لو كان المخرج الإيطالي الكبير الراحل انطونيوني حياً، لسحره هذا المشهد: المتفرجون والنقاد يصفقون بقوة وحرارة، والدموع تترقرق في أعين البعض منهم، بعد انتهاء عرض فيلمه «المغامرة» ضمن اطار برنامج خاص هو «كلاسيكيات كان». لقد كانت في هذا المشهد بالذات، صورة حقيقية لثأر انطونيوني من «كان» واعادة اعتبار حقيقية لذلك الفيلم الذي ظُلم كثيراً قبل نحو نصف قرن حين راح الجمهور... والنقاد معه... يشتم ويصرخ محتجاً ضد الفيلم وأسلوبه، مطالباً - حتى - بوقف عرضه. يومها بكى انطونيوني وهو يخرج من الصالة. وظل حزيناً وكارهاً لفرنسا والفرنسيين، على رغم ان عدداً كبيراً من السينمائيين والنقاد، أصدر في اليوم التالي بياناً ندد فيه بذلك التصرف الهمجي من قوم يجهلون ما هو الفن وما هي السينما. وعلى ذكر انطونيوني، لا بد من ان نذكر هنا ان شركة «جاز فيلم» أعلنت في «كان» قبل أيام انها ستبدأ خلال الشهور المقبلة تصوير فيلم عنوانه «برقيتان»، كان انطونيوني كتبه قبل رحيله بعام، وهو في أعنف حالات المرض. وأكدت الشركة ان هذا النص الأخير لصاحب «بلو آب» و «الصحراء الحمراء» سيفاجئ المتفرجين الذين سيصعب عليهم أن يصدقوا ان كاتبه كان حين أنجزه في الرابعة والتسعين من عمره، أصم، أخرس، ومع هذا كان ينوي أن يحققه بنفسه مقعداً على كرسيه!