ل350 يوماً ستبقى أبواب قرية «الجنادرية» شمال الرياض مغلقة، حتى يحين موعد النسخة 32 من المهرجان السنوي، الذي استقطب في نسخته الأخيرة ستة ملايين و790 ألف زائر وزائرة. إلا أن إغلاق القرية لن يوقف الجهود التي تبذل خلف الكواليس للمهرجان المقبل. قدمت «الجنادرية» طوال 16 يوماً أجواءً ثقافية ممزوجة بالماضي، محملة بنسمات التراث المحلي المتنوع بتنوع مناطق المملكة ال13، من خلال القرى والبيوت التراثية التي مثلت مختلف المناطق و45 معرضاً للجهات الحكومية، مع حضور خليجي إضافة إلى «ضيفة شرف» هذا العام؛ مصر. وعلى رغم الأجواء الباردة والطقس المتقلب للعاصمة السعودية الرياض، وفد الزوار على أجنحة المهرجان وقاعاته ومسارحه المفتوحة التي احتضنت معروضات شعبية وتراثية، وجملة مناسبات ثقافية وفكرية، تنوعت بين أمسيات شعرية وندوات فكرية وحوارات مفتوحة، أضفت دفئاً بدد برد شباط (فبراير)، خصوصاً أن درجة الحرار لامست الصفر المئوي في بعض أيام المهرجان. وتنقل زائر القرية بين تراث مناطقها، فمن جناح جازان وعقوده العطرية التي تميز المنطقة الجبلية والعسل والسمن، إلى جارتها عسير بمنتجاتها الطبيعية والزراعية ومعمول تمر الصفري الذي اعتاد زائر القرية على توافرها في جناح بيشة. وعكس جناح القصيم كرنفالاً متنوعاً منذ بداية استقبال الزوار، وقدم حوالى 30 ركناً لزوار المهرجان. وشارك 11 حرفياً بعرض أكثر من خمسة آلاف قطعة متنوعة حاكت التراث والحرف والمهن القديمة فيها. وجذبت قرية الباحة التراثية زوارها بتصميمها المستمد من بيئتها المحلية، وكانت على شكل حصنين عاليين تم بناؤهما بطريقة هندسية مستوحاة من تراث المنطقة. وشاركت أمانة الطائف في دعم بيتها المقام ضمن جناح منطقة مكةالمكرمة، وفرشت سجادة زهور مكونة من 18 ألف شتلة من مختلف الأنواع. واستقبل جناح الجوف زواره بالقهوة العربية و«حلوة الجوف». ووفد على الجناح سفراء عرب وأجانب، تفاعلوا مع المعروضات التراثية فيه، حتى أن بعضهم شارك في عزف الربابة وأدوا «رقصة السيف» اللتان تشتهران بها المنطقة، ومنهم سفراء المكسيك، والصين، والهند، وجيبوتي. وأعطى جناح المدينةالمنورة صوراً حية للبيت المديني بجميع أشكاله ومحتوياته، إضافة إلى الطراز المعماري والمأكولات الشعبية التي تتميز بها المنطقة ومعرض الرسول الكريم. وسجّلت العرضة الحائلية والسامري حضوراً لافتاً في جناح حائل، وتفاعل معها محبو الفنون الشعبية، على رغم برودة الأجواء. وقدمت أروقة الجهات الحكومية فاعليات مختلفة إضافة إلى خدماتها التي نقلتها من مقارها إلى أجنحتها، وقدمتها إلى زوارها، ومنها وزارة العمل والتنمية الاجتماعية إذ حظي ركنها الخاص ببرنامج «حساب المواطن» بالعدد الأكبر من الزوار من مختلف الأعمار، بغية التسجيل في البرنامج، والاستفسار عن تفاصيله. وكذلك جناح الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد «نزاهة». وشهدت الفاعليات المنفذة في جناح مصلحة الجمارك العامة إقبالاً واسعاً من الزوار، وتمثّلت مشاركتها في معرض عن أضرار المخدرات والخمور التي يضبطها رجال الجمارك في المنافذ، وتفاعل ازوار، وخصوصاً الأطفال مع الكلاب البوليسية التي يستعين بها المفتشون في ضبط الممنوعات. واستقبل جناح البحرين الزوار برائحة القهوة العربية المنبعثة منه، ومجالسه التي تجسد تاريخ المجلس البحريني، ماضياً وحاضراً. وشد الجناح الإماراتي الزوار برقصة «اليولة»، التي تؤدى بأشكال متعددة، بالعصا وأحيانا بالسيف أو البندقية، ولم يكدر سقوط إحداها على رأس فتاة تشاهد العروض، صفو المهرجان، بل تحول الحدث إلى مادة فاكهة بين السعوديين بعد ما أطمأنوا إلى سلامة الفتاة. واستوقف «المقطر» زوار الجناح القطري، وهو برنامج يركز على حياة البادية وبيت العقيد وطريقة صنع القهوة واستقبال الضيوف، إضافة إلى إقامة مسابقات عدة، ومنها «الرمعة» التي تقام بطريقة الألغاز. وأضفى حضور الفرق الشعبية التي فاق عدد المشاركين فيها ال500، طابعاً تراثياً على الأجواء في القرية، من خلال العروض والفنون الشعبية التي قدمت طوال أيام المهرجان. وتزينت أرض الجنادرية بالحرف اليدوية التي تولى العمل عليها أكثر من 300 حرفي وحرفية، انتشروا بين القرى والبيوت التراثية والسوق الشعبية وأجنحة مشاركة، وعرضوا خلال هذه الفترة مهنا توارثوها، وقدموا لزوار المهرجان جانباً تعريفياً وتثقيفياً بها. وشهد هذا العام تطبيق فكرة عربات الأطعمة المتنقلة بأيدٍ سعودية شابة. وتجاوز عددها 50 عربة تبيع مختلف أنواع الأطعمة والمشروبات. يذكر أن وفاة الملك عبدالله بن عبدالعزيز في كانون الثاني (يناير) من العام 2015 أدت إلى تأجيل إطلاق المهرجان في نسخته ال30 إلى العام 2016. وعملت الظروف السياسية والأمنية في المنطقة، على حرمان السعوديين من الأوبريت المرافق للمهرجان ست مرات خلال سبعة مواسم منذ العام 2011، أي أن جمهور المهرجان لم يشاهد سوى «أوبريت يتيمة» في العام 2014.