يبرز «غار ثور» كأحد أهم المزارات التاريخية التي تقصدها قوافل الحجيج الموجودة حالياً في مكة، بسبب ما يرون فيه من قصص التضحية والفداء التي قدمها النبي محمد صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبوبكر الصديق (رضي الله عنه) وهما في طريق الهجرة إلى المدينةالمنورة. وعلى رغم افتقاد «الغار» ل«مكينة» التطوير، ومشقة طريقه، وصعوبة الوصول إليه، إلا أنه لا يزال الرقم الأول في سلسلة اختيارات الحجاج لمزارات مكة التاريخية. وتعد الرحلة إلى «المزار» رحلة صغرى تختلف تماماً عن رحلة الحج الكبرى، التي تبدأ فيها مواكب الحجاج اغتنام فرصة وجودها في مكة هذه الأيام قبل حلول يوم الثامن من هذا الشهر موعد الصعود إلى مشعر منى، إذ تختار عدداً منها لزيارتها والتعرف عليها، والتقاط الصور التذكارية فيها، في رحلة ربما لا تتكرر مرةً أخرى. وأكد أحد قائدي الحافلات الناقلة للحجاج إلى «مزار ثور» محسن حمدي أن عدداً كبيراً من الحجاج بمجرد وصولهم إلى مكة يحفزوننا إلى الانطلاق بهم إلى مقر «غار ثور» لرغبتهم في التعرف على بعض الروايات التي تحكى لهم عن نسج العنكبوت خيوطها على الغار، إضافةً إلى شوقهم لرؤية المكان الذي اختبأ فيه النبي الكريم وصاحبه الصديق عن عيون قريش. وقال ل«الحياة»: «الجميع يتفق على أنه المكان الأهم في جدول الزيارات، ويحبون رؤية المكان الذي جلس فيه النبي، ويشاهدون مكان نسج العنكبوت، والموضع الذي باضت فيه الحمامة، ولا أبالغ إذا قلت إن غالبية الحجاج يضع زيارة هذا الموقع في أولوياته قبل القدوم من بلاده البعيدة». وأشار إلى أن معظم الحجاج ومنذ ساعات الصباح الأولى وبعد أدائهم صلاة الفجر يبدأون في التحرك في مواكب متقاطرة نحو موقع الجبل الذي يوجد فيه الغار، مضيفاً: «ما أن تشرق الشمس إلا وترى الحافلات وأفواج الحجيج ملأوا أرجاء المكان الواقع على امتداد الطريق المؤدي إلى حي العزيزية ويسيرون جماعات أو فرادى في اتجاه نقطة الصعود التي تشهد ازدحاماً كبيراً بين الحجاج خصوصاً بين كبار السن الذين يترددون كثيراً في خوض التجربة نظراً إلى بعد المسافة ومشقة الصعود». وبعد نزوله من قمة الجبل الذي يضم بين جنباته الغار، التقت «الحياة» الحاج الأردني محمد عاطف، إذ أوضح أنه قبل قدومه إلى أداء الحج كان يفكر ملياً في المجيء إلى هذا المزار الذي شهد قصة الهجرة العجيبة، وأثبت صدق هذا الدين وعلو كعبه، مؤكداً أن معظم أفراد حملته فضلوا زيارة هذا المكان على سائر المزارات الأخرى، نظراً إلى رغبتهم في رؤية التاريخ والوقائع الإسلامية اللتين شهدهما هذا الغار، مشدداً أن الصعود إلى قمة الجبل تشعرك بمدى التضحية التي قدمها نبي الأمة ومصدقه الأول في سبيل الحفاظ على هذا الدين و نشره في أرجاء المعمورة. وتمنى عاطف أن يتم الاهتمام قليلاً بمثل هذه المزارات بسبب المشقة التي يجدها الحاج في سبيل الوصول إليه ومشاهدته، وقال: «إن المسافة طويلة ومرهقة جداً لمن أراد الوصول إلى الغار، إذ إن هناك الكثير من المشاهد المؤسفة التي وجدناها في ثنايا الطريق خصوصاً من كبار السن الراغبين في مشاهدة الغار، الذين في أحيان كثيرة يسقطون جراء الإرهاق الذي يتعرضون إليه من طول المسافة ووعورة الطريق». ونادى الحاج الأردني بضرورة الاستفادة من هذه المزارات واستثمارها مادياً من الجهات المعنية بالحج من طريق إنشاء «تليفريك» خاص لإيصال الراغبين في زيارة الغار بكل راحة وسهولة، مؤكداً أن الأرباح ستكون خيالية نظراً إلى الإقبال الذي يشهده هذا المزار من دون غيره من سائر المزارات الأخرى في مكةالمكرمة.