استعاد السعوديون خلال الأيام الماضية جدلهم الموسمي حول السينما، والذي تكرر خلال العقد الماضي. وانقسم المتجادلون بين مؤيد ومعارض. وربما لم تشهد قضية محلية هذا الحجم من الانقسام، باستثناء «قيادة المرأة السيارة». ويتغذى هذا الانقسام على التوجهات الفكرية المتباينة في البلاد. انطلق الجدل بتصريح أدلى به الرئيس التنفيذي الهيئة العامة للترفيه في السعودية عمر المدني، حول درس فتح صالات سينما منتصف العام الحالي، مشعلاً الأمل في نفوس محبي السينما والأفلام، بيد أنه سرعان ما انطفئ، بنفي رئيس الهيئة أحمد الخطيب صحة ما يشاع حول إقامة دورٍ سينما في الفترة الحالية. ويتواصل الجدل في قضية إقامة دور سينما، وظهرت عشرات الوسوم (الهشتاغات)، حول هذه الفكرة، وحصدت تفاعلاً كبيراً من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، وتضمنت نقاشات «حادة» بين مؤيدين ومعارضين، وبين هؤلاء وهؤلاء يظهر تجاه ثالث «ساخر» من تكرار طرح الفكرة، بلا أمل في تحقيقها. وبينما انشغل الطرفان، المعارض في الاتهام والمؤيد في الدفاع، أضاف آخرون روح الفكاهة على هذا الانقسام، وانتشر فيديو ساخر انتجته إحدى قنوات «يوتيوب»، متخيلاً سعودي في يده عصاة يقف عند مدخل سينما، ليمنع الرجال من الدخول من مدخل النساء، والعكس. ودور السينما كانت موجودة في المدن السعودية الكبرى، حتى نهاية سبعينات القرن الميلادي الماضي، ولكنها كانت مبادرات شخصية من رجال أعمال وأندية رياضية وشركات كبرى مثل «أرامكو». ولكن السينما منعت لاحقاً لأسباب عدة، منها وفقاً للناقد السينمائي عبدالمحسن المطيري «غياب الثقافة السينمائية، إذ تتحمل دور السينما حينذاك عدم عرض أفلام على مستوى عالٍ، ما شكّل قاعدة سينمائية جوفاء، فلم يؤمن الجمهور بأهمية السينما والصورة كرافد أساسي للثقافة والتعرف إلى الآخر». وتنقسم اليوم الآراء، شريحة من السعوديين ترى ضرورة مواكبة التطور في جميع المجالات، خصوصاً في عالم صناعة الأفلام والتي بدأت في المملكة منذ عقد، إضافة إلى المهرجانات السينمائية التي تقام سنوياً، وأبرزها مهرجاني الدماموجدة، لكن المنتجون يلجؤون إلى عرضها في دول الخليج، لعدم وجود دور عرض في البلاد. أما الرافضون للفكرة فيرون أن السينما «تفتح باباً من أبواب الاختلاط غير الشرعي»، وأيضاً «تقدم أفلاماً قد تحوي مخالفات دينية». من جهته، قال رئيس لجنة السينما في جمعية المنتجين والموزعين السعوديين سابقاً فهد التميمي إنه «لا يوجد نظام يمنع افتتاح صالات سينما في السعودية»، مبيناً أن مدة استخراج تصريح إنشاء صالة سينما «لا تتجاوز 48 إلى 72 ساعة». وأشار مغردون إلى أن هناك مجمعات تجارية قيد الإنشاء في مدن سعودية كبرى، روعي في تصميمها وجود صالات سينما، إلا أن هذه المجمعات لم تفتتح بعد. وعزا التميمي إيقاف عرض أفلام سعودية إلى «عدم الحصول على ترخيص عرض مسبقاً من وزارة الثقافة والإعلام، كون الوزارة هي من تتولى مهمة مراقبة المحتوى قبل عرضه، بالتنسيق مع جهات معنية، من أجل الحصول على الموافقة أو الرفض». وتأسست لجنة السينما في السعودية في آذار (مارس) من العام 2015، برئاسة التميمي لتكون اللجنة الأولى التي تعمل تحت مظلة حكومية، وهي جمعية المنتجين والموزعين السعوديين التي تشرف عليها وزارة الثقافة والإعلام. وجاء تأسيس اللجنة استجابة لصناع الأفلام والسينمائيين، وتهدف إلى «نشر الثقافة السينمائية في المجتمع، وخلق بيئة سينمائية بين صناع الأفلام وتسهيل المهمات من تصاريح التصوير وغيرها».