ما زالت الأوضاع غير مستقرة في جامعة البوسفور، إحدى أشهر جامعات مدينة إسطنبول التركية، إذ يجول رجال الأمن حولها متأهبين لمواجهة احتمال تجدد التظاهرات في حرمها ضد تعيين الرئيس رجب طيب أردوغان عميداً جديداً لها هو محمد أوزكان، خلفاً لغولاي بربروس أوغلو التي كانت فازت في انتخابات رئاسة الجامعة وتتمتع بشعبية كبيرة. وعارض أردوغان تعيين بربروس أوغلو، المعروفة بمواقفها الليبرالية، عميداً للجامعة طوال تسعة أشهر، ثم اختار العميد الجديد مستفيداً من إصدار الحكومة مطلع الشهر الجاري قانوناً جديداً استند إلى سلطة فرض الطوارئ إثر الانقلاب الفاشل في 15 تموز (يوليو) الماضي، وألغى عرف تنظيم انتخابات داخلية في الجامعة، مع منح الرئيس حق تعيين العميد. ووقع خياره على الأستاذ أوزكان الذي لم يخض الانتخابات الداخلية، وهو شقيق نائبة في حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، ما تسبب في اندلاع تظاهرات غاضبة داخل الحرم الجامعي استمرت أسبوعاً. وخلال اجتماع للجمعية البرلمانية للحلف الأطلسي (ناتو) في اسطنبول، حض اردوغان الدول الغربية على دعم انقرة في تصديها ل «حزب العمال الكردستاني» وتنظيم «داعش»، متهماً الأوروبيين بالسماح لمتمردي «الكردستاني» بالتحرك بحرية على اراضيهم. ومنعت السلطات عشرة نواب أوروبيين ينتمون الى الحزب الاشتراكي الأوروبي برئاسة البلغاري سيرغي ستانيشيف من لقاء زعيم حزب «الشعوب الديموقراطي» الموالي للأكراد صلاح الدين دميرطاش، الموقوف في سجن أدرنة (شمال غرب) في اطار تحقيق حول «الإرهاب». وفي محافظة ماردين (جنوب شرق) ذات الغالبية الكردية، أوقف رئيسا بلديتين، هما أحمد تورك وأمين أرناك، بتهمة الارتباط «بالإرهاب»، في سلسلة اعتقالات استهدفت رؤساء بلديات ومسؤولين منتخبين مناصرين للأكراد. وفيما يرفض طلاب وأعضاء كثيرون في هيئة التدريس الحل القادم من القصر الرئاسي لإنهاء أزمة تعيين عميد جامعة البوسفور التي طالت تسعة أشهر، لا تعتبر الأزمة جديدة لأن نظام تعيين العمداء وضعه انقلابيو العسكر في دستور عام 1982 في سبيل السيطرة سياسياً على الجامعات التي كانت مسرحاً لمشاحنات قوية بين اليسار واليمين والإسلاميين سابقاً. ووفق دستور 1982، ينتخب أساتذة الجامعة ثلاثة مرشحين، ثم تقدم وزارة التعليم العالي أسماء الفائزين ليختار الرئيس أحدهم ويعينه، وهي آلية تسمح بتجاوز الرئيس المرشح الأكثر شعبية، واختيار أقرب المرشحين للخط السياسي للدولة أو الحكومة بغض النظر عن ترتيبه في نتائج الانتخابات. وواجه الرئيس أردوغان انتقادات عدة لتجنبه عادة تعيين الفائز الأول في الانتخابات الجامعية، واختياره المرشح الأقل شعبية لقربه من خط الحزب الحاكم. لكن جامعة البوسفور بقيت عصية على هذا القانون طوال 9 أشهر، إذ إن المرشحين الثلاثة لرئاستها ينتمون إلى خط سياسي معارض للحكومة، كما أعلن مرشحان رفضهما مسبقاً أي تعيين «لأنه يخالف قواعد الديموقراطية التي تتحلى بها الجامعة، خصوصاً أن الأستاذة غولاي بربروس أوغلو فازت بالمرتبة الأولى في الانتخابات بنسبة 86 في المئة من الأصوات، ما يجعلها نتيجة لا يمكن تحديها وفق رأيهما. وتتهم المعارضة أردوغان بمحاولة السيطرة على الجامعات للحد من شعبية أحزاب المعارضة بين الطلاب ودورهم السياسي، خصوصاً بعدما شكل الطلاب غالبية المشاركين في تظاهرات حديقة «غازي بارك» في إسطنبول عام 2013. في المقابل، يدافع الحزب الحاكم عن القانون الجديد، ويقول إن «الانتخابات الجامعية تؤجج الخلافات السياسية بين هيئة التدريس، وتخرج الجامعات من الجو الأكاديمي المطلوب، ما يجعل تعيين عميد من دون انتخابات أفضل وسيلة لمنع الخلافات السياسية داخل الجامعات».