السعودية تستضيف نهائيات كأس آسيا تحت 17 عاماً لكرة القدم    «شاومي» تكشف عن إطلاق سلسلة جوال ريدمي نوت 14 بالسعودية بأسعار تنافسية    "العامري" يزور العطيف والعياشي ويطمئن على صحتهما    وزير الخارجية يستعرض العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها مع نظيره الإندونيسي    تمور المدينة    وزير الاقتصاد والتخطيط: رؤية المملكة 2030 مثال على القيادة الجريئة والتنفيذ بتفاؤل والإدارة بحكمة    مصير نيمار لدى لجنة الاستقطاب    النمور تفتك بالليوث    القصبي: 540 مليار ريال حجم تجارة الخدمات بالسعودية    وزير الخارجية يشارك في جلسة بعنوان "السعي نحو الأثر: تعزيز الجهود من خلال المنتديات الدولية" في دافوس 2025    سوريا مساعٍ حثيثة للإصلاح ومنع الحرب الأهلية    أعمال العنف تؤكد رغبة إسرائيل في تعزيز الاستيطان    الحزم يتغلّب على أحد بثلاثية ويسترد وصافة دوري يلو    شراكة علمية بين مركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة وجامعة الجوف    أنطلاق بطولة مهارات التفوق الغذائية للأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية    شتاء يُزهر بالجمال والمتعة مع جمعية يُسر الاجتماعية بمكة المكرمة    وكيل محافظ الطائف يشهد حفل تكريم 850 طالباً وطالبة بالتعليم    إحباط تهريب 352275 قرصًا من مادة الأمفيتامين بحالة عمار    جمعية "سند" الخيرية تُكرم الفائزين بجائزة الأميرة عادلة بنت عبدالله    جرد مصادر المعلومات لتطوير 153 مكتبة عامة    الشذوذ ومعالجة الانحراف السلوكي    المدينة تستقبل الدفعة الثالثة من ضيوف الملك    دبلوماسي سعودي رفيع المستوى يزور لبنان لأول مرة منذ 15 عاما    مساعد رئيس مجلس الشورى تلتقي المديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة    22 ولاية تطعن في أوامر ترمب لمنع منح الجنسية بالولادة    مكتبة الملك عبدالعزيز العامة تعقد ورشة عمل عن أسس ترميم المخطوطات والوثائق    «التجارة»: 19% نمو سجلات «المعلومات والاتصالات»    رابطة العالم الإسلامي تعزي تركيا في ضحايا الحريق بمنتجع بولاية بولو    حسام بن سعود: التطوير لمنظومة العمل يحقق التطلعات    آل الشيخ: خطبة الجمعة للتحذير من ظاهرة انتشار مدعي تعبير الرؤى في وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي    أقل من 1% تفصل الذهب عن قمته التاريخية    محافظ الأحساء يُدشّن وجهة "الورود" أحدث وجهات NHC العمرانية في المحافظة    بدء أعمال المرحلة الثانية من مشروع تطوير الواجهة البحرية لبحيرة الأربعين    نائب أمير الشرقية يستقبل مدير جوازات المنطقة بمناسبة تعيينه    الأمير محمد بن ناصر يدشن المجمع الأكاديمي الشرقي بجامعة جازان    محافظ الخرج يستقبل مدير مكافحة المخدرات    أنغولا تعلن 32 حالة وفاة بسبب الكوليرا    500 مليار دولار في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي بالولايات المتحدة    صندوق الاستثمارات العامة وشركة "علم" يوقّعان اتفاقية لاستحواذ "علم" على شركة "ثقة"    فرصة هطول أمطار رعدية على عدة مناطق    وفاة مريضة.. نسي الأطباء ضمادة في بطنها    اعتباراً من 23 رجب.. حالة مطرية «سابعة» تترقبها السعودية    انخفاض في