انتخابات على الأبواب؟ لجان إعلامية حكومية التشكيل لضمان حيادية الإعلام في التناول الانتخابي في القنوات الرسمية؟ اتفاق «جنتلمان» بين الحكومة وأصحاب القنوات الفضائية على اتباع الحيادية وعدم الميل لحزب على حساب آخر، أو لمرشح دون زميل له؟ إذن فالحيادية الإعلامية مسألة غير قابلة للمناقشة في الأصل، ليس لأنها مضمونة، لكن لأنها مستحيلة. الانتخابات البرلمانية على الأبواب. والحزب الحاكم يضع في بطنه «بطيخة صيفية» مضمونة الإحمرار والحلاوة. فعلى رغم أن الحزب، أي حزب، حتى لو كان حاكماً، هو تيار سياسي قابل للاستمرار في الحكم أو الابتعاد عنه، وذلك وفق ما يقرر الناخبون، إلا أن الجميع يعلم أن ذلك قد يكون حقيقة في كتب التربية الوطنية والتاريخ الحديث، وحصص التعبير. أما على أرض الواقع التلفزيوني فالأمر يختلف تماماً. فالحزب هو الدولة، والدولة هي الحكومة، والحكومة هي الوزراء، والوزراء هم لسان حال الحزب، ولسان حال الحزب تسمعه في إذاعة الدولة، وتراه في تلفزيون الدولة، وتقرأه في صحف الدولة، التي هي أدوات الحزب الإعلامية. إذن الحديث عن حيادية إعلامية في التغطية الحزبية الانتخابية في إعلام الدولة هو كلام جميل وكلام معقول ولكن مع وقف التنفيذ. والاتفاق المبرم بين أصحاب الفضائيات الخاصة ومسؤولي الإعلام في الدولة هو اتفاق «جنتلمان» فعلاً، لكن من قال ان ال «جنتلمان» لا يراوغ أو يداهن أو حتى يكذب؟! لكن الكذب المباشر الصريح لم يعد مناسباً لأصول اللعبة الانتخابية الإعلامية في الألفية الثالثة، فهناك الكثير من السبل والطرق للمداهنة تارة لكسب رضا الحكومة، والمراوغة أحياناً لضمان نسب مشاهدة عالية لن تلبث أن تنخفض إن اشتمّ المشاهد رائحة المداهنة تفوح أكثر مما ينبغي. لكن الساحة الإعلامية لم تكن كما كانت قبل سنوات، فهناك علاقات توأمة وأخرى للمصلحة تم إبرامها بين تيارات سياسية بعضها حزبي مباشر، والبعض الآخر يعكس انتماء سياسياً، أو فلنقل تعاطفاً يكنه أصحاب قنوات فضائية تجاه تيارات دون غيرها. ولذلك، فإن المتوقع هنا هو قدر كبير من الحراك السياسي الانتخابي غير المعتاد. فمثلاً على سبيل المثال لا الحصر، لو كان رئيس حزب سياسي ينافس على عدد غير قليل من مقاعد البرلمان وتصادف أنه في الوقت نفسه يملك ويرأس باقة من القنوات الفضائية الخاصة التي تقدم ضمن ما تقدمه برامج سياسية و«توك شو» باتت هي وغيرها تشكل الوعي السياسي لدى الكثيرين، الذي يشكلون في الوقت نفسه الأصوات الانتخابية المتوقعة، هل يتوقع منه التزام الحياد الكامل؟ المحطات التلفزيونية العربية صارت شغلاً شاغلاً للانتخابات العربية. حتى في الحالات التي تكون فيها النتائج مضمونة ومدروسة مسبقاً، فإن سمعة الدول ونظمها ال «ديموقراطية»، ونزاهتها الانتخابية تصبح على المحك بعد تداول التفاصيل عبر الفضائيات، عربية كانت أو أجنبية. ولذلك، فإنه حتى في حال ظهرت العملية الانتخابية على خير ما يرام على تلفزيون الدولة، ليست هناك ضمانات لظهورها بالشكل نفسه على بقية المحطات.