أعلن رئيس بعثة الأممالمتحدة في السودان هايلي منقريوس أن المنظمة الدولية لم تتخذ أي قرار حول تعزيز قواتها على الحدود بين شمال السودان وجنوبه، إلا أنها أعادت انتشارها في بعض القطاعات الحساسة مثل منطقة أبيي المتنازع عليها، وسط معلومات عن حشود عسكرية ونزوح جماعي من المنطقة ومخاوف من اندلاع مواجهات في مناطق عدة على الحدود بين شطري البلاد قبل الاستفتاء المقرر على مصير جنوب البلاد المقرر بداية العام المقبل. وقال منقريوس خلال مؤتمر صحافي في الخرطوم أمس: «مع أن مجلس الأمن والأمين العام أعربا عن استعدادهما للنظر في دعم إضافي لمواجهة المخاوف الأمنية، إلا أنه لم يتخذ أي قرار حول إرسال قوات إضافية». وذكر أن «أبيي مثال على الأماكن التي قمنا بنشر احتياطينا فيها لتعزيز الدوريات»، موضحاً أن سرية إضافية - أي بين 30 و45 جندياً - تم نشرها في القطاع الذي غالباً ما يشهد توتراً حاداً. وأفاد رئيس البعثة الأممية (اريتري الجنسية) أن بعثته تجري تقويماً مستمراً للأوضاع حالياً لرفع توصيات إلى مجلس الأمن لاتخاذ القرار المناسب، موضحاً أن اجتماعاً لمجلس الدفاع المشترك وآليات مراقبة وقف إطلاق النار الأسبوع المقبل لمناقشة المخاوف في شأن حشد «الجيش الشعبي لتحرير السودان» الذي يسيطر على الجنوب والقوات المسلحة الشمالية قواتهما على الحدود. واعتبر منقريوس أن بعثته وصلت الى المرحلة الأخيرة من محطات اتفاق السلام، والتي وصفها بأنها الأدق في تاريخ السودان، مشيراً إلى أن الاستفتاء المقبل سيحدد إن كان السودان سيظل دولة واحدة أو دولتين، مؤكداً أن السودان يظل حالياً في بؤرة اهتمام العالم والمجتمع الدولي، مبيناً أن ليس هناك قضية في العالم الآن تلقى الاهتمام مثل استفتاء الجنوب. ولفت منقريوس إلى أن هناك العديد من القضايا التي يجب أن تُحسم وتتم معالجتها قبل الاستفتاء «ليس كشرط مسبق» ولكن لضمان مستقبل سلمي، مؤكداً أن الجانبين قررا تجاوز أي عقبة سلمياً. وقال إن شريكي الحكم - «الحركة الشعبية لتحرير السودان» وحزب «المؤتمر الوطني» - تبادلا خلال الفترة الماضية تصريحات متشددة في شأن وجود اتجاه لإقامة مناطق عازلة ونشر قوات دولية في المناطق الساخنة على الحدود، مؤكداً أن بعثته «تتحسب لأي طارئ قد يحدث فجأة» قبل مرحلة الاستفتاء. وقال إن القوات الأممية لحفظ السلام «يونميس» منتشرة في كل مناطق اتفاق السلام، وبالتعاون الكامل مع اللجنة العسكرية المشتركة لوقف اطلاق النار ولجنة مراقبة انتهاك وقف النار، و «إذا كانت هناك حاجة لإعادة نشرها في مناطق بعينها فسنقوم بذلك». ورداً على أسئلة الصحافيين، أكد منقريوس أن البعثة لم تلاحظ أي حشود عسكرية للطرفين، وقال إنه في هذه الحالة يجب أن يُرفع الأمر إلى الآليات المشتركة، مشيراً إلى أن مجلس الدفاع المشترك سيجتمع خلال الأسبوع المقبل لمناقشة هذه المخاوف، وأن الطرفين ملتزمان اتفاق اطلاق النار ويحترمانه. لكن مصادر متطابقة أكدت أن منطقة أبيي المتنازع عليها بين شمال السودان وجنوبه بدأت تشهد عمليات نزوح خارج المنطقة الغنية بالنفط، مع اقتراب موعد استفتاء الجنوب واستفتاء أبيي اللذين يجريان في اليوم ذاته، 9 كانون الثاني (يناير) المقبل. ووصف القيادي في قبيلة