وفيات الإنفلونزا الموسمية.. والمنومون ب«العناية» 84 حالة    سكان جنوب المدينة ل «عكاظ»: «المطبّات» تقلقنا    10 % من قيمة عين الوقف للمبلّغين عن «المجهولة والمعطلة»    شيطان الشعر    إنستغرام ترفع الحد الأقصى لمقاطع الفيديو    وفد "الشورى" يستعرض دور المجلس في التنمية الوطنية    سيماكان: طرد لاعب الخليج «صعّب المباراة»    حضرت فعاليات حفل تنصيبه.. الأميرة ريما بنت بندر تنقل تهاني القيادة للرئيس ترامب    علي خضران القرني سيرة حياة حافلة بالعطاء    إيجابية الإلكتروني    كيف تتخلص من التفكير الزائد    عقار يحقق نتائج واعدة بعلاج الإنفلونزا    الدبلوماسي الهولندي مارسيل يتحدث مع العريفي عن دور المستشرقين    خطة أمن الحج والعمرة.. رسالة عالمية مفادها السعودية العظمى    "رسمياً" .. البرازيلي "كايو" هلالي    متلازمة بهجت.. اضطراب المناعة الذاتية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرسّام الصومالي، عامر، يُغضب أصحاب النفوذ ... ويسلّي المغلوبين على أمرهم

تُفرح رسومات أمين عامر، الكندي من أصل صومالي، المواطنين الصوماليين وقياداتهم على حد سوء. فمن ناحية، تُشبع رسوماته اللاذعة شهوة الشعب المغلوب على أمره والمغرم برؤية صور تقدح المسؤولين الذين أغرقوا البلاد في دوامة عنف مستمرة منذ عام 1991 عندما انهارت آخر حكومة مركزية في هذه البلد العربي الواقع على القرن الأفريقي. ولكن من ناحية أخرى، تُغضب هذه الرسومات المسؤولين في كل من الحكومة الصومالية والإسلاميين الذين يقولون إنهم سيخضعونه لمحاكمة إسلامية لينال جزاءه المناسب.
عامر، بلا شك، رسّام جريء إلى درجة التهوّر. لا يخاف في رسوماته لومة لائم. بل لا يخاف على حياته من سكّين الإسلاميين المسلّحين الذين يذبحون أمثاله ممن يستهزئون بهم وبمعتقداتهم بالسكين غير المصقولة «عبرة للمعتبرين».
وأنشأ عامر الذي يحظى بشعبية بين أبناء جلدته، موقعاً على شبكة الانترنت خصصه ليدافع به عن حقوق «المظلومين»، بحسب قوله، وهو أمر تشجعه عليه زوجته «لأنها نفسها تكره الظلم». ويقول عامر ل «الحياة» في مقابلة هي الأولى من نوعها مع الإعلام العربي المقروء أو المسموع: «لا أخاف من أحد. لأن مهمتي خدمة بلدي الأصلي».
تضرر عامر كثيراً بسبب الفوضى في بلده الأصلي الذي نزح منه في أواخر عام 1991 بعد تلقيه تهديدات من أشخاص استاؤوا من رسومات صوّرها لصحيفة محلية مستقلة ظهرت بعد إطاحة حكومة محمد سياد بري. تنقل عامر ما بين إثيوبيا وأريتريا والسودان واليمن قبل أن يصل إلى جيبوتي حيث منحته وكالة الأمم المتحدة للاجئين فرصة الاستيطان في كندا عام 2000.
يقول عامر: «لقد رأيت كثيراً من المعاناة في حياتي. وهذه المعاناة قد شحذت موهبتي حتى رمتني حيث أنا الآن. لا أعتقد أن هناك شيئاً لا أقدر على رسمه في العالم».
وبرسومه الساخرة والبارعة، يُنسي عامر، الميّال إلى التوجّه القومي ومشروع «الصومال الكبير»، ملايين الصوماليين في شتى أصقاع العالم شيئاً من معاناتهم. وغالباً ما تُظهر صوره - القاسية على أصحابها والمليئة بالحكم لعشاقها - وجه حركة «الشباب» الملثّم والمخيف، كما تُظهر حالة الحكومة الصومالية المثيرة للشفقة، والعداء لقوات حفظ السلام الأفريقية من الشعب الصومالي.
