ينحي البرد في السعودية دوناتيلا فيرساتشي، وجابريال شانيل، ودونا كاران من مقاعدهم ليحل محلهم مصممو «الفروة» وحائكو الصوف، كما يشتعل حس الفكاهة لدى السعوديين دفئاً كلما ازدادت درجات البرودة شتاءً على الأجواء في مدن المملكة، ابتداء من «الأجواء اللندنية» وصولاً إلى الحديث عن أزياء الشتاء أو ما يطلق عليه الأغلبية «الخلاقين»، والتي تحتم عليها الأجواء عدم الاهتمام بعنصر التنسيق المعتاد. إلا أن البرد يخلق له خط أزياء مستقل سواءً أكان بالألوان أم بالخامات، كما يضيف الشتاء للأجواء السعودية مميزات جيدة وطقوس متعددة، من إشعال الحطب، والتسامر على «شبة» النار، والخروج لمشاهدة الأمطار التي تحيي الأرض بعد موتها جفافاً وما يتبع كل هذه الطقوس من تبدّل واضح في نفسيات الناس وأمزجتها فتصبح ألطف وتنتشر الابتسامات، ويعم اللطف، وتسود الألفة، وتغيب منبهات السيارات، التي يبدو أنها إحدى أضرار درجات الحرارة المرتفعة على البعض. وتشهد السعودية هذه الأيام موجة برد تدنت معها درجات الحرارة مع توقعات بهطول كميات من الأمطار ما دفع إلى توجيه إدارة الدفاع المدني بمكة المكرمة عدداً من الجهات الحكومية ذات الاختصاص برفع درجة الاستعداد، حفاظاً على الأرواح والممتلكات والحد من المخاطر والأضرار التي تصاحبها. ولدرجات الحرارة آثاراً جانبية تمس المزاج، فدرجات البرد القارصة تظهر مدلولاتها خارجياً على شكل وطريقة اللبس من عدم التنسيق في الألوان أو في شكل وطريقة الزي أو عدم تناسقه بالشكل العام ولبس القديم مع الحديث قد يكون أحد مظاهر البرد العامة، التي باتت رؤيتها لا تثير أي استغراب أو نقد، وذلك بسبب رغبة وهدف الملابس الشتوية في الوصول إلى «الدفء» بغض النظر عن وسائله، التي قد تكلّف البعض التغاضي عن الذوق العام في الأزياء وعدم الاهتمام بها. وبات مأزق «الخلاقين» يمثل أحد سمات الشتاء المعتادة، إذ تشتعل وسائل التواصل وبرامج الإنترنت بالنكات الساخرة على المظهر في الشتاء، وتبدأ خفة ظل «الكاريكاتير» بالتسامح مع مظهر الشتاء «المكركب» الذي يظهر في الصور المتبادلة بالسخرية على لون وشكل وكمية الملابس التي تُلبس في الشتاء، ولا يكون غريباً لو سمعت أحد الأشخاص وهو يقول: «إذا رأيت بطانية تمشي في البيت لا تستغرب، هذا واحد من إخوانك رايح يشرب موية»، وفي الشتاء «الشخص اللي تطلب منه يسلفك جاكيت مثل اللي تطلب منه يسلفك فلوس»، بينما يحن البعض للصيف من خلال أغنية «نقول للشمس تعالي تعالي بعد سنة». وتكاد تنعدم أناقة ملابس الشتاء عند الأغلبية، وذلك بسبب قصر موسمه في السعودية، ويستكثر البعض تخصيص ملابس شتوية لكل موسم، إلا أنه حينما يبرد الطقس تتحول بعض البيوت إلى محال زاخرة بأنواع عدة من الملابس الشتوية، ما يجعل البعض في غنى عن عدم الحرص على تناسق ألوان ملابس الشتاء والبعد عن الأناقة في اللبس، في ظل البحث عن الدفء أولاً، وتكون «الفروة»، التي أصبحت متاحة للجنسين بعد أن كانت حكراً للرجل أحد أهم وسائل «التغطية» على مهرجان ألوان الملابس خلفها، إلى أن ما يحدث من البعض في فصل الشتاء على صعيد الملابس، يعد فوضى عارمة في الذوق، وهذا يعود إلى الثقافة الضعيفة، التي يمتلكها سكان المناطق الحارة والصحراوية كمناخ المملكة السائد تجاه الملابس الشتوية.