بعد عشرة أيام من انتخابه رئيساً للولايات المتحدة، برز حضور عائلة دونالد ترامب في اجتماعاته خلال المرحلة الانتقالية، ما أثار التساؤلات في شأن تضارب المصالح وانعدام الخبرة لدى الدائرة الضيقة المحيطة بالرئيس الجمهوري المقبل. وأثارت الصور الرسمية للاجتماع الأول للرئيس المنتخب مع زعيم أجنبي الخميس، وابلاً من الانتقادات، والصور تظهر ايفانكا ترامب في لقاء والدها مع رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي، الى جانب زوجها رجل الأعمال غاريد كوشنر وهما يتحادثان ويضحكان مع وفد آبي في «برج ترامب». وكتب مات اورتيغا، من فريق حملة المرشحة الديموقراطية السابقة هيلاري كلينتون على «تويتر»، أن «تضارب المصالح هو أقل ما يقال عن الواقع الفعلي». وبدأت تكهنات حول دور لكوشنر، رجل الأعمال وصهر ترامب، في تشكيل الإدارة الجمهورية تثير تساؤلات بعد أن ذكرت تقارير هذا الأسبوع أنه يمسك بالخيوط في العملية. وأوردت تقارير نفاها ترامب فيما بعد، أنه قدم طلباً في شأن السماح لكوشنر بالاطلاع على معلومات سرية والمشاركة في التقارير اليومية السرية التي ترفع للرئيس. والخميس، نقلت «نيويورك تايمز» عن مصادر لم تسمها، أن كوشنر اتصل بمحام للبحث عن سبيل لمشاركته في إدارة والد زوجته، من دون انتهاك القانون الذي يمنع محاباة الأقارب. والخلط بين العائلة والسياسة له محاذير قانونية في الولاياتالمتحدة. وفيما يقول ترامب أن أبناءه وجميعهم ضمن فريقه الانتقالي، لن يلعبوا دوراً رسمياً في الإدارة، إلا أنه يخطط لكي يستمروا في إدارة أعماله، ما يتسبب وفق مراقبين في العديد من احتمالات تضارب المصالح. وفي أول ظهور تلفزيوني لها الى جانب الرئيس المنتخب في مقابلة بثت في ساعات ذروة المشاهدة، كادت ايفانكا ترامب تتسبب في فضيحة، بعدما روجت شركة موضة تملكها لسوار ذهبي بسعر 10 آلاف دولار كانت ترتديه في المقابلة. ويعتقد كثيرون أن ترامب يرتكب خطأ بالسماح لأسرته بالظهور بهذا الحجم، حتى قبل توليه مهامه رسمياً، وقبل أن ينتهي من تشكيل فريق مؤهل يحيط به. ولم يخف خبراء دهشتهم من أن ترامب لم يستشر وزارة الخارجية قبل لقائه رئيس وزراء اليابان التي تعد من أقرب حلفاء واشنطن، حتى أن ايفانكا وكوشنر كانا موجودين معه. وفي الجو المتوتر الذي أعقب انتخاب ترامب، وسط حملة شعبوية أثارت انقسامات، «فإن ذلك لا يساعد الشعب الأميركي على الإحساس بالارتياح». في غضون ذلك، نقل عن مايكل فلين مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي المنتخب أنه سيتم إعطاء البرنامج النووي لكوريا الشمالية أولوية قصوى، في ظل الإدارة الأميركية الجديدة وذلك كما قال مسؤول كوري جنوبي أجرى محادثات معه أمس. ونقل تشو تاي - يونغ نائب مستشار الأمن القومي للرئاسة الكورية الجنوبية عن فلين وهو أحد أوثق حلفاء ترامب، قوله أيضاً أنه سيعمل على تعزيز التحالف الأميركي مع كوريا الجنوبية ووصف هذه العلاقة بأنها»حيوية». الإقامة في نيويورك؟ على صعيد آخر، أبدى رئيس بلدية نيويورك بيل دي بلازيو ومسؤولون في المدينة مخاوفهم من أن يقرر ترامب عدم الانتقال للإقامة في البيت الأبيض والبقاء في مسكنه في «برج ترامب». أتى ذلك في معرض تذمر مسؤولي المدينة من الإجراءات الأمنية المشددة التي اضطروا لاتخاذها لحماية الرئيس المنتخب. والثري الجمهوري الذي لطالما أقام في نيويورك، بالكاد بارح برجه الواقع في حي مانهاتن منذ انتخابه رئيساً للولايات المتحدة في 8 الشهر الجاري. ويمضي معظم وقته مع أسرته ومستشاريه في البرج الواقع في وسط مانهاتن، أحد أكثر أحياء البلاد اكتظاظاً، وتحديداً في الجادة الخامسة التي لا تبعد كثيراً عن متنزه «سنترال بارك». وقال دي بلازيو: «لم يسبق لنا أن شهدنا حالاً مماثلة في نيويورك». ومع أن رئيس البلدية لم يكشف بالتفصيل عن حجم الإجراءات الأمنية المشددة التي استدعاها وجود الرئيس المنتخب في أكبر مدينة أميركية على الإطلاق، إلا أنه أكد أن هذه الإجراءات هي حتماً أضخم من تلك التي تتخذ سنوياً خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة. ونيويورك التي تعيش منذ اعتداءات الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) 2001 على وقع التهديدات الإرهابية، تستضيف في كل خريف العشرات من رؤساء الدول والحكومات الذين يشاركون في اجتماعات الجمعية العامة. وككل عام، تستعد السلطات النيويوركية لتعزيز إجراءاتها الأمنية مع اقتراب عيدي الميلاد ورأس السنة، ولكنها هذا العام مضطرة لاتخاذ مزيد من الإجراءات بسبب إقامة ترامب في برجه، حيث حركة المرور ممنوعة في محيطه. ووفق دي بلازيو فإن سلطات المدينة تتوقع أن يبقى ترامب في مانهاتن خلال «الأيام ال65 المتبقية» على تسلمه منصبه في 20 كانون الثاني (يناير) في واشنطن. وقال رئيس البلدية: «أعتقد أنه يتعين على الرئيس أولاً أن يتسلم مهامه وأن يجرب البيت الأبيض قبل أن يتخذ القرار المناسب له ولأسرته. عندما سيتولى مهامه الرئاسية سيكون مضطراً لأن يكون موجوداً تكراراً في واشنطن وأن يدير أوضاعاً لا يمكن أن تدار إلا من البيت الأبيض. ولكن لا يجوز إصدار حكم مسبق». وبمعزل عن القرار الذي سيتخذه ترامب، فإن دي بلازيو لم يخف عزمه على مطالبة الحكومة الفيديرالية بأن تدفع لشرطة المدينة كلفة الإجراءات الأمنية الإضافية التي تتكبدها نتيجة إقامة الرئيس المنتخب فيها. وإضافة الى تكاليف عناصر قوات الشرطة ووحدات مكافحة الإرهاب المنتشرين على مدار الساعة حول «برج ترامب»، أثار دي بلازيو أيضاً مسألة الأرباح الفائتة التي تتكبدها المتاجر المجاورة لمقر إقامة الرئيس المنتخب نتيجة زحمة السير والتظاهرات الاحتجاجية التي تنظم بصورة متكررة أمام ناطحة السحاب حيث يقيم. ترامب يسوي شكوى باهظة من جهة أخرى، وافق ترامب على دفع 25 مليون دولار لتفادي محاكمة في قضية احتيال تتعلق ب «جامعة ترامب» المغلقة حالياً، في تحول في موقف الرئيس الأميركي المنتخب بعدما تعهد عدم الدخول في أي تسوية في هذا الملف. وأعلن المدعي العام في نيويورك اريك شنايدرمان أن «هذه التسوية لقاء 25 مليون دولار تمثل تراجعاً مذهلاً من جانب دونالد ترامب ونصراً كبيراً لأكثر من ستة آلاف ضحية لجامعته الاحتيالية». وكان شنايدرمان باشر ملاحقات عام 2013، بموازاة شكاوى جماعية قدمت في كاليفورنيا عام 2010. والى التعويضات التي يترتب تسديدها ل «طلابه» السابقين، يتحتم على ترامب دفع غرامة قدرها مليون دولار لانتهاكه التشريعات الخاصة بالتعليم.