لم تختف الورود الحمراء من محال بيعها كما جرت العادة عليه في مثل هذا الوقت من كل عام، ولم يكتب لها أن تذبل في المخازن، بل ولن تباع في السوق السوداء، حالها حال جميع الممنوعات، ولن يرتفع سعرها لندرتها، ولن تصدح في الأرجاء أبيات بشارة الخوري، التي لحنها الموسيقار محمد عبد الوهاب «يا ورد من يشتريك.. وإلى الحبيب يهديك»، وهي العنوان الأبرز ليوم «فالنتاين» أو ما يعرف ب«يوم الحب» في البلاد العربية، فهذا العام يحمل طابعاً مختلفاً عن الأعوام السابقة. استعدت محال بيع الزهور والهدايا مبكراً لهذه المناسبة السنوية، التي يطغى عليها اللون الأحمر، ويرمز إلى لون الدم أو القلب، وجاءت هذه الاستعدادات الواسعة للترويج لمنتجاتها المبتكرة البعيدة عن عين الرقيب الممانع لإحياء هذا اليوم، الذي وُصف في أعوام سابقة ب«مناسبة الكفار»، وسط تفاؤل بحراك تجاري قوي، مع انحسار القلق من «التضييق» الذي كانت تواجهه هذه المحال في سنوات مضت. وفي الوقت الذي تنفس فيه أصحاب محال نفس الفسحة وعدم القلق، أجاب بائع ورود في الرياض (فضل عدم ذكر اسمه) على سؤال ل«الحياة» عما سيقوم به في «يوم الحب» بقوله: «لن أبيع الورد الأحمر، الأمر لا يحتاج إلى قرار، عانينا من مشكلات في السابق، وليس لدي الاستعداد لخوض مشكلات جديدة». وابتكرت محال هدايا وورود طرقاً جديدة للاحتفال بهذه المناسبة، بدءاً من صندوق ضخم تتوسطه بالونات وتملؤه الورود الحمراء، ينفتح من جميع الجهات لتتطاير وتتناثر الورود، وتخرج عبارة الحب مذيلة باسمي الحبيبين، ويباع هذا الصندوق بمبلغ يتجاوز ال550 ريالاً، بينما اختار مراهقون الاحتفال على طريقتهم الخاصة، بعد أن اختاروا كتابة حرفين يرمزان إلى الحرفين الأولين من اسمي المحبوبين على سياراتهم، وباللون الأحمر. وبرز في هذا العام طغيان روح الفكاهة والسخرية على هذه المناسبة، وازدحمت مواقع التواصل الاجتماعي بأعداد ليست بالقليلة من الفيديوات والصور والتعليقات، التي لا تخلو من الطرافة؛ فمن دولة الإمارات أطل شاب عبر فيديو سجله لنفسه وهو يهدي نفسه وردة «الفالنتاين» ويجري حواراً عاطفياً مع نفسه، إذ كان ممتناً وشاكراً لها لإقامتها للاحتفال، وكان الحوار حميمياً هزلياً جعل من صاحبه من مشاهير هذا اليوم. وفي مشهد لا يقل طرافة عن سابقه ظهرت فتاة لتعلن إهداء صديقاتها وروداً حمراء، على أن تحصل على مبلغ ألف ريال من كل واحدة. بينما علق شاب آخر أن «من مزايا العزوبية عدم الانشغال بتوافه هذا اليوم والاستعداد لها، وحياة العازب توفر مبلغاً كبيراً يصرف في حاجات تنتهي بانتهاء ساعات الليل»، بينما شن مغردون حملة عنونوها ب«حملة وعيها وصحيها»، يكشفون من خلالها كذب العلاقات غير الشرعية، التي تنتعش مع اقتراب «يوم الحب».