يجدد مسؤولون في «الحزب الديموقراطي الكردستاني»، بزعامة مسعود بارزاني، مطالبتهم بالاستقلال عن العراق، رافعين هذا الشعار الذي يحظى بإجماع الأكراد، في محاولة للهروب إلى الأمام، وتجاوز الخلافات التي تتعمق بين مختلف الأطراف يوماً بعد يوم. ووصل الأمر ببعض القوى إلى طرح سيناريو لتقسيم كردستان نفسها والعودة إلى حكم الإدارتين، واحدة في أربيل والأخرى في السليمانية. ورعى رئيس حكومة كردستان ابن شقيق رئيس الإقليم، نيجيرفان بارزاني، مؤتمراً تحت عنوان «الاستقلال» في محافظة دهوك التي تمثل دائرة النفوذ الجغرافي لحزبه. وطرح مسؤولون في الحزب «الديموقراطي» هذا الشعار وفق مقاربات مختلفة عن تلك التي طرحت سابقاً. وقال نيجيرفان إن الاستقلال يشمل «أكراد العراق فقط»، ما يوحي بأنها محاولة لتجاوز الاعتراضات التركية، خصوصاً أن أربيل تنخرط مع أنقرة في حلف معلن، في مقابل علاقات تاريخية وثيقة بين أحزاب السليمانية (الاتحاد الوطني الكردستاني، والتغيير) وطهران. وأوضح نيجيرفان أن «استقلال كردستان حق طبيعي لنا. لدينا لغتنا وثقافتنا المختلفة، وحينما نتحدث عن الاستقلال فإننا نقصد فقط كردستان العراق». وفي إطار المقاربة الإقليمية أيضاً اعتبر مسرور بارزاني، نجل رئيس الإقليم رئيس مجلسه الأمني، أن تحقيق هذا المطلب «علاج للمشاكل مع بغداد كما أنه يمنع الأكراد من الوقوع ضحية الاتفاقات الإقليمية». في السياق ذاته، قال رئيس ديوان رئاسة الإقليم فؤاد حسين إن «طريق استقلال الإقليم يبدأ من بغداد مروراً بطهرانوأنقرة». وأضاف: «على رغم تعامل بعض الدول مع كردستان كدولة مستقلة، بقي أن يكون لنا علم في الأممالمتحدة وحدود ثابتة للدولة الكردية، (ولذلك) علينا أن نجتمع مع عرب العراق والأقليات الموجودة في كردستان مثل التركمان والأشوريين، ونبحث معهم في خريطة طريق للتعايش، ومن ثم نشكل لجنة مشتركة للتحدث مع بغداد والمكونات الأخرى ومن ثم ننتقل إلى التحدث مع طهرانوأنقرة». لكن القيادي في «الاتحاد الوطني الكردستاني» برهم صالح قال إن «استقلال الإقليم يجب أن يبحث في بغداد وليس في طهران أو أنقرة أو واشنطن». وتستعاد طروحات الاستقلال بين جبهتين في كردستان، إذ ترى أحزاب السليمانية أن «مشكلة الفساد واحتكار عائلة بارزاني السلطة هي جوهر أزمة الإقليم»، على ما أعلنت النائب في البرلمان الاتحادي (من حركة التغيير) سروة عبد الواحد، التي قالت ل «الحياة» إنها «تتعرض منذ أيام لحملات ممنهجة تهددها وتشهّر بها من حزب بارزاني، بعدما اتهمته بالاستيلاء على ثروة الإقليم واحتكار الحياة السياسية فيه». أجواء التوتر في إقليم كردستان لا تقتصر على الشأن السياسي، فما زالت المؤسسات في السليمانية، والمدارس والمستشفيات ودور العدل، مضربة، كلياً أو جزئياً، عن العمل، احتجاجاً على عدم تسلم موظفيها مرتباتهم منذ شهور، فيما تؤكد حركة «التغيير» أن حزب بارزاني «استولى على المناصب العليا بالقوة». وتصاعد القطيعة بين أربيل والسليمانية وصل إلى تداول أطراف سياسية وإعلامية كردية سناريوات لتقسيم إقليم كردستان إلى إقليمين فيديراليين، أحدهما مكون من أربيل ودهوك، والثاني من السليمانية وحلبجة، ويمكن أن تضم إليهما كركوك، ما يجعل توقيت الحديث عن الاستقلال «هروباً إلى الأمام وغير مناسب، فالأولى توحيد كردستان قبل إعلان استقلالها».