ينظم العراق ثالث انتخاباته التشريعية، منذ اجتياحه في 2003، في ظل نفوذ إيراني متصاعد، ونزاع دام في سورية المجاورة، وصراع إقليمي متزايد. ويتوجه الناخبون العراقيون إلى صناديق الاقتراع بعد غد لاختيار أعضاء برلمانهم الجديد في وقت ينازع العراق للبقاء خارج دائرة الصراع القائم في المنطقة بين القوى الإقليمية. وفي هذا الصدد يقول استاذ التاريخ السياسي في جامعة المستنصرية، عصام الفيلي، «كان العراق تاريخياً ساحة لصراع القوى العظمى، واليوم أيضاً يبدو العراق من جديد ساحة لنزاعات مماثلة تحوّلت معها إيران والولايات المتحدة ودول الخليج ومعهم الأزمة السورية إلى ناخبين في هذه العملية الانتخابية». ولعبت طهرانوواشنطن في انتخابات 2010 دوراً رئيسياً في إعادة انتخاب نوري المالكي، الذي يحكم منذ 2006، لولاية ثانية على رأس الحكومة الحالية في تحالف مصالح بدا اضطرارياً بينهما. لكن الانسحاب الأميركي نهاية 2011 منح النفوذ السياسي الإيراني مساحة أكبر للتحرك حتى جعل طهران أكبر اللاعبين في العراق. ويقول الباحث في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى مايكل نايتس إن النفوذ الإيراني اليوم «بالتأكيد أكبر» من النفوذ الأميركي نظراً إلى أن الإيرانيين باتوا يملكون «سيطرة مباشرة على بعض الأحزاب» في العراق. وأضاف أن «التأثير الأميركي أصبح محصوراً في الاتفاقات العسكرية والمعدات»، إذ تستطيع واشنطن ممارسة ضغوط على قادة البلاد من خلال الامتناع عن تسليم هذه المعدات «وهو الأمر الوحيد الذي تقدر عليه» واشنطن حالياً. وفيما يتصاعد النفوذ الإيراني، يغرق العراق أكثر في دوامة الصراع الإقليمي بين طهران وعواصم عربية في خلاف يقوم أساساً على الموقف من الحرب في سورية التي تملك حدوداً مشتركة مع العراق تمتد لنحو 600 كيلومتر. وينقسم السياسيون العراقيون في موقفهم من أحداث سورية، لكن الحكومة التي يسيطر عليها الشيعة، ترفض تسليح المعارضين للأسد، وهو ما تدعمه دول عربية أخرى. ويرى الفيلي أن «للكثير من القوى الإقليمية حالياً وكلاء في العراق، يدينون بالولاء إلى الدول التي تدعمهم». ويقول ديبلوماسي غربي إن «إيران باتت اللاعب الأقوى في العراق منذ فترة طويلة. وأولوية طهران تقوم على ابقاء العراق هادئاً قدر المستطاع لأنها منشغلة تماماً في سورية»، وهي تنسق مع ميليشيات شيعية في العراق «لإرسال عراقيين إلى سورية من أجل القتال هناك إلى جانب حزب الله اللبناني».