عقب المؤتمر العام لحركة «فتح» وانتخاب أعضاء اللجنة المركزية والمجلس الثوري، تعالت أصوات تدعو الرئيس محمود عباس إلى تعيين الأسير مروان البرغوثي نائباً له في رئاسة الحركة ولو كان وراء قضبان الأسر، في تجربة مشابهة لتجربة القائد الوطني الجنوب أفريقي نلسون مانديلا. وكان عباس أظهر إشارة ود نحو البرغوثي، خصمه القديم في الحركة الذي كاد ينافسه على رئاسة السلطة في انتخابات عام 2005، عندما اتصل هاتفياً بزوجته المحامية فدوى البرغوثي فجر اليوم الأخير من المؤتمر، ليبلغها أن زوجها حصل على أعلى الأصوات في انتخابات اللجنة المركزية، أعلى لجنة قيادية في الحركة. وقالت البرغوثي ل «الحياة»: «كان الرئيس مبتهجاً بفوز مروان وتفرده وحصوله على أعلى الأصوات، وقال لي بالحرف الواحد إنه بالغ السعادة لانحياز الحركة وتقديرها الكبير للقائد الأسير مروان». ولم تستبعد أن يختاره عباس نائباً له في قيادة الحركة وهو في السجن، وقالت: «الرئيس تسلم الحركة من شهيد، وليس مستبعداً أن يسلمها إلى أسير... الرئيس متمسك بالثوابت الوطنية، وبالتالي فإن الأرجح أن يكون مروان خياره الأول لقيادة الحركة من بعده». وأضافت أن الرئيس عباس «لم تعد لديه أوهام في شأن نيات الحكومات اليمينية المتعاقبة في إسرائيل، ورفضها الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، كما أنه يريد شخصاً حريصاً على مواصلة النضال الوطني لتحقيق هذه الأهداف، ومروان في المقدمة». وتعزى المطالبات بتعيين البرغوثي في هذا المنصب إلى عوامل عدة، منها فشل العملية السياسية مع إسرائيل، والأزمة القيادية التي تعاني منها «فتح» في غياب اتفاق واضح على الرجل الثاني فيها الذي سيخلف الرئيس عباس في قيادة الحركة والمنظمة والسلطة في حال غادر الرئيس، البالغ من العمر 82 سنة، المشهدَ لأي سبب كان. وتزايدت الأصوات المطالبة بتعيين البرغوثي نائباً لرئيس الحركة عقب تصريحات إسرائيلية تعرب عن عدم ارتياحها من فوز القائد «الفتحاوي» الأسير بأعلى الأصوات. كما دفع حصول اللواء جبريل الرجوب على الموقع الثاني لجهة أعلى الأصوات، بعدد من خصومه إلى المطالبة باختيار البرغوثي لقطع الطريق على تولي الرجوب المنصب. وكان نتانياهو عقّب على حصول البرغوثي على أعلى الأصوات في مؤتمر «فتح» بالقول إن ذلك يشكل «تطرفاً في ثقافة فتح وتحريضها»، مضيفاً أن «الحديث يدور عن زعيم إرهابي شجع عمليات إرهابية قُتل بسببها وأصيب عشرات الإسرائيليين». ورد عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» اللواء توفيق الطيراوي في بيان، بأن «البرغوثي قائد وطني تختطفه حكومة الاحتلال وليس زعيماً إرهابياً. نفتخر به قائداً ومناضلاً عنيداً، وهو أمين ومؤتمن منا وفينا وعلينا، وإن تصريحات نتانياهو تعدّ تدخلاً سافراً في شؤون فتح». وزاد: «البرغوثي يستحق هذا الموقع والمكان والمقام في اللجنة المركزية... وعلى اللجنة أن تنتصر له وللموقف الوطني». وانضم مستشار الرئيس فهمي الزعارير الى قائمة المطالبين بتعيين البرغوثي، وقال: «إن تعيينه حق وليس منة»، مضيفاً: «أي عضو في اللجنة المركزية يتنافس على هذا الموقع كمن يمتلك نسخة أخرى لمفتاح زنزانة مروان الذي لم تسقطه رغبة أو مؤامرة أدخلته السجن أو طوّقت زنزانته». وقال رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين عيسى قراقع، إن حصول البرغوثي على أعلى الأصوات «انتصار للأسرى ونضالاتهم ولقضية الحرية والكرامة التي يناضل الأسرى في سبيلها»، معتبراً ذلك مدخلاً للقيام بحملة لإطلاق البرغوثي ورفاقه الأسرى. وكان البرغوثي اعتقل قبل 15 عاماً، وحكم عليه بالسجن خمسة مؤبدات و40 عاماً. وهو يحظى بتأييد جارف في الشارع الفلسطيني، وتؤهله استطلاعات الرأي للفوز في منصب الرئيس في أي انتخابات مقبلة، حتى وهو في السجن. كما رشحته مجموعة من المناضلين العالميين، على رأسها المناضل الأممي سكفيل، لجائزة «نوبل» للسلام للعام الحالي، وحصل على «مواطنة شرف» في فرنسا.