ويتهافت الصوماليون الذين يلقّبون الرسّام ب «صوت الصومال»، على متابعة آخر الصور في موقعه الذي تأسس في عام 2004، تماماً في الشهر نفسه الذي انتُخب فيه الرئيس الصومالي السابق عبدالله يوسف رئيساً للبلاد في عاصمة كينيا المجاورة، نيروبي. ويقول قاسم محمد نور، رئيس مركز التوحيد والتقدم للشعب الصومالي، عن عامر: «إنه رسّام في الدرجة الأولى وحيادي. إنني معجب بروائعه، وأشعر بالارتياح عندما أنظر إليها لأنها تجعلني أضحك بعد إدراكي حقيقة ما رسمه».
ورسومات عامر التي غالباً ما تأتي أفكارها من أخبار الإذاعات الصومالية ومواقع الإنترنت التي تنقل أخبار بلده الأصلي على مدار الساعة، تُجسّد الوضع المأوسوي في الصومال وتعالجه في جوانبه المتعددة، أمنية كانت أو إنسانية، أو قمع الإسلاميين والسلطات المحلية للصحافيين التابعين لوسائل الإعلام المحلية والدولية.
وفي رسوماته الأخيرة، يستهزئ عامر بأكبر حركة إسلامية في البلاد بطريقة لا يجرؤ أحد على أن يفعلها إذا كان يعي نتيجة فعله وهو في داخل الصومال. إذ يُشبّه حركة «الشباب» بإنسان مصنوع من قطع مركّبة بدأت تتساقط واحدة تلو الأخرى. ويقول عامر شارحاً الصورة من منزله في مدينة إدمنتون بولاية ألبيرتا التي يعيش فيها مع زوجته وأربعة من أطفاله: «كما ترى في الرسم فإنهم سيتساقطون قريباً. إن هذا الرشاس الذي يحمله (مقاتل الشباب) سيسقط في نهاية المطاف».
وفي رسم آخر تبكي أم صومالية تكتسي العلم الصومالي الأزرق الذي تتوسطه نجمة بيضاء قرب أم وابنها المقتول في هجوم نفّذته حركة «الشباب» في آب (أغسطس) ضد فندق «مني» في العاصمة الصومالية، وهو الهجوم الذي قتل فيه مسلحون من الحركة أكثر من 30 شخصاً، بينهم أربعة من أعضاء البرلمان الصومالي. وبجانب الامرأة التي وضعت يديها على خديها، يجلس مسلح من «الشباب» بركبتيه ويديه الملطختان بالدماء على الجثث، رافعاً علم الحركة الأسود عليها، في إشارة إلى عدم مبالاة أفراد الحركة بأرواح المدنيين التي تُزهق من دون أعذار شرعية.
ويقول عامر الذي وُلد في العاصمة الصومالية مقديشو عام 1960، إن شغفه في رسم الصور بدأ وهو في الثامنة من عمره. إذ كان يستخدم قطعة من الفحم ليرسم الصور على إحدى الطرقات القريبة من منزل أسرته. ويتذكر عامر أنه بينما كان يوماً من الأيام يرسم صوره على أرض صلبة بعدما أزال منها الرمل الذي تشتهر به شوارع مقديشو، أمسك رجل غريب بتلابيبه وصاح: «قف!». رد عامر قائلاً: «سامحني! لن أعود إلى هنا بعد اليوم. سامحني!». لكن عامر الذي لم يلتحق بمدرسة للفن طوال حياته، لم يكن يتصور أن هذا الرجل جاء بناء على طلب رسّام روسي استحسن إصرار الصبي على رسم الصور بالقرب من منزله. ومنذ ذلك اليوم، أصبح عامر تلميذاً للرسام الروسي الذي علّمه فن الرسم بأنواعه، حتى أصبح ماهراً في رسم كل ما يُصوّر بالزيت غير النحت (أي التماثيل).
وكان هذا الرسام الروسي الذي لا يعرف من اسمه سوى «فيكتور»، يعمل في وزارة الإعلام الصومالية ويرسم لها ما تحتاج إليه من صور في حفلاتها الرسمية في السبعينات من القرن الماضي، أي قبل إعلان الاتحاد السوفياتي مساندته لإثيوبيا في حرب أوغادين في عام 1977.
