بعد ولايتين لباراك أوباما، الذي أثار انتخابه كأول رئيس أسود موجة آمال كبرى في أميركا، فاز الجمهوري دونالد ترامب على منافسته الديموقراطية هيلاري كلينتون محبطاً آمالها في أن تصبح أول امرأة تتولى الرئاسة في الولاياتالمتحدة. شكل فوز ترامب مفاجأة وصفعة للديموقراطيين لكنه سارع إلى الدعوة إلى «تضميد جراح الانقسام». وتوالت ردود الفعل المهنئة لترامب من مختلف أنحاء العالم، خصوصاً من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي راهن على تحسن العلاقات بين القطبين. واشنطن - «الحياة»، أ ب، رويترز، أ ف ب - انتخب مرشح الجمهوريين دونالد ترامب الرئيس ال 45 للولايات المتحدة، بعد فوزه بأصوات 290 من كبار الناخبين من أصل 270 صوتاً كان يحتاجها للوصول إلى البيت الأبيض في مقابل 218 لمنافسته الديموقراطية هيلاري كلينتون. وحقق الجمهوريون فوزاً كبيراً مكنهم من استعادة الغالبية في الكونغرس بنتيجة الانتخابات التي جرت الثلثاء، ليصبح ترامب الذي يتسلم منصبه رسمياً في 20 كانون الثاني (يناير) المقبل، حاكماً بلا منازع لا يلقى معارضة تذكر لمشاريعه التي وعد بتنفيذها لدى وصوله إلى البيت الأبيض. وفور إعلان النتيجة، اتصل الرئيس الأميركي باراك أوباما بالرئيس المنتخب هاتفياً وهنأه بفوزه ودعاه إلى البيت الأبيض لإجراء محادثات اليوم، تتعلق بإجراءات نقل السلطة. كما اتصل أوباما بالمرشحة الديموقراطية الخاسرة هيلاري كلينتون وأعرب لها عن «إعجابه بالحملة الانتخابية التي قامت بها في أنحاء البلاد»، كما أفاد الناطق باسم البيت الأبيض جوش إيرنست. وألقى أوباما كلمة لاحقاً حول نتائج الانتخابات التي أثارت صدمة في أميركا والأسواق العالمية، مشيراً إلى أنه يعتزم أن يناقش مع ترامب الانتقال الرئاسي و «الخطوات التي يمكن أن نتخذها كبلد للعمل معاً بعد هذا الموسم الانتخابي الصعب». وقال إيرنست إن «ضمان الانتقال السلس للسلطة هو من أهم أولويات الرئيس التي حددها في بداية العام، واللقاء مع الرئيس المنتخب هو الخطوة التالية». وقالت مديرة حملة ترامب كيليان كونواي إن المحادثة بين أوباما وترامب كانت «دافئة للغاية». وقالت كونواي لشبكة «إن بي سي» إن ترامب «تلقى التهنئة. وأعتقد بأنهما عازمان على العمل معاً». وأحدث فوز ترامب رجل الأعمال الثري والشعبوي الذي لا يملك أي خبرة سياسية، زلزالاً غير مسبوق أغرق الولاياتالمتحدة والعالم في مرحلة غموض قصوى. وشكل فوزه صفعة أليمة لأوباما الذي وضع كل ثقله من أجل دعم ترشيح وزيرة خارجيته السابقة. وبدا أن وصول ترامب إلى الرئاسة يعني أن أوباما المعروف بثقافته وهدوئه ومنطقه والذي كان دعا دوماً وفي شكل صريح إلى التفاؤل وعدم الرضوخ للإحباط، لم يحسن قراءة شريحة كاملة من الأميركيين، ولم يدرك مخاوفهم وهواجسهم. وهو لم يحس ب «أميركا الأخرى»، أميركا البيض الذين وجدوا أنفسهم مهمشين إزاء زوبعة عولمة تخيفهم ومجتمع يتطور بوتيرة سريعة جداً لا يمكنهم التكيف معها. وثمة تعارض كبير بين أوباما الجامعي الذي يميل إلى عرض حجج مطولة ومترابطة في شكل منطقي إلى حد الإسراف، وهو معروف بخطاباته المكتوبة بإتقان وبراعة، وبين ترامب رجل الأعمال صاحب الأطباع النزقة وأسلوب يقوم على الصيغ القصيرة العدائية في غالب الأحيان والبذيئة أحياناً. وردّد أوباما في الأسابيع الأخيرة التي شارك خلالها في الحملة «الديموقراطية نفسها على المحك»، عارضاً سلسلة من الحجج اللاذعة ضد المرشح