أ ف ب - أبلغت المستشارة الألمانية أنغيلا مركل الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، خلال محادثة هاتفية أجريت بينهما، أن حكومتها تريد تسريع وتيرة ترحيل طالبي اللجوء المرفوضين وزيادة عدد المطرودين، في حين واجهت وزارة الداخلية والنيابة العامة الألمانيتين صدمة كبيرة مع إعلان نبأ قتل الشرطة الإيطالية التونسي «الداعشي» أنيس العامري (ابو البراء) المشبوه في تنفيذه مجزرة دهس زوار سوق لعيد الميلاد الإثنين الماضي، بالرصاص في مدينة ميلانو (شمال) فجر أمس، بعدما واصلا لساعات إثر ورود خبر إرداء التونسي، إعلان أنه «لا يزال يختبئ في برلين». (للمزيد) وأكدت مركل زوال الخطر «المباشر» بعد مقتل العامري، «لكن «خطر الإرهاب لا يزال قائماً كما الحال منذ سنوات»، مشيرة إلى أن «الحادث يثير تساؤلات كثيرة تحتم تعزيزنا إجراءات الأمن»، علماً أن أجهزة الأمن اعتقلت في مدينة دويسبورغ أمس، شقيقين من أصل كوسوفي للاشتباه في تخطيطهما لاعتداء مسلح على مركز تجاري كبير في أوبرهاوزن. وفيما أعلن قائد شرطة ميلانو أنتونيو دي ييسو، أن العامري «تنقل شبحاً بلا أوراق، ولا هاتف، فقط مع مسدس ومدية وبضع مئات من اليورو وبطاقة قطار نقلته من فرنسا إلى مدينة تورينو الإيطالية»، ألقى الزعيمان المناهضان للاتحاد الأوروبي مارين لوبن التي ترأس حزب «الجبهة الوطنية» اليميني في فرنسا، ونايجل فاراج الرئيس السابق لحزب استقلال بريطانيا، اللوم على سياسة الحدود المفتوحة في أوروبا، في السماح للعامري بالسفر إلى فرنسا ثم إيطاليا. وقالت لوبن المرشحة لانتخابات الرئاسة الفرنسية في 2017: «هذا الفرار المتهور في بلدين أو ثلاثة هو أحد أعراض الكارثة الأمنية المسماة باتفاق شينغن، وأنا أكرر تعهدي إعادة سيطرة فرنسا الكاملة على سيادتها وحدودها الوطنية من أجل وضع حد لتداعيات شينغن». أما فاراج، فكتب على «تويتر»: «إرداء قاتل برلين في ميلانو يُثبت أن منطقة شينغن تشكل خطراً على الأمن العام، ويجب أن تلغى». وفي شريط فيديو بثته وكالة «أعماق» التابعة لتنظيم «داعش»، أقرّ التنظيم بمقتل العامري «خلال شنه هجوماً جديداً على دورية للشرطة الإيطالية في ميلانو». ثم ظهر التونسي «ابو البراء» في الشريط، وهو يبايع زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي «على السمع والطاعة، وإقامة دين الله والدولة الإسلامية وقتال عدو الله ما استطعت إلى ذلك سبيلاً». ودعا إلى القتال «في كل مكان». وبعد ساعات على مقتل العامري من دون أي تعليق من الحكومة الألمانية، اكتفت وزارة الداخلية الفيديرالية بإبداء ارتياحها للخبر، فيما صرح وزير داخلية ولاية برلين، أندرياس غايزل، بأن ملف التحقيق «لم يغلق، ونحاول معرفة ملابسات الهجوم، واحتمال مشاركة عناصر أخرى في تنفيذه أو التحضير له». وكشف مقتل العامري في ميلانو دفعة واحدة، حجمَ التخبط والضياع الكبيرين اللذين وقعت فيهما أجهزة الأمن الألمانية منذ اللحظة الأولى للعملية الإرهابية، وحتى قبلها، حين أفلت العامري، المصنف «شخصاً خطيراً»، لأشهر من مراقبة جهاز الاستخبارات الداخلية المشددة له. ولم تتهم أجهزة الأمن العامري بتنفيذ الهجوم إلا بعد أربعة أيام من حصوله. وهي توّجت سقطاتها بإعلانها صباح أمس أنها رصدت عبر كاميرا مراقبة وجوده مع مجموعة من الإسلاميين أمام مسجد للسلفيين في منطقة موآبيت ببرلين نحو الساعة الثالثة صباحاً بالتوقيت المحلي، قبل أن تنشر خبراً عن استمرار اختبائه في العاصمة، في حين كان قتِل في ميلانو في الوقت ذاته تقريباً. وكانت البلبلة ذاتها واكبت اعتداءين إرهابيين استهدفا ميونيخ، عاصمة ولاية بافاريا، قبل أشهر، ما دفع المراقبين ووسائل الإعلام في حينه إلى توجيه انتقادات لاذعة، والمطالبة بإجراء تحقيقات داخلية لمعرفة أسباب تقصير المسؤولين الأمنيين وحجمه. إلى ذلك، أفادت سفارة المغرب في برلين، بأن جهاز الاستخبارات المغربية حذر السلطات الألمانية مرتين في 19 أيلول (سبتمبر) و9 تشرين الأول (أكتوبر) الماضيين، من نية العامري تنفيذ اعتداء إرهابي. وكان وزير الداخلية الألماني توماس دو ميزيير، اشتكى بعد الهجوم من أن بلاده أرادت ترحيل العامري إلى تونس، لكن وزارة الداخلية هناك رفضت ذلك بحجة أنه غير تونسي، ما أثار انتقادات سياسيين ألمان، مثل رئيس حزب الخضر شيم أوزدمير، والذين طالبوا بممارسة ضغوط على الحكومة التونسية التي تتلقى مساعدات مالية مهمة من ألمانيا.