تشهد بلدة عرسال اللبنانية الحدودية مع سورية والتي تحتضن وحدها حوالى 150 الف نازح سوري من منطقة القلمون السورية هرباً من الحرب الدائرة، حركة عودة يومية لعائلات بلغ مجموعها 150 اي نحو 2500 فرد. فهل إن اعادة الجيش السوري السيطرة على المنطقة تباعاً تعني ان العودة اليها باتت متاحة وكأن شيئاً لم يكن؟ ولماذا عادت عشرات العائلات والى اين وبأي طريقة؟ تقول مصادر معنية بأوضاع النازحين في عرسال ان صفقات يومية تجرى مع عائلات غير محسوبة على المعارضة كانت هربت خوفاً من الحرب من فليطا وجريجير وسحل على سبيل المثال لا الحصر، لإقناعها بالعودة الى بلدات لم تتعرض الى التدمير وتحديداً بلدة جريجير. وتجرى عملية العودة بمواكبة امنية لبنانية رسمية وأخرى حزبية. فالخروج من عرسال من دون اوراق ثبوتية سورية ومع أمتعة وسيارات كانت دخلت الاراضي اللبنانية بشكل غير قانوني وربما من دون اوراق، محفوف بعلامات استفهام وتحقيقات لا تنتهي، لكن السيارات التي غادرت عرسال قبل ايام توقفت في اللبوة ورفعت عليها رايات «حزب الله» ثم دخلت الاراضي السورية من معابر غير شرعية ايضاً في منطقة الهرمل، اي منطقة لبنانية السيطرة فيها ل «حزب الله». وتردد ان المواكبة لهذه العائلات تواصلت داخل الاراضي السورية حفاظاً على سلامة العائدين وايصالهم الى حيث تنص اتفاقات العودة. وتشير المصادر الى ان الهدف من اعادة الناس اظهار الوضع في القلمون على انه يعود الى طبيعته وأن المدن والبلدات ليست خالية من البشر كما تظهر رسائل المراسلين التلفزيونيين من المناطق المستعادة، «وقد نشهد مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية باصات محمّلة بهؤلاء العائدين امام صناديق الاقتراع يصوتون للرئيس السوري بشار الأسد في محاولة للإيحاء بأن الرأي العام السوري كله مع الأسد ضد الارهابيين على رغم كل التهجير والتدمير والنزوح الذي حصل». وتلفت المصادر الى ان النظام السوري باستعادته منطقة القلمون امّن «دولة» تمتد من الشام مروراً بالقلمون وحمص وصولاً الى طرطوس يحمي ظهرها «حزب الله»، ليتبلور لاحقاً مصير المناطق الاخرى على وقع المعارك الجارية، خصوصاً ان السيطرة لا تشمل الجرود الوعرة والتي يمكن ان يكون المسلحون في المعارضة احتموا فيها، وبالتالي مصير سورية وهي مسألة قد تطول. وتتوقف في هذا السياق، عند تعمد قصف امانة السجل العقاري في حمص، وتقول: «مسألة «الدولة ليست تنظيراً انما يمكن رصدها على ارض الواقع، النازحون يتحدثون عن عمليات جرف معالم عقارية ودمج عقارات ولا سيما في القصير وحمص اللتين تعتبران مناطق ماء وخير»، وتوضح انهم «قلعوا الشجر وغيروا معالم العقارات ووزعوا أناساً ليسوا من اصحابها عليها». وفي مقابل هذه العودة، تشهد عرسال المزيد من النزوح وهذه المرة من الطفيل اللبنانية التي تقع وراء السلسلة الشرقية والمتداخلة ضمن الاراضي السورية، وكان القصف الذي استهدفها اخيراً أجبر من نزح اليها كنقطة تهجير ثانية او ثالثة على النزوح منها مرة جديدة سالكاً الجرود الى عرسال. ووصل الى البلدة الحدودية امس، نحو 120 عائلة على دفعات وبعضها عائلات غير مكتملة سلكت بسياراتها 85 كلم في الجبال الوعرة لمدة تتراوح ما بين 7 و9 ساعات وحطت في عرسال بحال مزرية. على وقع غارات سورية للجرود.