صعّدت إسرائيل حملتها على ناشطي حقوق الإنسان الأجانب، إذ رفضت قبل أيام منح مدير منظمة «هيومن رايتس ووتش» في إسرائيل والأراضي الفلسطينية عمر شاكر تأشيرة عمل بداعي أن المنظمة منحازة ضدها وتنشط لمصلحة الفلسطينيين، كما ضاعفت عدد الأجانب الذين رفضت طلبهم لتأشيرة دخول السنة الماضية في شكل لافت. وتضاف هذه الإجراءات الى القرارات والقوانين بتشديد الخناق على المنظمات والجمعيات اليسارية اليهودية والعربية في إسرائيل التي ترصد انتهاكات الاحتلال حقوق الإنسان الفلسطيني في الأراضي المحتلة عام 1967 والتمييز الحكومي ضد الفلسطينيين في الداخل. وذكرت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أنها تلقت قبل أربعة أيام بلاغاً من السلطات الإسرائيلية يفيد بأن التأشيرة لمديرها رُفضت لأن المنظمة «ليست منظمة حقوق انسان حقيقية». وعزا الناطق باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية عمانويل نحشون لوكالة «فرانس برس» هذا القرار إلى أن المنظمة «أظهرت مراراً وتكراراً انها منظمة منحازة بشكل أساسي ومعادية لإسرائيل مع أجندة عدائية واضحة... وإسرائيل لن تقوم بتسهيل الحصول على تأشيرات عمل لذلك». وأضاف: «لماذا يتوجب علينا منح تأشيرات عمل لأشخاص هدفهم الوحيد هو الإساءة لنا ومهاجمتنا». وأكد أن المنع سيطبق حالياً فقط على «هيومن رايتس ووتش» وليس المنظمات الحقوقية الأخرى، وأشار الى انه «سيتم تقويم تلك المنظمات كل واحدة على حدة». من جهته، اعتبر مدير مكتب المنظمة في إسرائيل أن المنظمة «صدمت حقاً» من القرار الإسرائيلي. وكانت المنظمة نشرت العام الماضي تقريراً عن قيام الشركات الإسرائيلية والدولية بالمساعدة على الاحتلال في الضفة الغربية، كما شاركت في حملة لطرد أندية كرة قدم في المستوطنات في الضفة من الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا). كما أنها ترصد تباعاً انتهاك إسرائيل حقوق الفلسطيني المحتل. وكانت «هيومن رايتس ووتش»، ومقرها نيويورك، اختلفت مع العديد من الحكومات في العالم، فاضطرت عام 2011 الى إغلاق مكتبها في أوزبكستان بعد إلغاء السلطات تسجيله، بينما تم طرد وفد من المنظمة من فنزويلا عام 2008. وقال شاكر: «لدينا علاقات محدودة مع الحكومات في كوريا الشمالية والسودان وأوزبكستان وكوبا وفنزويلا حيث لا يوجد أي رغبة لالتزام حقوق الانسان». وتابع: «بهذا القرار، فإن إسرائيل تنضم لهذه اللائحة». ولا تقتصر الإجراءات الإسرائيلية على المنظمات الأجنبية إنما على الأفراد أيضاً. وكانت صحيفة «هآرتس» نشرت أخيراً تقريراً اعتمد أرقاماً رسمية من «سلطة النفوس والهجرة» أفاد بأن السلطات الإسرائيلية منعت العام الماضي فقط دخول نحو 500 أجنبي المعابر الحدودية لإسرائيل، فيما بلغ مجمل من رفضت دخولهم 16534، أي خمسة أضعاف عدد الذين منعت دخولهم عام 2011، غالبيتهم بداعي منع الهجرة غير القانونية. ووفق «سلطة النفوس والهجرة»، تقوم هذه السلطة بتصنيف الأجانب الذين ترفض تأشيراتهم إلى مجموعتين، الأولى «لاعتبارات منع هجرة غير قانونية»، وهؤلاء شكلوا 82 في المئة من عدد المرفوضين، والثانية «لاعتبارات منع هجرة غير قانونية واعتبارات أمن الجمهور وسلامته والنظام العام». وذكرت «هآرتس» أن السلطات الإسرائيلية منعت العام الماضي دخول مئات الناشطين في مجال حقوق الإنسان من الولاياتالمتحدة وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا وكندا والسويد وأستراليا بداعي علاقاتهم الخاصة مع الفلسطينيين. وأشارت على سبيل المثال إلى أن السلطات الإسرائيلية منعت العام الماضي دخول مواطنة سويسرية هي الدكتورة ايزابيل بيري، الشخصية النافذة في مجلس الكنائس العالمي، على خلفية نشاطها ضد إسرائيل ومساندتها حملة المقاطعة ضدها، وإن تم تبليغها فقط بأن منع الدخول ناجم عن اعتبار منع هجرة غير شرعية. وقالت الصحيفة إن مسألة منع الأجانب من دخول إسرائيل باتت قيد التداول في عدد من الدول «على نحو يسيء إلى سمعة إسرائيل». وكان وزيرا الأمن الداخلي والداخلية أقاما قبل نصف عام طاقماً خاصاً أنيطت به مهمة منع دخول أجانب ينشطون في منظمات تدعم مقاطعة إسرائيل. وتُرجم هذا القرار إلى قانون أقرته لجنة الدستور البرلمانية قبل شهر، ما ينذر بارتفاع عدد الأجانب الذين سيمنعون من الدخول إلى إسرائيل. ويأتي هذا التصعيد ضد الأجانب تتمةً لتشديد الخناق أيضاً على الجمعيات الحقوقية الناشطة في إسرائيل، خصوصاً اليسارية والعربية، من خلال قوانين تلزمها الكشف عن مصادر تمويلها لتصنيف أي من الحكومات الأجنبية داعمة أو مناوئة للدولة العبرية. ويشمل القانون 25 منظمة لكنه لا يتطرق إلى الجمعيات اليمينية التي تتلقى الأموال الهائلة من الخارج تصرف غالبيتها على توسيع الاستيطان في الأراضي المحتلة.