يستقبل العالم العربي 1100 محطة تلفزيونية ناطقة باللغة العربية. تقدر التكاليف التشغيلية لهذه القنوات سنوياً ب 6.5 بليون دولار، في المقابل تتنافس على حصة إعلانية تصل الى 700 مليون دولار سنوياً. وفي حال إضافة السوق الإعلاني المصري، ربما وصل الإنفاق على الإعلان التلفزيوني في المنطقة العربية الى بليون دولار. هذا يعني ان التلفزيونات الناطقة بالعربية تتكبد خسارة سنوية تقدر ب 5.5 بليون دولار، ويُسد هذا العجز الضخم عبر دعم وتمويل من الحكومات، والمنظمات السياسية، وأصحاب رؤوس الأموال الذين لديهم أهداف، وأجندات سياسية. المشكلة لا تقف هنا. يضاف الى ما سبق ان 85 في المئة من المشاهدين في البلاد العربية يتابعون أول 25 قناة، فضلاً عن ان 85 في المئة من مداخيل الإعلانات تصل الى أول 12 قناة من ال25 التي تظهر باستمرار في قوائم استفتاءات المشاهدة ، وتستأثر مجموعة «ام بي سي» بقنواتها بأكثر من نصف هذه النسبة من الإعلان. وهذا يشير الى ان الفضائيات في العالم العربي يجرى تشغيلها بأموال الحكومات والأحزاب والمنظمات، وإن شئت فإن هذه الأموال تُهدر، فهي جهد تائه في الهواء. الوضع المالي المتدهور يخفي خلفه صورة ليست جميلة لجهة المضمون والمهنية. وتشير دراسات الى ان عدد العاملين في الفضائيات العربية من المحيط الى الخليج، يبلغ حوالى 800 ألف موظف، 95 في المئة منهم غير متخصصين بالتلفزيون، والإعلام، ويُوَظفون بمعايير الولاء للأشخاص والأنظمة والمنظمات والأحزاب، والعلاقات الشخصية، ناهيك عن ان 75 في المئة من معاهد الإعلام وكلياته في الجامعات العربية لا تدرِّس الإنتاج التلفزيوني، وما زالت تعتقد بأن الإعلام هو الصحافة المكتوبة، وتتمسك بالمناهج النظرية. هذه باختصار صورة قنوات التلفزيون في العالم العربي، ضجيج هائل، هدر مالي ضخم، ومهنية متواضعة. الأكيد ان صورة الإعلام التلفزيوني في المنطقة العربية لا تسِر، فضلاً عن أن تدخل دول وأحزاب في تمويل محطات تلفزيونية وتشغيلها ساهم في تشجيع هذا الترهل المهني، وساهمت هذه المحطات في تغييب الوعي، وإثارة النعرات المذهبية والطائفية والعرقية، وروّجت لثقافة سطحية، وأصبح العالم العربي اليوم يجني آثاراً مدمرة لهذا المستوى المتدني لصناعة التلفزيون في المنطقة.