومية بعد أحداث محافظة الكرك الأخيرة.