بعد أكثر من عام ونصف العام على صدور قرار مجلس الأمن الدولي رقم (2216)، في 14 نيسان (أبريل) 2015، ما زال الحوثيون وحلفاؤهم يواصلون انتهاكات كل بنود القرار، متجاهلين ما جاء فيه، وهذا ما وصفه مسؤولون يمنيون ب «الاستخفاف» بالقرارات الدولية، على رغم تلقي مبعوث الأممالمتحدة إسماعيل ولد الشيخ أحمد وعوداً متتالية بالتزام القرارات الأممية، التي تعد مرجعاً للحكومة الشرعية لإحلال السلام على الأراضي اليمنية. القرار الدولي المذكور صدر تحت البند السابع، وفيه شروط عدة تلزم الحوثيين وكل الأطراف اليمنية بالتطبيق، على ما أكد المحلل السياسي اليمني عارف العمري، بل انتهكوا تلك القرارات، «ومضوا في مخططهم نحو المزيد من الخطوات الانقلابية التي تزيد المشهد اليمني تعقيداً، وتربك كل الجهود الدولية الرامية إلى عودة الأمن والاستقرار، وإنهاء الحرب، وإعادة الإعمار». وأوضح العمري ل «الحياة» أن «المتابع للشأن اليمني يدرك أنه منذ اندلاع الحرب في منطقة دماج في صعدة بين السلفيين من جهة والحوثيين من جهة أخرى، وحتى توقيع اتفاق السلم والشراكة في صنعاء بعد انقلاب 21 كانون الأول (ديسمبر) 2014، لم يلتزم الحوثيون بأي اتفاق، ولم يوفوا بأي ميثاق، بل كانت تلك الاتفاقات تصبّ في مصلحتهم، لإعادة التموضع وترتيب الأوراق المتبعثرة، ثم ينقلبون عليها، ويدفعون بمقاتليهم نحو الحصول على سقف مطالب أعلى من سابقه». وأضاف أن «مثل هذه التصرفات جعلت الشارع اليمني يشكك في صدقية قبولهم أي قرار دولي، ما لم تكن هناك قوة رادعة من شأنها أن تطبّق القرارات على الأرض، خصوصاً أن القرار الأممي الأخير الرقم 2216، جاء تحت الفصل السابع، الذي يجيز استخدام القوة لتطبيقه. وزاد إن «نص القرار جاء واضحاً لا لبس فيه، أول بنوده ينص على مطالبة الحوثيين بالكف عن اللجوء إلى العنف، إلا أن ما حدث كان العكس من ذلك تماماً، فقد اتجه الانقلابيون وشريكهم صالح نحو المزيد من العنف، فعملوا على إنشاء معتقلات جديدة، وحوّلوا المدارس والوحدات الصحية إلى مخافر للتعذيب، وأصبحت عمليات الاعتقال والتعذيب جزءاً يومياً من سلوكيات الميليشيات الانقلابية، ومات العشرات من المعتقلين تحت التعذيب». وتابع: «في محافظة إب (وسط اليمن) وثّقت منظمة رصد وقوع 71 انتهاكاً خلال تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، منها وفاة أربعة أشخاص تحت التعذيب، و34 حالة اختطاف، كما رصدت المنظمة وجود 70 سجيناً في سجن الأمن السياسي يتعرضون للتعذيب النفسي والجسدي»، مضيفاً أنه «وفقاً لإحصاء رصدته منظمة حقوق الإنسان اليمنية خلال العام 2015، فقد بلغ إجمالي الانتهاكات 184 ألفاً و551، توزعت في 17 مديرية ومحافظة، وبلغ عدد الجرحى 19 ألفاً و782 جريحاً، ومن احتجزوا خارج نطاق القانون بلغ عددهم 8 آلاف و881 شخصاً، فيما بلغ عدد المنشآت العامة التي تضررت من قصف ميليشيات الحوثي وصالح 2780 منشأة، والخاصة 22 ألفاً و915 منشأة». ولفت إلى أن «اللجنة ذكرت أيضاً في تقريرها أن الميليشيات الانقلابية أغلقت تسع قنوات فضائية و38 صحيفة، وحجبت 86 موقعاً إلكترونياً، وقمعت 98 وقفة احتجاجية، وأغلقت 18 منظمة حقوقية، وأوقفت 8 إذاعات مسموعة، بغية التغطية على ممارساتهم الإجرامية بحق اليمنيين»، مؤكداً أن «ما أورده التقرير ليس سوى صورة مصغرة لما تقوم به تلك الميليشيات الانقلابية من أعمال عنف بحق المدنيين، فالمنظمة لم تستطع الدخول إلى كل المحافظات، خصوصاً تلك التي يسيطر عليها الانقلابيون سيطرة كلية». وأوضح أن «الانقلابيين وسّعوا سلوكهم نحو العنف، فكثفوا من قصف محافظة تعز بصواريخ الكاتيوشا، ما أدى إلى سقوط العشرات، وكذلك كثّفوا من هجماتهم على مواقع المقاومة الشعبية في محافظة البيضاء، كما تشهد محافظة مأرب يومياً إطلاق صواريخ باليستية على عاصمة المحافظة، التي تعترضها بطاريات الباتريوت، فيما تحولت منازل المعارضين للانقلاب إلى أهداف مشروعة للتفجير بنظر الانقلابيين، ولم تتوقف الحال هنا، بل تعدته إلى تفجير المساجد، وهدم دور القرآن في معظم المحافظات التي لا تزال ترزح تحت حكم الانقلابيين»، مضيفاً أن «القرار الأممي طالب الانقلابيين بسحب قواتهم من المناطق التي يسيطرون عليها، إلا أنه لم يحدث من ذلك شيء، فقد حاولوا الاستيلاء على مناطق جديدة في تعز والبيضاء والجوف وصنعاء، إلا أن الجيش الوطني والمقاومة الشعبية أفشلوا تلك المحاولات، ويتصدون لتلك المحاولات ببسالة منقطعة النظير». وتابع: «كان من ضمن بنود القرار الأممي كف الحوثيين عن القيام بأعمال تعتبر من الصلاحيات الحصرية للحكومة الشرعية، إلا أن ذلك لم يحدث إطلاقاً. ففي آب (أغسطس) الماضي، أقدم الانقلابيون على تشكيل مجلس سياسي أعلى مناصفة بين الحوثيين وأتباع صالح، وهو ما قوبل برفض دولي، على رغم فشل مجلس الأمن في إصدار قرار يدين ذلك بعد معارضة روسيا لمشروع القرار، فيما اعتبره المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ انتهاكاً للقرار 2216، الذي يطالب الحوثيين بعدم الإقدام على أي خطوات أحادية الجانب، إذ من شأنها أن تقوّض عملية الانتقال السياسي في اليمن، خصوصاً أن تشكيل المجلس يتعارض مع المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومع مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل». وأكد أن «كل تلك الأعمال المخالفة لقرارات مجلس الأمن الدولي تعكس رغبة الانقلابيين في المضي نحو مشروعهم التدميري، الذي لا يختلف كثيراً عن المشاريع الإيرانية في المنطقة إن لم يكن جزءاً منها»، مؤكداً أن «عدم جدية مجلس الأمن في تنفيذ القرارات الخاصة باليمن، وما نلمسه من بعض الدول الكبرى من قبول لممارسات الانقلابيين، شجعهم على اتخاذ المزيد من الانتهاكات بخصوص القرار الدولي 2216».