وتدل ضخامة زوّار موقع عامر على النجاح الذي حققه الرسّام في وقت قصير وفي بيئة صومالية أسست فيه كل قبيلة وفخد وعشيرة موقعاً لها على شبكة الإنترنت. ويندر أن يجتذب موقع صومالي زواراً من كل أطياف وقبائل المجتمع الصومالي مثل موقعه الذي يحصل على 30 ألف ضربة يومياً، أي قرابة مليون شخص في الشهر.
ويقول عبدالقادر عمر عثمان، صاحب أحد أضخم محل لتصفح الإنترنت في مدينة بوساسو الواقعة في إقليم «بونت لاند» الذي يتمتع بحكم ذاتي في شمال شرقي الصومال، إن أغلب زبائنه يتصفحون موقع عامر «لأنه الموقع الوحيد الذي تجد فيه رسومات تصوّر الحقيقة الصومالية الأليمة من دون تشويهات».
وينتهز عامر قانون حرية التعبير في كندا لتصوير كل شخص وشيء بطريقته الخاصة وعلى هواه من دون أدنى خوف أو اعتبار لما يقوله قائل، كالصورة التي يصوّر فيها المتناحرين في الصومال وكأنهم نسور يتجاذبون أطراف الحديث فوق رفات رؤوس الموتى. وفي الصورة يحض الرئيس شيخ شريف شيخ أحمد الذي يقود حكومة عاجزة عن بسط نفوذها على ربوع البلاد منذ انتخابه مطلع العام الماضي، الإسلاميين على عدم وقف الحرب ضد حكومته، قائلاً: «إذا أوقفتم الحرب، سيتوقف المال». ويتفق النسر المقنّع الذي يمثل حركة «الشباب»، قائلاً: «إنك على حق. يجب أن تستمر الحرب. لأنه كلما أريق مزيد من الدماء يأتي مزيد من المال». ثم يتدخل نسر الحزب الإسلامي شيخ حسن طاهر عويس (أويس): «لا بد من زيادة الحرب في شهر رمضان وأنت (شيخ شريف) زد من رحلاتك إلى الدول العربية لكن لا تتأخر»، في أشارة إلى كثرة رحلات الرئيس إلى خارج الصومال بينما البلد في حرب تحصد أرواح المدنيين في شكل شبه يومي.
ولا شك في أن الإسلاميين وبعض السياسيين الصوماليين في البلاد لن يترددوا في اغتيال عامر لو وجدوه في داخل الصومال بسبب نيله من عرضهم ومبادئهم عبر تشهير وتعيير لا يتوقفان. ويصف شيخ محمد عثمان عروس، مسؤول العمليات في الحزب الإسلامي (حزب الإسلام)، عامر بأنه «عدو للإسلام»، مؤكداً أنه إذا وقع في أيديهم سيحوّلونه على محكمة شرعية لتعاقبه على احتقاره الدين والعلماء. ويقول: «قد يكون العقاب تعزيراً أو أشد من ذلك. لأن رسوماته تسخر بالدين والعلماء». ويقول عروس إنه بعث برسالة إلى عامر عبر البريد الإلكتروني الأسبوع الماضي، ينصحه فيها بالتقيد بالمباح وعدم الاعتداء على العلماء والإسلام لأن فعل ذلك يُخرج الإنسان من الملة.
بيد أن وزير الإعلام الصومالي عبدالرحمن عمر عثمان قال إن الحكومة الصومالية تحترم مبدأ الحرية وليس لديها عضاضة في ما يصوّره عن الحكومة.
وتصل عامر رسائل تهديد كثيرة عبر بريده الإلكتروني - وفي شكل مزعج. إلا أن معجبيه كثيرون ككثرة هذه الرسائل. ويقول إسماعيل معلم أحمد، وهو لاجئ صومالي يعيش في العاصمة الكينية ل «الحياة»: «أؤيده (عامر) وأحب رسوماته لأنها تعبّر عن الواقع على الأرض».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.