لا تتوقف مسيرة الإبداع البشري عند فقدان إحدى الحواس، فكانت أمثلة الإبداع حاضرة لذوي الاحتياجات الخاصة في كل المحافل، إلا أن المواطن عبدالله الشايب والمكنى ب«أبي الأمين» حالة استثنائية. إذ فقد بصره وهو في السنة الأولى من عمره بعد أن أصيب بداء الجدري، كما توفي والده وهو في ال14 من عمره، ليزاول بعض المهن باكراً لمساعدة عائلته. عمل الشايب في رعي الأغنام، كما فتح بقالة صغيرة ليعيل نفسه وعائلته، وعلى رغم قساوة ظروفه المعيشية لم يتنازل عن حلمه وحقه في التعليم، إذ التحق بمعهد التعليم وتخرج فيه عام 1391، ليبدأ مسيرته في مشوار التعليم، ويكون عوناً لأبناء مدينته الأحساء، التي لم يكن عالة عليها يوماً ما. ويتميز «أبو الأمين» عن أقرانه بقدرات عدة، منها معرفته الجيدة بقراءات القرآن الكريم، وكتابته له بلغة «برايل»، كما أنه ذو صوت شجي جميل في التلاوة، ولديه مكتبة خاصة تضم مجموعة قيمة من الكتب، إضافة لقدرته على حلاقة ذقنه من دون الاستعانة بأحد، وتمييزه لأنواع العلب من خلال ملمس الوعاء الخارجي، كما أنه يصنع أدوات تنظيف الأرضيات، ومكانس تنظيف الشبابيك، وعسافات السقوف، وأدوات تنظيف دورة المياه، وتعليمه هذه الحرف لذوي الاحتياجات الخاصة بهدف تمكينهم من إعالة أنفسهم. كبر الشايب في السن، وما يعانيه من صعوبات بسبب إعاقته لم تحل بينه وبين مواكبته للتقنية، فهو يستخدم جوالاً حديثاً، ويتصفح الشبكة العنكبوتية بمهارة، إذ يقوم بتنزيل الكتب للاستماع إليها، ويستخدم تطبيق «واتساب»، ويتواصل مع أبنائه التسعة من خلاله، وكذلك زملائه وأصدقائه، إذ يحظى بشعبية كبيرة في محافظة العمران شرق الأحساء. يذكر أن ما كشف عنه الشايب، خلال الجلسة «سبتية إضاءات» بالمنصورة، والتي يعقدها عضو المجلس البلدي السابق علي السلطان ويركز فيها على استضافة الحرفيين، تشجيع لملف الأحساء المبدعة في شبكة «يونيسكو»، إذ يحضرها عدد من الوجهاء والمهتمين والإعلاميين.