الجمهوري. وأعتبر أن «اللياقة على المحك في هذه الانتخابات. التسامح على المحك. اللباقة على المحك. النزاهة على المحك. المساواة على المحك. اللطافة على المحك». ويمكن الرئيس الديموقراطي الذي ينهي ولايته بشعبية هائلة، أن يتساءل على المدى القريب ما الذي سيبقى من حصيلة أدائه بعد دخول ترامب إلى البيت الأبيض. ووعد الرئيس المنتخب في شكل واضح وصريح بإلغاء معظم الإصلاحات أو المشاريع التي تشكل أبرز إنجازات أوباما: إصلاح الضمان الصحي المعروف بنظام «أوباماكير»، مكافحة التغيير المناخي وقد تعهد ترامب ب «إلغاء» اتفاقية باريس الموقعة في نهاية 2015، والشراكة الاقتصادية الإستراتيجية عبر المحيط الهادئ. واستمرت الحملة الانتخابية 18 شهراً وأدّت إلى انقسام شديد في الولاياتالمتحدة وفاجأت العالم بمدى ابتذالها وضراوتها. ويرى أكثر من 60 في المئة من الأميركيين أن دونالد ترامب لا يتمتع بالطباع المناسبة لكي يصبح رئيساً، لكنه نجح في الاستفادة من غضب وقلق قسم من الأميركيين. وفيما أقرّت كلينتون في اتصال هاتفي مع ترامب بهزيمتها، عبر مناصروها الذين كانوا يرتقبون النتائج في مركز «جافيتس» في نيويورك عن خيبة أمل شديدة. وفي حدث نظمته حملة كلينتون في مركز المؤتمرات على مسافة قليلة من الفندق الذي يتحدث فيه ترامب، خيمت أجواء قاتمة شيئاً فشياً بين أنصارها الذين كانوا يتوقعون الفوز. الرئيس المنتخب: آن الأوان لنضمد جروح الانقسام في أول ظهور له كرئيس منتخب للولايات المتحدة، خاطب دونالد ترامب مواطنيه من مقر حملته الانتخابية في نيويورك أمس، متعهداً بأن يكون «رئيساً لكل الأميركيين»، وبأن يقيم علاقات جيدة مع دول العالم. وقال ترامب فيما تحلق حوله أفراد عائلته ومسؤولي حملته وأنصاره المبتهجين، انه آن الأوان لتضمد أميركا جروح الانقسام التي سببتها حملة الانتخابات. وأضاف: «الوقت حان لنتحد كشعب واحد». كما تعهد ترامب بالعمل مع المجتمع الدولي للوصول إلى أرضية مشتركة مع خلال الشراكة وليس العداء والصراع، مؤكداً أن بلاده ستتعاون مع كل الدول التي تريد التعاون معها. وقال: «نضع المصلحة الأميركية أولاً، لكننا سنصل لأرضية مشتركة مع كل دول العالم». واستهل ترامب خطابه بالقول: «تلقيت للتو اتصالاً من وزيرة الخارجية كلينتون لتهنئتنا جميعاً»، مضيفاً: «لقد هنأتها ايضاً هي وعائلتها على هذه الحملة التي خاضتها بضراوة». وأكد أن الولاياتالمتحدة تشعر ب «الامتنان» لكلينتون عن خدماتها فهي «عملت لفترة طويلة وفي شكل حثيث». وقال ترامب: «سنبدأ العمل على الفور من أجل الشعب الأميركي وسنؤدي عملاً يكون، كما نأمل، مدعاة فخر لكم برئيسكم». وتعهد إصلاح البلاد وإعادة البنية التحتية، وخلق فرص عمل للملايين، كما تعهد العمل على مضاعفة النمو الاقتصادي. وقال: «أطلب من الجميع أن نعمل معاً لمصلحة الأمة الأميركية العظيمة»، مضيفاً: «لدينا قدرات هائلة، وسنحقق نجاحات رائعة معاً». ووجه الشكر لفريق العمل الذي عمل معه خلال الحملات الانتخابية، كما قدم الشكر لأفراد الأمن السري وقوات الشرطة. وفي تغريدة على «تويتر» الأولى له بعد انتخابه، أعاد ترامب التأكيد على ما قاله في خطاب النصر بعدم إغفال أي شخص. وكتب: «يا لها من أمسية رائعة ومهمة! إن الرجال والنساء المنسيين لن يبقوا كذلك بعد الآن، سنتحد كما لم يحصل سابقاً». وهذه الرسالة التصالحية من رجل الأعمال المعتاد على توجيه الانتقادات والهجمات اللاذعة من كل