تزور سيدة الأعمال نجاة مهري ابنة الثري الجزائري الجيلالي مهري، نادي كرة قدم محلياً في وادي سوف جنوبالجزائر بصورة دورية بعد شرائها أسهمه وتحولها رئيسة شرفية له. الاهتمام بنوادي كرة القدم ليس حكراً على نجاة مهري، بل صار ظاهرة تترافق مع طموح أصحابها في التنافس على الانتخابات البرلمانية، ما يقتضي اكتساب شعبية وحضور، خصوصاً في أوساط الشباب. ومع بدء العد التنازلي للانتخابات الاشتراعية في الربيع المقبل، تحولت نجاة مهري (ابنة المستثمر البارز في القطاع الفندقي) واحدة من أبرز الناشطات في وادي سوف (500 كلم جنوب شرقي العاصمة) منذ رعايتها «نادي التضامن السوفي» في خطوة تسبق ترشحها لانتخابات البرلمان على رأس لائحة انتخابية مستقلة، كما تفيد معلومات لدى المحافظة. وازداد اهتمام رجال الأعمال بمقاعد البرلمان في السنوات الأخيرة، بعدما شكل ظهور عشرات منهم في انتخابات 2012 ظاهرة كسرت حاجزاً تقليدياً في البلاد بين المال والسياسة. وفي محافظة عنابة (650 كيلومتراً شرق العاصمة) أيقن البرلماني بهاء الدين طليبة، أهمية النوادي الرياضية وتحول رئيساً شرفياً ل «اتحاد عنابة لكرة القدم». وطليبة أحد أكبر رجال الأعمال في المحافظة، وهو يستعد للترشح مجدداً لانتخابات البرلمان. ودفعت تلك الظاهرة مرشحين أقل ثراء لانتخابات البرلمان، إلى الشكوى من نزعة «رجال الأعمال» إلى دخول سباق الانتخابات الاشتراعية في مطلع أيار (مايو) المقبل. وقال ل «الحياة» الأمين عصماني، وهو رئيس لحزب قيد التأسيس، إنه «لا يستطيع تصور كيفية التنافس مع كبار رجال الأعمال في دائرته الانتخابية». وينافس عصماني في الحملة المقبلة في محافظة البليدة (50 كيلومتراً جنوب العاصمة)، رجل الأعمال عبد القادر زغيمي، صاحب أكبر استثمارات في مجال الصناعات الغذائية. واللافت أن زغيمي قد يرأس لائحة «التجمع الوطني الديموقراطي»، ثاني أكبر أحزاب الموالاة الذي يتزعمه مدير ديوان الرئاسة الجزائرية أحمد أويحيى. ويمنح الدستور الجزائري حصانة برلمانية لأعضاء السلطة الاشتراعية، ما يفسِّر -وفق مشككين- تهافتَ رجال الأعمال على المقاعد النيابية لولاية جديدة مدتها خمس سنوات، قابلة للتجديد. وتوعد كل من جمال ولد عباس الأمين العام لحزب «جبهة التحرير الوطني» (الحاكم)، وأحمد أويحيى الأمين العام ل «التجمع الوطني الديموقراطي»، «أصحابَ المال القذر» بمنعهم من الترشح، لكنهما يحاولان «استدراج» رجال أعمال معروفين للترشح ضمن لوائحهم الحزبية. ورأى جودي جلول، القيادي البارز في «حزب العمال» (اليساري)، أن ظاهرة إقبال رجال المال على البرلمان، سببها «غياب الرقابة المسبقة على المرشحين»، على رغم مطالب قدمت في هذا الشأن. وتشجع كبار رجال الأعمال لممارسة السياسة بسبب انسحاب «النخب» من العمل الحزبي، وهي ظاهرة مجتمعية وسياسية تكرست في السنوات العشر الأخيرة. ويعتقد المحلل الاجتماعي ناصر جابي، أن سببها «هزالة العمل السياسي» التي «أفسحت في المجال أمام فئات عدة للتواجد في البرلمان من دون وجه حق». وتصاعد دور رجال الأعمال في الحياة السياسية بشكل لافت، خصوصاً داخل منتدى رجال الأعمال الذي يقوده علي حداد، إحدى أبرز الشخصيات المقربة من الدائرة الرئاسية. ويستعد عشرات من رجال الأعمال المنضوين في المنتدى، للمنافسة على خوض غمار العمل البرلماني. ولم يكن دور رجال المال والعمال لافتاً إلى حد كبير في الولاية الحالية للرئيس عبد العزيز بوتفليقة (2012 إلى 2017 )، إلا أن بصمتهم ظهرت بشكل جلي في عملية إعداد قوانين المالية التي تنظم الاستثمار. ويقول يوسف خبابة، النائب البرلماني الإسلامي، إن قانون المال للعام الجاري «يحمل بصمة واضحة لرجال المال في مجال الاستثمار والصناعة». وأضاف: «أتوقع أن يزداد في الولاية المقبلة تحكُّم المال بمفاصل السياسة». وافتعل بعض رجال الأعمال صراعات بدأت بالتنامي في بعض المحافظات لترؤس اللوائح الانتخابية، ولم تستطع «جبهة التحرير» الفصل في قضايا شبيهة، على رغم إقرارها سياسةَ تصدر وزراء في الحكومة لوائحها الانتخابية.