علمت «الحياة» أن مراكز بحثية عدة في السعودية بدأت فعلياً في درس سلبيات استمرار التوسع السكاني في بعض المدن على حساب البقية. وقالت مصادر مطلعة إن النتائج الأولية أشارت إلى أن عدد السكان السعوديين سيتضاعف كل 17 عاماً وأن إجمالي العدد سيصل إلى 39 مليوناً في عام 2025، مشيرة إلى أنه إذا استمرت سياسات توجيه الكثير من مشاريع التنمية إلى المدن الكبرى سيصل إجمالي سكان مدينة الرياض إلى تسعة ملايين نسمة في العام ذاته، في الوقت الذي سيصل فيه عدد سكان مدينة جدة إلى 7.5 مليون نسمة، وأن استمرار زيادة السكان في أربع مدن (هي الرياض، جدة، مكةالمكرمة، الدمام) سينطوي عليه مخاطر عدة تتمثل في تدهور البيئة العمرانية نتيجة للازدحام والتلوث وزيادة فجوة التفاوت بين المناطق نتيجة اختلال التوازن في توزيع السكان بين الحضر والريف وبين مدن المناطق المختلفة في السعودية وإضعاف القطاع الريفي وصعوبة استغلال الموارد المتاحة في المناطق البعيدة عن المدن الكبرى. وشددت أن عمل الدراسات الخاصة بذلك سيعزز من أهمية انتشار المدن المتوسطة والصغيرة الواسعة على سائر أنحاء المملكة وحدودها ما يؤكد ضرورة تعزيز دورها في تحقيق التكافؤ الاجتماعي والأمن الوطني. وأبانت المصادر أن الحلول المطروحة لدى الكثير من الجهات تتمثل في توجيه الخدمات العامة بما فيها المدن الصناعية الجديدة إلى المدن المتوسطة والصغيرة بعيداً من المدن الكبرى، إذ تتيح طرق المواصلات السريعة سهولة الوصول إلى مختلف الأسواق في المملكة، وإنشاء فروع جديدة للجامعات والكليات ومعاهد التقنية ومراكز البحوث والمستشفيات المتخصصة في المدن المتوسطة بدلاً من تركيزها في الكبرى، ما سيكون حافزاً قوياً على استقطاب السكان والطلاب إليها وما سيتبع ذلك من إتاحة فرص عمل جديدة فيها، وتوسع في الأنشطة الإنتاجية والخدمية المكملة بما يساعد على نقل وانتشار الأساليب العلمية والتقنية الحديثة إلى مناطق الأرياف المجاورة، وأيضاً استمرار وزارة الشؤون البلدية والقروية في استخدام سياسة توفير وتخصيص الأراضي الحكومية اللازمة لأغراض التنمية بما يدعم دور المدن المتوسطة والصغيرة بدلاً من توجيهها للكبرى، وإعطاء أولويات لتحسين هياكل البنية الأساسية وتوجيه سائر قطاعات الدولة للاضطلاع باستثمارات مكثفة وأنشطة متنوعة في المدن والقرى الصغيرة، وتكاتف جهود الوزارات القطاعية والجهات الأخرى في تحقيق نمط متوازن للاستيطان الريفي من طريق التوسع في برامج المجمعات القروية وتوافر الخدمات الأساسية وفرص الاستثمار والعمل والاستقرار في القرى الرئيسة وتحسين الطرق الفرعية التي تربط المناطق الريفية بالمدن المجاورة، إضافة إلى تخصيص برامج استثمارات حكومية في مشاريع ذات جدوى اقتصادية لتدعيم اقتصاد المراكز الريفية وتمكينها من الاحتفاظ بسكانها. وأضافت المصادر: «لتنمية وتطوير السياحة في المناطق التي تتمتع بعوامل جذب سياحي دور كبير في إنعاش النمو السكاني المتوازن سواء في المرتفعات أو على سواحل البحر الأحمر والخليج العربي من طريق توافر الخدمات والمرافق الأساسية والمناخ الملائم لاستثمارات القطاع الخاص».