تغلب الهدوء والصمت والانتقال السلس للحكم بعد وفاة الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى أخيه الملك سلمان على أصوات النشاز التي كانت تتراقص على إشاعات مختلقة، مفادها أن بيت الحكم السعودي على وشك الانهيار بسبب خلافات حادة حول من سيكون الملك السابع في المملكة السعودية، بيد أن هذا العزف المنفرد لم يدم سوى ساعات في محاولة التأثير في الرأي العام وإدخاله في دوامة الشك وما حدث هو انتقال سريع وحاسم، كان حديث العالم لأيام، لتبقى السعودية الأولى في هذا المجال من دون منازع، ما يجعل سياستها الداخلية والخارجية الأكثر استقراراً وأماناً. عاش السعوديون ومنذ الأيام الأولى منعطفاً مختلفاً في السياسة الداخلية، فلم يعد أي منصب من المناصب الوزارية أو الإدارية في الدولة يتمتع بحصانة البقاء، وفي هذه الفترة غاب المشلح «البشت» عن أكتاف الوزراء والمديرين ليستبدل بالعمل والإنجاز، وليوشح الملك سلمان من قبل شعبه إلى جانب لقب خادم الحرمين الشريفين بلقب «سلمان الحسم»، وتضج وسائل التواصل الاجتماعي بالسياسة الجديدة التي تبناها، لتنعكس عملاً وتغييراً وتطويراً في جميع الوزارات والإدارات في الدولة، ويكون للدماء الشابة في تولي حقائب وزارية أثر وبعد آخر في العمل الوزاري الجديد. ومنذ الإعلان الأول لعاصفة الحزم، بدا واضحاً من السياسة السعودية الخارجية، أنها لن تقف موقف المتفرج وهي التي كانت ولا تزال تحمل لواء نصرة القضايا العربية والإسلامية، ليحمل الملك سلمان بن عبدالعزيز معاناة الشعب اليمني الشقيق، ويجد في المقابل مؤازرة من أشقائه في دول الخليج، ويمنحه الشعب اللقب الملاصق ل«الحسم» ويصبح «سلمان الحسم والحزم»، وهما لقبان أحدهما لسياسته الداخلية والثاني للخارجية، الأمر الذي جعل المشككين والمعاندين والكارهين لهذا الوطن في حيرة، لكنهم صدموا بوضوح السياسة التي تبناها سلمان بن عبدالعزيز. ازدحمت وسائل التواصل الاجتماعي بالاحتفالات المبكرة لهذه المناسبة، وفجأة وزارات وهيئات متابعيها على حسابات التواصل الاجتماعي بالخروج عن البروتوكولات المتبعة في التصريحات الرسمية، ومنها هيئة الإحصاء التي كتبت عبر صفحتها في التويتر: «في ذكرى البيعة الهيئة العامة للإحصاء تعتذر للجميع أن تحصي نعم الرحمن وقوة الأمان وحب سلمان، لذا وجب التنويه»، فيما اختارت وزارة العمل والتنمية أن تكون تهنئتها عبر فيلم مصور لذكرى البيعة، فيما وصفت وزارة الخارجية العامين المنصرمين بأنهما كانا «تواصل سياسي وحضور دولي كانت فيهما المملكة بقيادة الملك سلمان ملتقى العالم ومركز التواصل السياسي المؤثر». وتأتي الذكرى الثانية للبيعة لتسكت ألسنة المشككين والحانقين على هذا الوطن، والذين لم يأولوا جهداً وأملاً بأن ينتهي انتقال الحكم من دون أن تحدث فرقة في الأسرة الحاكمة، التي أكدت قوتها ومتانتها، لتقدم درساً مجانياً للعالم في كيفية الانتقال الحضاري والسلس للسلطة من دون أن يشعر المواطنون بأي تغيير في حياتهم اليومية، لتكون العبارة التي نطقت عند رحيل المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن «رحل الملك.. عاش الملك»، هي من أكثر العبارات التي تختصر التحضر الكبير والفكر الرائد في السياسة الداخلية السعودية. يتم تجديد البيعة سنوياً في التاريخ نفسه الذي تكون فيها للبيعة الأولى، وتأتي هذه الذكرى وللعام الثاني، ليجدد فيها المواطنون مبايعتهم وولاءهم لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمير محمد بن نايف، وولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ويتم تلقي البيعة في قصر الحكم في الرياض، وتفتح إمارات المدن والمناطق والمحافظات في مختلف مناطق المملكة أبوابها لينوب كل أمير منطقة عن الملك وولي العهد وولي ولي العهد في تلقي البيعة والتهاني بهذه المناسبة، وتوسعت البيعة لتخرج من حدود صالات الإمارات إلى ساحات المدارس والجامعات والكليات، إذ يقدم الطلاب مبايعتهم وسط احتفالات معدة.