المسيرية العربية في أبيي، محمد عمر الأنصاري، الأوضاع في أبيي حالياً ب «المتوجسة»، وأشار الى وجود كتيبتين من «الجيش الشعبي» على بعد 17 كلم شمال أبيي، وأكد إبلاغ حكومة ولاية جنوب كردفان بتلك التحركات. وكشف الأنصاري في تصريحات أمس عن نزوح عشرات الأسر من أبيي بدءاً من أول من أمس إلى جنوب المنطقة. وأكد أنه في حال فشل مفاوضات أديس أبابا نهاية الشهر الجاري في شأن أبيي فإن كل الاحتمالات سيكون مفتوحاً بما في ذلك الحرب بهدف تأمين حقوق المسيرية في المنطقة. وأضاف: «إذا حاول أي كان اقصاءنا عن أرضنا فسنكون عندها في باطن الأرض أو ظاهرها». لكن «الجيش الشعبي» رفض الاتهامات بحشد قواته قرب أبيي، واعتبرها مجرد حجج زائفة لتبرير نيّات لمهاجمتها. واعتبر الناطق باسم «الجيش الشعبي» كوال ديم الاتهامات مجرد مسرحية لتغطية نيات بإثارة حرب بالوكالة تقوم بها قبيلة المسيرية على الشريط الحدودي للتشويش على عمليات التسجيل للاستفتاء. ونفى كوال في تصريح صحافي اتهامات للمسيرية بنشر قواته على بعد 17 كلم من الحدود الشمالية لأبيي. وأكد أن أقرب وحدة من «الجيش الشعبي» من أبيي موجودة في ولاية واراب في مقاطعة مجاك كول، نافياً تماماً أي وجود لقواته بأبيي باستثناء الوحدات المدمجة (مع القوات الشمالية). غير أن رئيس برلمان أبيي تشارلز أبيي نفى وجود موجات نزوح وسط مواطني المنطقة تخوفاً من مواجهات مرتقبة، وقال لراديو الأممالمتحدة في الخرطوم إن تلك التقارير غير صحيحة. وأشار إلى وجود بعض التوتر غير المبرر وسط المواطنين، مؤكداً أن الإدارة في أبيي عملت على تطمين المواطنين. وفي سياق متصل، قرر شريكا الحكم نقل محادثاتهما في شأن اقتسام النفط في فترة ما بعد مرحلة الاستفتاء، إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا. ويشرع الطرفان الاثنين المقبل في وضع اللمسات النهائية للاتفاق حول قضايا النفط. وقال وزير التعاون الإقليمي في حكومة الجنوب القيادي في «الحركة الشعبية» دينق الور إن اللجنة المشتركة الخاصة بمناقشة قضايا النفط ستجتمع في أديس أبابا في 25 الجاري، في حضور خبراء من الحكومة النروجية لمساعدة الطرفين في الوصول إلى صوغ خطوط عريضة لاتفاق حول قضية قسمة النفط. وفي السياق، ذاته، أرجأت مؤسسة الرئاسة التي تضم الرئيس عمر البشير ونائبيه سلفاكير ميارديت وعلي عثمان طه اجتماعها الذي كان مقرراً أمس إلى اليوم، لمناقشة القضايا العالقة في اتفاق السلام وأبرزها ترسيم الحدود والنزاع على أبيي. على صعيد آخر، أقال وزير العدل السوداني محمد بشارة دوسة المدعي العام لجرائم دارفور نمر إبراهيم من مهماته، وعيّن وكيل وزارته عبدالدائم زمراوي خلفاً له، وبرر ذلك بتعزيز جهود العدالة في الإقليم، وشدد على أهمية اللجوء إلى آليات الصلح التقليدية في دارفور لانعدام البينات حول الجرائم التي ارتكبت أثناء الحرب. وشكل الوزير لجنة تضم كبار المستشارين ورتباً عليا من الجيش والشرطة وجهاز الأمن لإعانة مدعي جرائم دارفور الجديد وتطبيق القانون. وجدد الرئيس البشير تعهده بتطبيق العدالة وعدم الإفلات من العقاب في دارفور، مؤكداً، بحسب ما نقل عنه دوسة، أن ليس هناك كبير على القانون، وقال إن تحقيق العدالة في دارفور يحتاج إلى وقت.