أعلنت وزارة الداخلية التونسية أنها أوقفت 3 عناصر ضمن خلية إرهابية مرتبطة بالمواطن أنيس العامري الذي نفذ اعتداء برلين ليل الاثنين الماضي والذي أسفر عن 12 قتيلاً، ثم أردته الشرطة الإيطالية في ميلانو (شمال) أول من أمس. وأفادت الوزارة بأن «بين عناصر الخلية ابن شقيقة العامري الذي اعترف بأن خاله كان «أمير» كتيبة «أبو الولاء» التي تنشط في ألمانيا، وأنه أرسل له أموالاً بهوية تخص شخصاً آخر للالتحاق به هناك، بعدما تواصل معه عبر تطبيق «تلغرام» للإفلات من المراقبة الأمنية، باعتباره تطبيقاً مشفراً وسرياً». وأوضحت أن الموقوفين تتراوح أعمارهم بين 18 و27 سنة، وينشطون بين فوشانة (قرب العاصمة تونس) ومعتمدية الوسلاتية بمحافظة القيروان، حيث تعيش عائلة العامري، مشيرة الى أن أنيس «استقطب ابن شقيقته لتبني الفكر التكفيري، وطلب منه مبايعة داعش في تسجيل أرسله إليه عبر التطبيق». في ألمانيا، يركز المحققون على إعادة بناء المسار الدقيق لرحلة العامري من برلين إلى ميلانو، ومعرفة إذا كان السلاح الذي استخدمه في ميلانو، حيث أصاب شرطياً بجروح في كتفه، هو نفسه الذي قتل به سائق الشاحنة البولندي في برلين الاثنين. وتساءلت الصحف المحلية عن كيفية مغادرته البلاد على رغم انتشار الشرطة، وفاعلية إجراءات الأمن التي اتخذت بعد الاعتداء. وكان المحققون الإيطاليون عثروا في حقيبة العامري على بطاقة قطار تشير الى أنه انتقل من محطة شامبيري في شرق فرنسا، ومرّ بتورينو قبل أن يصل إلى ميلانو. ودعا وزير الداخلية الفرنسي برونو لورو إلى «الحذر في تناول معلومات التي تروّج حالياً في شأن عبور العامري فرنسا وصولاً الى شمال ايطاليا، والتحقيقات وحدها كفيلة توضيح الوقائع بدقة»، وطالب الفرنسيين ب «توخي اليقظة لكن مع الهدوء» خلال الأعياد. أما المدير العام للشرطة الوطنية الفرنسية جان مارك فالكون فقال إن الجهاز «يعمل مع الألمان والإيطاليين في إطار تحقيق متقدم لمعرفة إذا كان الإرهابي التونسي عبر أراضينا خلال رحلته، خصوصاً عبر فحص صور كاميرات المراقبة في محطة شامبيري». وشدد فالكون على أن التهديد الإرهابي «ما زال مرتفعاً جداً ومرتفعاً في فرنسا، لكن لا عناصر تدل على وجود تهديد محدد». وقال: «بعد تجربة اعتداء نيس في 14 تموز (يوليو) الماضي، يؤكد لنا هجوم برلين ضرورة اتخاذ اجراءات أمنية كثيفة تشمل مراقبة التجمعات الكبيرة». وأشار فالكون إلى أن اعتداء برلين «ذكّر الجميع بضرورة تنفيذ عمليات تقويم جديدة للأخطار، والتحقق من أن كل أسواق عيد الميلاد وجميع الأشخاص الذين سيتواجدون عند منتصف الليل محميون جيداً. وبالنسبة الى قداديس عيد الميلاد الأكثر اكتظاظاً في بعض المدن الكبرى، لن نكتفي بنشر شرطيين، بل سنعزز قدرتنا على الرد في شكل شبه فوري». إلى ذلك، يفترض أن تعمل السلطات الألمانية لطمأنة رأي عام قلق بعدما كشف الاعتداء ثغرات كبيرة في إجراءات مكافحة الإرهاب في البلاد، وإخفاق أجهزة الأمن في توقيف العامري على رغم أنه كان معروفاً بتطرفه وخطورته منذ فترة طويلة. وطالبت المستشارة الألمانية انغيلا مركل وزيري الداخلية والعدل والسلطات الأمنية بتحليل «كل جوانب» القضية، وتسليمها خلاصات «في أسرع وقت، من أجل درس ما يجب تغييره في ترسانة الإجراءات التي تملكها الدولة». وتحدث وزير العدل هايكو ماس عن قرارات «ستتخذ بسرعة في كانون الثاني (يناير)» من أجل تحديد «كيف تمكن مراقبة الأشخاص الخطيرين في شكل أفضل، وطرد المهاجرين الذين لا يملكون تصاريح إقامة في أسرع وقت»، علماً أن العامري كان طالب لجوء رفضت السلطات طلبه، وكان يفترض أن يُطرد قبل أشهر. وفي رسالته بمناسبة عيد الميلاد، دعا الرئيس الألماني يواكيم غاوك أبناء بلاده الى «عدم الاستسلام للخوف»، مضيفاً: «في مرحلة تشهد اعتداءات إرهابية، يجب ألا نتسبب بانقسام أكبر في مجتمعنا، وألا ندين في شكل عام مجموعة من الأشخاص»، في إشارة إلى اللاجئين. وأظهر استطلاع للرأي أجراه معهد «انسا» بعد اعتداء برلين ونشرته صحيفة «بيلد»، أن شعبية «حزب البديل لألمانيا» اليميني الشعبوي ارتفعت بنسبة 15.5 في المئة من نيات التصويت في الانتخابات الاشتراعية لعام 2017، أي بزيادة 2.5 نقطة عن الأسبوع الماضي، وهي أعلى نسبة سجلها هذا الحزب المناهض للهجرة والإسلام منذ أيلول (سبتمبر) الماضي. في المقابل، تراجعت شعبية حزب الاتحاد الديموقراطي المسيحي بزعامة المستشارة مركل 1.5 نقطة، مع نيات تصويت نسبتها 31.5 في المئة. كما خسر الحزب الاشتراكي الديموقراطي، عضو الائتلاف الحاكم، نقطة واحدة مع نيات تصويت نسبتها 20.5 في المئة. ويتهم الحزب الشعبوي مركل بأنها فاقمت أخطار الاعتداءات الإسلامية بسياستها السخية في استقبال اللاجئين الذين وصل حوالى مليون منهم إلى البلاد في 2015 و300 ألف في 2016. وكتب مسؤول في الحزب على «تويتر»: «إنهم قتلى مركل»، ما أثار جدلاً شمل حزبه أيضاً. في المقابل نأى الكسندر غولاند، وهو مسؤول آخر في الحزب، بنفسه عن هذا الموقف، واعتبر انه «من الخطأ القول إن يدي مركل ملطخة بالدماء لأنه لا يمكن تحميل المسؤولية إلى شخص واحد».