اختتم فرنسوا هولاند أمس (الثلثاء) الزيارة الأولى التي يقوم بها رئيس فرنسي إلى كولومبيا منذ العام 1989، بتوجهه إلى معسكر لنزع أسلحة متمردي «جبهة القوات المسلحة الثورية الكولومبية» (فارك) حيث كرر دعمه للسلام بين الحكومة وهذه الحركة. وأكد هولاند في المعسكر «دعم فرنسا» لعملية السلام الكولومبية التي وصفها مجدداً «بنموذج للعالم». وقال: «من كان يتصور قبل أشهر فقط أن الرئيس الكولومبي والرئيس الفرنسي سيأتيان إلى هنا، إلى معسكر للتسريح ونزع الأسلحة، مع ممثلين لفارك؟». وأضاف متوجهاً إلى الرئيس الكولومبي «لقد نجحت سانتوس». وتوجه هولاند إلى جبال كاوكا إحدى المناطق الأكثر تضرراً بالنزاع المسلح، لزيارة معسكر يستعد فيه المتمردون للعودة إلى الحياة المدنية بعد 50 عاماً من الكفاح المسلح. وزار الرئيس الفرنسي يرافقه نظيره الكولومبي خوان مانويل سانتوس، واحدة من أصل 26 منطقة سيسلم فيها مسلحو حركة التمرد الماركسية البالغ عددهم حوالى 5700 مقاتل أسلحتهم بإشراف الأممالمتحدة. ويشبه معسكر كالدونو الذي يبعد عن كالي (جنوب غربي) نصف ساعة بالمروحية، جزيرة صغيرة في أدغال كاوكا الجبلية. وهو مطوق بوجود عسكري وأمني كبير. وبموجب الاتفاق الذي أبرم في 24 تشرين الثاني (نوفمبر)، يتعين على عناصر «فارك» التجمع في مناطق مختلفة من كولومبيا لتسليم أسلحتهم فيها في شكل تدريجي خلال مدة أقصاها ستة أشهر. وتفقد هولاند مع سانتوس المنشآت وقام بتشجيع عدد من الحاضرين. وعبر عن الدعم الفرنسي خلال طاولة مستديرة صافح خلالها ممثلاً عن حركة التمرد بابلو كاتاتومبا. وقال كاتاتومبا للصحافيين إن هولاند «لم يكتف بمتابعة الوضع من مكتبه في باريس، بل قرر القدوم وبالنسبة لنا إنه أمر إيجابي جداً». وأضاف: «إنها مساهمة القوة الخامسة في العالم في السلام». وأكد هولاند «أريد أن أقدم لكم أكبر قدر من الدعم»، مؤكداً أنه يشعر بأنه «طرف مشارك». وأضاف أن «فرنسا لا يمكنها أن تكتفي بالمشاركة بتصويت على قرار (في الأممالمتحدة)، عليها القيام بمساهمة أكبر. يجب أن تكون إلى جانبكم (...) من أجل التنمية الريفية والتأهيل والبنى التحتية، وهذا ما اتفقنا عليه مع الرئيس سانتوس». من جهته، أكد سانتوس أن فرنسا التي تساهم ب 17 مليون يورو في صندوق للمساعدة تبلغ قيمته 95 مليون يورو «دعمت مثل دول أخرى قليلة، الجهود الكولومبية لإنجاح السلام». وقبل أن يتوجه إلى كاوكا، التقى الرئيس الفرنسي في العاصمة بوغوتا عائلات مفقودين في النزاع. وأكد هولاند «رغبة فرنسا في العمل على الاعتراف بحقوق الضحايا (...) ومعرفة مصير المفقودين». وشهدت كولومبيا نزاعاً مسلحاً انخرطت فيه خلال عقود حوالى 30 حركة تمرد يسارية وميليشيات من أقصى اليمين وقوات الحكومة ما خلف 260 ألف قتيل على الأقل وأكثر من 60 ألف مفقود و6.9 مليون نازح.