تحوّل الشك إلى يقين في مسؤولية الارهابي التونسي أنيس العامري عن مجزرة دهس زوار سوق الأعياد في برلين بشاحنته ليل الإثنين الماضي، والذي أسفر عن مقتل 12 شخصاً وجرح 48 آخرين لا يزال 14 منهم في خطر. ونقلت مواقع «أن دي آر» و «في دي آر» و «زودويتشه تسايتونغ» الإعلامية عن محققين قولهم إن «تحليل البصمات التي وجدت على باب الشاحنة أكد أنها للتونسي الملاحق». لكن عبدالقادر العامري، شقيق الارارهابي، قال من بلدة الوسلاتية بتونس حيث تقيم العائلة: «أنا واثق من براءة أنيس، فهو غادر إلى أوروبا منذ سنوات للعمل ومساعدة عائلته مادياً، وليس للمشاركة في الإرهاب». وشدد في مقابلة مع وكالة «اسوشيتدبريس»، وبعد دعوته الى تسليم نفسه، على انه اذا ثبتت مسؤولية أنيس عن الحادث سنتبرا منه وننبذه». وأعادت السلطات فتح سوق عيد الميلاد في برلين بعدما أحاطته بحواجز أسمنت، كما اتخذت إجراءات وقاية مماثلة حول أسواق أخرى في أنحاء البلاد، من دون أن يمنع ذلك اغلاقها لأسباب غير واضحة مركزاً للتسوق في حي برينتسلاور بيرغ في برلين، وقطارات وخطوط تراموي في المنطقة ذاتها. وبدا أن الشرطة الألمانية لا تملك أي فكرة عن مكان اختباء أنيس، فيما لم يستبعد الناطق باسم المحققين مغادرته البلاد، «بعدما استفاد من فقداننا ساعات للعثور على تصريح إقامته في ألمانيا داخل الشاحنة، والذي لم يحصل في ليلة الاعتداء الإثنين، بل بعد ظهر الثلثاء، لأننا انتظرنا وصول كلاب مدربة لشمّ رائحة من جلس على مقعد السائق للتعرف إليه لاحقاً. ولو دخلنا الشاحنة قبل الكلاب لانتشرت روائحنا فيها، ما سيبلبل عملها». وجرى تعميم اسم التونسي المشبوه على الدول المحاذية للحدود البرية والمائية لألمانيا، ما استدعى تفتيش الشرطة الدنماركية ليل الأربعاء، عبّارة سويدية لنقل الركاب في ميناء غرينا، من دون أن تعثر عليه. لكن المعضلة الأكبر في ملاحقة العامري تتمثل في امتلاكه وثائق مزورة بثلاثة أسماء مختلفة وثماني جنسيات بينها المصرية والإيطالية، ما يبرر أيضاً «حرية» تنقله لشهور داخل ألمانيا من دون إمكان اعتقاله تنفيذاً لقرار السلطات ترحيله بعد فشله في نيل طلب لجوء في تموز (يوليو) الماضي. وكشفت مجلة «دير شبيغل» أن العامري «لفت نظر أجهزة الأمن قبل بضعة أشهر بعد إدلائه بأقوال خطرة جرى رصدها خلال التنصت على اتصالات دعاة إسلاميين في ألمانيا، وشملت إعلانه استعداده لتنفيذ عملية انتحارية». وتابعت: «كان الكلام الذي سُمع غامضاً وغير مفهوم إلى حد أنه لا يكفي لإصدار مذكرة باعتقاله. كما اتصل العامري نفسه بأحد أجهزة الأمن، واستفسر عن كيفية الحصول على سلاح». وكشفت المصادر الأمنية أيضاً أن العامري كان على علاقة مع الشيخ أحمد عبد العزيز عبدالله أ. المعروف بلقب «أبو الولاء»، وهو عراقي في ال32 من العمر يعيش قرب مدينة هيلدسهايم ويخطب في مسجدها. واعتقلته السلطات مع إمامين آخرين أحدهما بوسني والثاني تركي الشهر الماضي، بعد مراقبة خطاباته المتطرفة ونشاطاته الهادفة إلى إرسال مسلمين للقتال مع تنظيم «داعش» في سورية والعراق. ودهمت قوات الأمن حينها منازل عدة في المدينة ومحيطها بعد الاشتباه بسكانها. وذكرت مصادر أن أحد العائدين من مناطق التنظيم الإسلامي كان أعطى السلطات معلومات كافية عن دور «أبو الولاء» في تجنيد شبان وإرسالهم إلى القتال. ومع تصاعد الانتقادات الموجهة الى سياسة المستشارة الألمانية أنغيلا مركل في شأن انفتاحها على المهاجرين، فاجأ السياسي الشعبوي النمسوي نوربرت هوفر، الذي خاض السباق الرئاسي أخيراً وخسر أمام ألكسندر فون دير بيلين، زملاءه في أوروبا بدفاعه عن مركل قائلاً: «لا أحمّل المستشارة مسؤولية الإرهاب الحاصل، ولا أريد القول إنها مذنبة ومسؤولة عن موت أناس في برلين، ولكن واضح أن سياسة الترحيب التي مارستها جلبت كثيرين الى بلدها ليسوا لاجئين حقيقيين».