الأنواع على حسابه على «تويتر»، أعاد نشرها آلاف الأشخاص ونالت آلاف التعليقات الإيجابية. التحقيق مع كلينتون ما زال وارداً لم تستبعد كيليان كونواي مديرة الحملة الانتخابية للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب أمس، إمكان تعيين محقق خاص للتحقيق مع المرشحة الديموقراطية هيلاري كلينتون، في ما يتعلق بقضية بريدها الإلكتروني. وقالت كونواي إنها لم تناقش الأمر في الفترة الأخيرة مع ترامب، لكن حواراً بهذا الصدد سيجري «في الوقت المناسب.» وقالت كونواي في مقابلة مع تلفزيون «ام اس ان بي سي» إن ترامب ونائبه مايك بنس «يتطلعان إلى توحيد البلاد. لكننا لم نناقش هذا الأمر خلال الأيام الأخيرة. وأعتقد بأن لكل حادث حديثاً». كما قالت لتلفزيون «أي بي سي» إن ترامب لم يناقش الأمر مع كلينتون خلال اتصالها الهاتفي معه أمس. استفتاءات حول الحشيشة والاعدام والأجور على هامش الانتخابات الرئاسية والاشتراعية، صوت الأميركيون في استفتاءات شملت قضايا عدة، من حشيشة الكيف الى الأفلام الإباحية وعقوبة الإعدام والحد الأدنى للأجور. وأقرت كاليفورنيا وأريزونا ونيفادا وماساتشوستس استخدام الماريجوانا، فيما اتجهت فلوريدا وكاليفورنيا الى تشريع حشيشة الكيف. وشددت كاليفورنيا قوانين حيازة الأسلحة، لتشترط تحقيقاً في السوابق القضائية لأي شخص يريد شراء ذخائر. وتبنت ولاية نيفادا المجاورة قانوناً حول التدقيق في السوابق القضائية عند شراء اسلحة، ويبدو أن ولاية ماين الريفية في شمال شرقي البلاد، في طريقها لتبني قانون مماثل وفق النتائج الأولية للاستفتاءات على موقع «بالوتبيديا.كوم» المتخصص. اما الناخبون في ولاية واشنطن شمال شرقي الولاياتالمتحدة، فصوتوا على اجراء يسمح للمحاكم بمنع اي فرد يعتبر خطراً من حيازة سلاح ناري. الى ذلك، صوتت ثلاث ولايات على عقوبة الإعدام التي ادرجتها اوكلاهوما في دستورها، فيما اعادت نبراسكا العمل به. اما ناخبو كاليفورنيا فيفترض أن يصوتوا على إجراءين متناقضين، يهدف الأول إلى حظر عقوبة الإعدام ورفض بنسبة 55.4 في المئة من الأصوات وفق أرقام موقتة، فيما يهدف الثاني الى تسريع إجراءاته. وتضم هذه الولاية في الغرب الأميركي اكبر عدد من المحكومين الذين ينتظرون تنفيذ العقوبة فيهم ويبلغ عددهم 740. ومنذ 2006، لم تنفذ عقوبة الإعدام في اي محكوم بسبب خلافات على دستورية الحقن القاتلة. وشرّعت كولورادو اجراء يسمح بالانتحار بمساعدة طبية لمرضى في مراحل نهائية. وكان الموت الرحيم للمرضى الذين ليس لديهم سوى اشهر يعيشون مسموحاً به في كاليفورنيا وأوريغون ومونتانا وفيرمونت وولاية واشنطن. وفي ماين وأريزونا وكولورادو وولاية واشنطن، اقر رفع الحد الأدنى للأجور الى ما بين 12 و13.5 دولاراً للساعة. وفي ولايتي نيويورك وكاليفورنيا اقرت اجراءات برفعه الى 15 دولاراً بحلول 2022. وعلى المستوى الفيديرالي، يبلغ الحد الأدنى للأجور حالياً 7.25 دولار. في كاليفورنيا ومن بين المقترحات التي تم التصويت عليها، رفض الناخبون نصاً يفرض استخدام الواقي الذكري في الأفلام الإباحية. من جهة اخرى، ستصبح كاليفورنيا اول ولاية اميركية تمنع استخدام اكياس البلاستيك بعد ابرام اجراء اقره البرلمان في 2014 يمنع هذه الأكياس في المتاجر ومحلات البقالة ويفرض عشرة سنتات لكل كيس في محلات بيع المواد الغذائية. وكانت مدن ومناطق عدة في الولاية بينها سان فرانسيسكو ولوس انجليس فرضت منعاً من هذا النوع.