عادت المطالب بإنشاء جمعيات تعاونية تطفو على السطح كحل جذري يكبح ارتفاع الأسعار، خصوصاً بعد أن شهدت أسعار السلع الغذائية ارتفاعات ملاحظة في الآونة الأخيرة، فيما وصف مستثمر في المواد الغذائية ارتفاع أسعار المواد الغذائية على رغم انخفاضها خارجياً بأنها «فوضى خلاقة» فرضها بعض التجار. وأتى ارتفاع الأسعار ليشمل المواد الغذائية كافة، وبشكل اعتبره متخصصون «ممنهجاً»، تم اتخاذ تدابيره على المدى الطويل، لمغافلة المستهلكين وتجنب حملات التشهير والمقاطعة. وبحسب آخر تقارير مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات سجلت المواد الغذائية ارتفاعاً بلغت نسبته 4.6 في المئة، متأثراً بالارتفاع الذي سجلته مجموعة من الأغذية. وقال رئيس جمعية حماية المستهلك الدكتور ناصر التويم ل«الحياة»، إن الفترة المقبلة مع قرب حلول شهر رمضان ستكون فرصة لبعض التجار لتصريف بعض البضائع المخزنة، التي قاربت صلاحيتها على الانتهاء، ورفع أسعار السلع الموسمية كبعض أنواع الرز والحساء والعصائر. وأشار التويم إلى أن الجمعية أطلقت حملات توعية عدة لتنبيه المستهلكين لشراء حاجاتهم قبل وقت كاف وفحص صلاحية السلع، والإبلاغ عن المخالف منها، موضحاً أن الجمعية تقوم بعمليات رصد الأسعار، وتجري مقارنات مع الدول المجاورة، لبحث وسائل نجاحهم في إيقاف عمليات الرفع التدريجي للسعر من دون أسباب واضحة. وحول تساوي أسعار السلع في المملكة مع الدول المجاورة لها مثل قطر والإمارات على رغم أن تجار الدول المجاورة يدفعون ضرائب وتكاليف، قال التويم: «الجمعيات التعاونية حل جذري للتلاعب»، مضيفاً: «رصدنا الأسعار في الدول المجاورة، وعلى رغم انخفاض التكاليف في المملكة وحجم الكميات المستوردة التي تكون بسعر أقل، إلا أن الأسعار في ارتفاع، ما يدل على ممارسات غير نظامية، والحل يكمن في الجمعيات التعاونية وفي تثبيت الأسعار». وكشف التويم عن فشل مبادرة سبق وأن أطلقتها وزارة التجارة بالتعاون مع الجمعية لتثبيت الأسعار، وقال إنها «فشلت باكراً لعدم التزام التجار بها»، مؤكداً أن الجمعية سجلت ملاحظات على رفع أسعار بعض السلع بأكثر من 200 في المئة، على رغم انخفاضها من المصدر. وطالب بتحويل مجلس الجمعيات التعاونية لهيئة عامة للتعاونيات، وإنشاء بنك تعاوني وشركة تعاونية عامة، لتكون هناك أذرع تنظيمية ومالية واستثمارية تدعم الاقتصاد التعاوني في المملكة، مبيناً أن نجاح هذه التجربة في عدد من دول العالم يدعو إلى سرعة الإقدام على إنشاء الجمعيات ودعمها. ووصف تجربة الجمعيات بأنها مفيدة، إذ تقدم الدولة أراضي للجمعية وتسهيلات جمركية وخفض في كلفة الخدمات اللوجستية، لتحقق هذه الجمعيات الفائدة المرجوة منها. وعن أي أدوار ربما يشكلها التجار كوسيلة ضغط لمحاربة الجمعيات، قال التويم: «ربما يحدث هذا، ولكن لو أسهم التجار في تأسيسها سيحصلون على تخفيضات كبيرة في حجم المواد المستوردة». واستشهد التويم بمفاهمة كانت ستبرم في وقت لاحق مع إدارة الجمعيات التعاونية الصينية، وكانت ستمنح الجمعيات التعاونية السعودية خفضاً يبلغ 20 في المئة على أية مواد استهلاكية مستوردة من الصين، مؤكداً أن كثيراً من الدول سترحب بمثل هذه الاتفاقات ما سيخفض الأسعار بشكل مباشر. من جهته، قال المستثمر في المواد الغذائية عبدالله الأحمد إن كل السلع الغذائية ارتفعت أسعارها وخصوصاً السلع الأساسية، وبعضها شهد تضاعف أسعارها مثل الرز والسكر والحليب سواء المحلي أم المستورد. وقال الأحمد في حديثه إلى «الحياة» إن قطاع التجزئة والمواد الغذائية شهد محاولات لسعودة القطاع، وهي لمصلحة الشباب وللمجتمع عموماً، إلا أن الشباب لم يهيأوا للعمل في هذا القطاع، وحتى وإن تعلل بعض التجار بأن السعودة رفعت التكاليف، إلا أن هذه الأعذار واهية وغير صحيحة، في مقابل الأرباح الجيدة في القطاع. وأفصح الأحمد عن انخفاض أسعار بعض السلع من المصدر المنتج، وبالتالي انخفاض أسعارها في كل الدول ما عدا السوق السعودية، إذ ما زالت تواصل الأسعار الارتفاع. وأضاف: «من المفترض أن تهبط الأسعار، إذ زاد المعروض، ولا ننس أن أكثر من مليون شخص من مخالفي نظام الإقامة تم ترحيلهم خلال الفترة الماضية، لذلك انخفضت نسبة السكان برقم لا يستهان به، ومع ذلك ترتفع الأسعار، ونحن كتجار في قطاع التجزئة يفرض علينا تجار الجملة أسعاراً نعلم علم اليقين أنها مبالغ فيها، وترتفع تدريجياً حتى لا يلاحظ المستهلك تلك الارتفاعات، وما يحدث فوضى خلاقة من متلاعبين بالسوق».