«الحياة»، أ ف ب، رويترز - ما زالت أوروبا تحت مظلة تدابير أمن استثنائية خلال عطلة الأعياد، في وقت يحاول المحققون في ألمانيا وفرنسا وإيطاليا «فك عقد» التساؤلات الكثيرة التي خلفها تنفيذ التونسي أنيس العامري (أبو البراء) «مجزرة الشاحنة» في برلين ليل الإثنين الماضي، حين قتل 12 شخصاً. وأهمها حول قدرته، باعتباره «المطلوب الأول عالمياً» للعدالة طوال أيام، على التحرّك «السلس» عبر حدود ألمانيا وهولندا وفرنسا وإيطاليا، وقطعه نحو ألفي كيلومتر وفي حوزته مسدّس من عيار 22 ملليمتراً استخدمه في أول عملية تفتيش خضع لها في ميلانو شمال إيطاليا، حيث أردي بالرصاص بعدما أصاب شرطياً بجروح في كتفه. ويواجه المحققون الألمان «ألغازاً أكبر» ترتبط باحتمال انتشار خلية لتنظيم «داعش» التي تبنّت العملية في البلاد، خصوصاً أن وزارة الداخلية التونسية كشفت توقيفها 3 عناصر ضمن خلية إرهابية مرتبطة بالعامري بينهم ابن شقيقته الذي اعترف بأن خاله كان «أمير كتيبة أبو الولاء» التي تنشط في ألمانيا واعتقل زعيمها خلال عملية مسجد هيلدسهايم بولاية ساكسونيا السفلى (شمال) في 8 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي. كما أقرّ الشاب بأن خاله أرسل له أموالاً بهوية تخص شخصاً آخر للالتحاق به في ألمانيا. وطالبت المستشارة الألمانية انغيلا مركل المحققين ب «تحليل كل جوانب العملية، وتسليمها من خلال وزيري الداخلية والعدل والسلطات الأمنية «خلاصات في أسرع وقت لدرس ما يجب تغييره في ترسانة إجراءات الأمن التي تنفذها الدولة، خصوصاً على صعيد تعزيز مراقبة الأشخاص الخطيرين، وطرد المهاجرين الذين لا يملكون أذونات إقامة في أسرع وقت»، علماً أن العامري كان طالب لجوء رفضت السلطات طلبه، وكان يفترض ان يُطرد قبل أشهر. ويشهد «التيار الإرهابي» منذ عامين ازدهاراً في ألمانيا، خصوصاً بين الشباب المهاجرين، وكان سبق وصول مئات الآلاف من اللاجئين الى هذا البلد، ما يقلق أجهزة الاستخبارات. وبالتزامن مع منع شرطة روما دخول الباصات والمركبات الثقيلة إلى المناطق المجاورة لحاضرة الفاتيكان وساحة القدّيس بطرس التي ستشهد متابعة حشود المصلين والسيّاح بدءاً من اليوم حتى 7 كانون الثاني (يناير) المقبل قداديس يقيمها البابا فرنسيس بمناسبة أعياد الميلاد ونهاية السنة، انشغل المحققون الإيطاليون بمحاولة معرفة سبب هروب العامري إلى بلدهم واحتمال احتضانها شبكة دعم له، أو بحثه عن ملجأ فيها أو تخطيطه لاعتداءات في إيطاليا أيضاً. ويبدو أن تحرّكات العامري بين الدول الأوروبية بعد الاعتداء لم تكن خافية بنسبة مئة في المئة عن أجهزة الأمن والاستخبارات، إذ كشفت صحيفة «إل فوليو» الإيطالية الواسعة الاطلاع أن «فريقاً استخباراتياً مختلطاً ضمّ عناصر من الاستخبارات الإيطالية والتونسيّة انتظر وصول العامري إلى مدينة برغامو التي تبعد نحو 40 كيلومتراً من المكان الذي قُتل فيه. وكانت الاستخبارات المغربية أعلنت قبل أيام أنها أبلغت نظيرتها الألمانية في شأن العامري واحتمال تخطيطه لعملية إرهابية، وهو التحذير الذي لم يأخذه الألمان بجدية. وأوردت الصحيفة أن «العامري أراد أن يحظى بدعم مجموعة من أصدقائه التونسيين الذين كانوا أحداثاً يافعين لحظة نزولهم على سواحل جزيرة لامبيدوزا عام 2011، وغالبيتهم من سكّان منطقة آريانة في تونس وليسوا إسلاميين أصوليين، بل مقترفو جرائم صغيرة، كونهم البيئة الأقرب إليه بعد ألمانيا».