في السنوات القليلة الماضية، استطاع لبنان بناء أرضية صلبة في قطاع التكنولوجيا والإنترنت، ونشر بنية تحتية إلكترونية قوية، ما شجّع عدداً كبيراً من شركات المعلوماتية والاتصالات على الاستثمار فيه. ولعل الأحدث في هذا السياق هو مبادرة جمعية الانترنت .Internet Societ، وهي مؤسسة دولية تأسست في 1992 وتتوزع مكاتبها بين واشنطن وجنيف، لتأسيس فرع لها في لبنان. وأعلنت هذه الخطوة في مؤتمر صحافي، شارك فيه ما يزيد على 200 خبير في الإنترنت والشبكات الرقمية. وشهد المؤتمر نقاشاً قوياً حول السيناريوات الرئيسة التي يتوقع أن يسير فيها تطور الإنترنت خلال العقد المقبل، مع تركيز على المخاطر الكثيرة التي تتهدد الشبكة الإلكترونية الدولية. وكذلك نوقشت ظروف عمل الشركات الدولية في بيروت. سلّط هذا الحدث الذي نظّمته شركة «إي دي أم» EDM الضوء على الدور المركزي الذي ينبغي على مجتمع الإنترنت في لبنان أن ينهض به لصنع بيئة مؤاتية لنمو المعلوماتية والشبكات الرقمية والاتصالات المتطورة لبنانياً. ولفت رئيس «جمعية الإنترنت اللبنانية» نبيل بو خالد إلى أهمية الوعي العام بأهمية الإنترنت في ازدهار لبنان وتقدّمه وترسيخ دوره في المعلوماتية عالمياً. وفي السياق نفسه، جاء كثير من كلمات المتحدثين عن صناعة الإنترنت وشركاتها في لبنان، مع التشديد على أهمية حضّ الجهات المعنية الرئيسة على لعب دور نشط في صياغة مستقبل الإنترنت في البلاد، نظراً الى تأثير الشبكات الرقمية على مجمل التطوّر اقتصادياً وتعليمياً واجتماعياً. وشملت أعمال المؤتمر عرض تقارير لخبراء في الإنترنت وتقنياتها، خصوصاً موضوع الشبكات الاجتماعية الرقمية، التي صارت مجالاً واسعاً للأعمال الإلكترونية المتنوعة، بما فيها التجارة والإعلان والإعلام وغيرها. وجرت الإشارة إلى أنّ الإنترنت تؤثّر عميقاً في الحياة اليومية في المجتمع اللبناني، ما دفع بعض الخبراء الى التشديد على أهمية نشر خطوط اتصال قوية مع تلك الشبكة في الأراضي اللبنانية كافة. وتحدّث جون ماكنرني المدير التنفيذي للعمليات في «جمعية الإنترنت» الدولية، مؤكّداً على دور الجمعية في تنشيط روح المبادرة القيادية في المسائل التي يواجهها مستقبل الإنترنت، ما يفرض توسيع نطاق الخدمات وتعميم فوائد الإنترنت الى الحدّ الأقصى لبنانياً. واعتبر ماكنرني أن تأسيس الفرع في لبنان شهادة على الأهمية المتزايدة للإنترنت والقضايا المرتبطة به في المنطقة. وأخيراً، حضّ ماكنرني الجهات المعنية المحلية على متابعة السير في الاتجاه الصحيح لصناعة الإنترنت لبنانياً. وفي السياق عينه، تحدّث الباحث راندي بوش، من شركة «مبادرة الإنترنت» اليابانية، التي تعتبر أبرز مقدمي خدمات الإنترنت التجارية في اليابان، عن التدريب تقنياً على أمن المعلوماتية. واستفاد المشاركون في المؤتمر من خبرة بوش التي تمتد لأكثر من 20 سنةً، خصوصاً في مسألة نقل تقنيات الإنترنت إلى البلدان النامية، وسُبُل الاستفادة من ذلك في التنمية.